في تطور جديد لأزمة فيلم «المسيح العربي» للسوري محمد عزيزية بعثت الكنيسة الأرثوذكسية المصرية خطابا للرئيس السوري بشار الأسد تطلب فيها وقف تصوير الفيلم لحين عرضه على لجنة مشتركة من رجال الدين المسيحي والإسلامي لإقراره قبل عرضه .مصادر مقربة من بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية البابا شنودة قالت لـ «الراي»: «إن قداسة البابا مهتم إلى حد كبير بالموضوع الذي لا يخلو حتى الآن من إمكانية إحداث فتنة بين المسلمين والمسيحيين».وأشارت المصادر نفسها إلى «أن الفيلم بشكله الحالي يهدم العقيدة المسيحية، الأمر الذي يجب التفاهم بشأنه قبل تصويره».من جهته، أكد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الجهة التي يخول لها القانون المصري سلطة إعطاء تصاريح الأعمال الدرامية التي تحتوي على نصوص دينية الدكتور إبراهيم الفيومي أن «المجمع سيرفض السيناريو حالة عرضه عليه، بسبب قرار أصدره الأزهر قبل سنوات يحظر ظهور شخصيات الأنبياء في الأفلام والأعمال الدرامية، وهذا يعني أن هذا العمل سيكون ممنوعا في مصر».إلا أن الشيخ الفيومي عاد وأكد: «ليس لنا سلطة العمل على وقف التصوير أو منع العرض في العالم، وكل ما نستطيعه هو منع عرضه في مصر».كان المخرج المعروف محمد عزيزية قد فجر ما يشبه القنبلة، حينما أعلن في تصريحات صحافية - قبل أيام - بدء تصوير فيلمه «المسيح العربي» من وجهة نظر إسلامية، ما يحتم أن يقوم السيناريو على نفي قصة الصلب وفق ما جاء بالقرآن الكريم « وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم». وقال عزيزية: «انه بدأ معاينة أماكن التصوير في سورية والقدس وبيت لحم»، مشيرا إلى أن «اية اعتراضات لن توقف المشروع». فيما تضمن السيناريو «الذي كتبه الأردني منير الرمحي» جانبا من طفولة وشباب السيدة «مريم» عليها السلام، ومرحلة معجزات المسيح وهو يكلم الناس في المهد. ويتعرض النص المكتوب لاضطهاد الرومان «للمسيح» عليه السلام ومطارداتهم له، ومحاولة صلبه، وكيف رفعه الله إلى السماء، وكراهية اليهود له كما كرهوا وحاولوا قتل قريبه النبي «يحيى بن زكريا» عليه السلام «يوحنا المعمدان».وفيما أبدى عزيزية استغرابه من حكم رجال الدين المسيحي على الفيلم قبل مشاهدته، مشيرا إلى أنه من حق المسلمين أن يقولوا رأيهم ، وحق الأقباط أن يختلفوا معهم.ويرى عزيزية في الوقت نفسه أنه ليس من حقهم أن يحجروا علينا أو يصادروا رأينا.أما القمص رأفت عبدالمسيح فقال: «العقائد ليست آراء أو وجهات نظر ، لأنها مقدسة، إضافة إلى أنها تتعلق بالكتب السماوية».واشار إلى أنه «مادام سيناريو الفيلم مكتوبا من منظور إسلامي، فنهايته ستكون مختلفة عن العقيدة المسيحية، وذلك سيؤدي إلى تعصب كل طرف لعقيدته».وقال عبد المسيح لـ «الراي»: «ربما يقبل الفيلم كعمل فني، ولكنه بالتأكيد سيواجه تحفظات كثيرة من الناحية العقائدية».ولفت إلى ضرورة عرض الفيلم على لجنة كنسية تضم ممثلين عن جميع الطوائف قبل عرضه. ويبدو أن الأمر لن يقف عند حدود الآراء - كما يرى القمص عبد المسيح - وحسب المحامي والناشط القبطي نجيب جبرائيل الذي أكد لـ «الراي» أنه «سيرفع دعوى قضائية باسم الكنيسة لوقف إنتاج الفيلم أو تغيير السيناريو بما يتوافق مع العقيدة المسيحية التي تؤمن بحقيقة صلب المسيح».وقال ان «توضيح صورة «المسيح» من وجهة نظر إسلامية لا يجب أن يكون على حساب العقيدة المسيحية، لأن هناك أشياء خاصة بالسيد «المسيح» لا يقرها الإسلام، وبالاخص قصة الصلب».يذكر أن العقيدة المسيحية ترى أن «المسيح» قد صلب ومات وقام من بين الأموات في اليوم الثالث، ثم ظهر لتلاميذه وصعد إلى السماء بعد 40 يوما من قيامته، في حين ان القرآن الكريم يقول على لسان «عيسى» عليه السلام: «والسلام عليَّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيّا».أي أن هناك اتفاقا بين العقيدتين الإسلامية والمسيحية في حتمية موت «المسيح»، ولكن جوهر الخلاف في كيفية الموت ففي حين ترى العقيدة المسيحية أن «المسيح» عليه السلام قد تم صلبه، يقول القرآن الكريم «وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم».وهو الأمر الذي يعتبره الأقباط هدما للعقيدة المسيحية التي تقوم على مسألة الصلب في الأساس ، وهو الأمر الذي فتح بين المراقبين تساؤلات، أولها: هل يقصد المخرج إظهار الفكرة الإسلامية في مسألة صلب «المسيح» عليه السلام ؟، أم أنه ينتقد ما جاء في الكتاب المقدس؟ على كلٍّ إجابة السؤالين لا تتحملها الأوضاع في المنطقة من وجهة نظر الكثيرين ، لذلك سيلقى الفيلم بهذه الصورة رفضا من المسلمين والمسيحيين العرب، إضافة إلى أن السجال بخصوصه لن يكون سهلا الأيام القليلة المقبلة .
أخيرة
رسالة قبطية من مصر إلى الرئيس بشار الأسد لوقف تصوير الفيلم السوري «المسيح العربي»
08:58 م
| القاهرة - من وليد طوغان |