| القاهرة - من أغاريد مصطفى |
بين متاهات الحياة ومتاعب الناس قصص وحكايات تقترب في غرابتها من حد الخيال.. وبين النساء من تضطرهن الظروف إلى اقتحام عالم الرجال، وامتهان مهنهم، والمصرية أم محمود، هكذا يطلقون عليها نسبة إلى ابنها الكبير.
واحدة من هؤلاء... عجزت عن إيجاد عمل يناسبها كامرأة، فاقتحمت مهنة ظلت حكرا على الرجال منذ ظهورها، وهي مهنة «القهوجي»، لتصبح أشهر «قهوجية» في القاهرة... تؤدي عملها، الغريب على المرأة، بكفاءة ونجاح بدءا من إعداد القهوة والشاي وغيرهما من المشروبات، وتقديمها للزبائن، وانتهاء بتقديم «الشيشة» لمن يطلبها.
أم محمود تروي قصتها لـ «الراي»: «كان عمري «13» عاما عندما بدأت العمل في المقهى الذي يمتلكه والدي، ولسنوات طويلة تدربت على أعمال المقاهي حتى أتقنتها تماماً، وأصبحت أجيد إعداد جميع أنواع المشروبات، وحتى «رصّ المعسل» على الشيشة».
وأشارت إلى أنها بعد أن تزوجت ظلت تمارس عملها الغريب بكل جدية ونجاح، وعندما وجهت إليها بعض الانتقادات حاولت أن تغير نشاطها، ولكنها فشلت في الحصول على عمل يناسبها، فعادت إلى المقهى الذي ورثته عن والدها وتفرغت لإدارته.
وقالت: «شعرت بالوحدة بعد وفاة والدي، وحدثت مشاكل بيني وبين زوجي وانتهت بالطلاق، ولكنني تغلبت على كل هذه الظروف، وخرجت بالمقهى إلى بر الأمان بعد أن ظن الجميع أنني امرأة ضعيفة، ولن أتحمل مهنة كهذه.
ولفتت إلى أنها واجهت صعوبات أخرى تمثلت في محاربة بعض الرجال لها، وتعمدهم مضايقتها بتشويه سمعة المقهى، لإبعاد «الزبائن» عنه، غير أنها تصدت لهذه المحاولات بكل قوة وحسم، ما أثار إعجاب الكثيرين بها، وأوضحت أن المقهى يعمل به «3» عمال بالتناوب بحيث يظل مفتوحا طوال الـ «24» ساعة.
أم محمود استطردت قائلة: «تفوقت على الرجال في مهنة القهوجي، خاصة في «رص المعسل»، فالعامل يرص «30» حجرا كحد أقصى في اليوم، أما أنا فأرص ما يجاوز الـ «50»، ولي زبائن يحضرون خصيصا لشرب الشاي والقهوة من يد أم محمود، وبعضهم لا يدخنون «الشيشة»، إلا إذا قدمتها لهم بنفسي، ومعظم زبائني من المثقفين وأصحاب المراكز المرموقة بينهم صحافيون وأطباء، ومهندسون وغيرهم.
وأوضحت أنها طورت نشاطها ووسعته، وأصبحت الآن تدير «3» مقاه، 2 في القاهرة، وثالث في الجيزة، وتتمنى أن تفتتح المزيد منها.
أما جارتها الحاجة رضا محمد فأكدت أن «أم محمود» سيدة قوية، ذات سمعة طيبة، وتهتم بنظافة المقهى الذي تديره، وتتحمل المسؤولية بكل قوة، رغم أنها أم لـ «5» أبناء.
أحد زبائن المقهى ويدعى حسن علي، قال: أم محمود ست بـ «10» رجال، ولا تجد حرجا من عملها كـ «قهوجية» في سبيل توفير الحياة الكريمة لصغارها.