| لاس فيغاس- من عماد المرزوقي |
عندما تطأ قدماك اي بلد يجب المرور بالمطار، ولكن قد لا يتخيل زائر لأول مرة الى الولايات المتحدة الأميركية انه سيأخذ لبعض الوقت وضعية المتهم الذي يرفع يديه عادة امام شرطي، لكنه وهو في مطارات اميركا يرفع يديه حافي القدمين ليفحصه الجهاز من اعلى رأسه حتى اسفل قدميه. رفع اليدين والبقاء لثوانٍ هكذا، وضعية ربما لا يتخيلها الزائر لأميركا بأنه يستقبل برفع يديه قبل ان يطأ حافي القدمين أرض العم السام التي يريدوها الأميركيون خالية من اي وطأة لقدمي ارهابي قد يروع الأميركان حتى بما قد تحتويه ملابسه الداخلية كما حصل سابقا مع النيجيري الذي كان يخبئ مادة متفجرة في ملابسه الداخلية عند امتطائه طائرة اميركية.
الوصول الى أميركا خصوصا بعد تفجيرات بوسطن التي اتهم فيها شابان شيشانيان مسلمان يعني في مخيلة الزائر للأراضي الأميركية وخصوصا المسلم انه سيكون عرضة اكثر من غيره (للتفتيش). الا ان هذا لم يحصل فأميركا يبدو انها استطاعت ان تستوعب الموقف حتى ان الضباط في المطار بالكاد يفرقون بين عربي وآسيوي وافريقي واروربي وأسوأ ما قد تواجهه عند مواجهة ضابط الجوازات الأميركي هو تدقيقه في عينيك لكن سرعان ما تنجلي لحظة الريبة ليحسم الضابط الأميركي الموقف بابتسامة عقب ان ينقر الجواز بختمه قائلا تفضل سيدي.
ليس هناك في مطار واشنطن او لاس فيغاس التي تعد اكبر وجهة سياحية للأميركيين اي تشديدات امنية لا ضد المسلمين او غير المسلمين فالكل يصطف امام طابور التفتيش والكل يرفع يديه والكل قد تنتابه هالة من الخوف لكن سرعان ما تختفي بابتسامة ضابطة تحيي الزائرين بكلمة «ويلكام».
عند الوصول الى مدينة لاس فيغاس في ولاية نيفادا القريبة من لوس انجليس وسان فرانسيسكو، يبدو المطار مكتظا بحركة نشطة للمسافرين السائحين ورجال الأعمال القادمين الى مدينة «الكازينو»، فتتعرف على خصوصية مدينة فيغاس كما يحب الأميركان اختصار تسميتها من خلال صناديق الحظ او بالأحرى علب القمار المعلقة على شاكلة العاب مختلفة تشعر المسافر العربي وكانه داخل الى مدينة ملاهي او حفلة «مولد» على النمط المصري لكثرة الصغار والكبار المحيطين بهذه الأجهزة التي تسيل لعابك لكي تلهو وتجني المال في الوقت نفسه.
سلسلة من افخم الفنادق واكبرها في العالم تنتصب مثل تلال الجبال التي تحيط بفيغاس. القرية او بالاحرى المدينة السياحية الضخمة تبدو وكأنها مدينة مقتطعة من مدن الخيال العلمي او مدن المستقبل لكونها مجهزة ببنية تحية تعد متطورة جدا، فشوارعها تخلو من اي وجود للشرطة، لكن الشرطة في الواقع موجودة من خلال اجهزة الكاميراء للتتبع والمراقبة ونظام مروري آلي للسيارات والمارة، فلا احد يقطع الطريق وعبور الطريق لا يكون الا بواسطة درج آلي تقطعه حتى تمر الى الضفة الأخرى.
اكثر ما يشد الأنظار في هذه المدينة هي تشكيلة الأسماء التي تشع ليلا في سماء فيغاس على واجهات الفنادق وهي العلامات التجارية وأسماء الفنادق التي اغلبها فرنسية او ايطالية مثل «encore، mirage، وplaisir، و Palazzo) بالاضافة الى استنساخ ابرز معالم اوروبا كبرج ايفل الذي يزين واجهات احد الفنادق وهذا البرج كانه نسخة اصلية من برج ايفل الفرنسي الى ذلك يلوح الهرم المصري وامامه تمثال ابو الهول وكانها مدينة تريد ان تجمع بين اهم معالم الأرض.
بالدخول الى الفنادق اول ما ينتاب الزائر الدهشة من عالم خفي ينشط في الأسفل في الدور الأرضي للفنادق الشاهقة التي لا تحدها اسوار وهي متصلة كلها ببعض بحيث لا تعرف نفسك وانت تتجول في ارضية الفندق انك في فندق آخر وكان هندسة المدينة تريد ان تجعل الزائر في فندق واحد على الرغم من اختلاف الأسماء، ولا تجد في كل الأدوار الأولى للفنادق الا اكتظاظا كبيرا واصواتا تتعالى ورجالا يصرخون فرحا وأسفا وكأنها اعلانات فرحة بفوز او خسارة. انها بكل بساطة صالات القمار التي تسيطر على أغلب انشطة الترفيه المعروضة في فيغاس.
وتكتظ الفنادق وصالات القمار بعاملين تعرفهم من وجوهم فهي مميزة، انهم الآسيويون الذين يعجون بفنادق فيغاس ولكنهم يتقنون اللكنة الأميركية بشكل فائق جدا. وبين طاولات القمار تجوب نادلات شقراوات وحسناوات وتبين ان اغلبهن روسيات يلبسن لباسا مميزة (قميص مفتوح من جهة الصدر وتنورة قصيرة جدا ومفتوحة كذلك) وكأنهن يعرض مفاتنهن ولكن لايلتفتن الى احد بل يعملن فقط وربما كان هذا زي العمل في صالات قمار فيغاس.
واجمل ما تراه في صالات القمار ضحكات الرابحين وشيكات الفائزين الذين يتوجهون بها مباشرة الى مكاتب بنوافذ صغيرة تكمن فيها اسرار كبيرة ودولارات كثيرة. فهناك تتبين على لائحة ضوئية في بعض الصالات حجم فوز الرابح وهناك مبلغ ظل في البال 3 ملايين دولار فاز بها احدهم في ليلة سبت.


المتسوّلون في فيغاس
يحتالون على المارة «بأدب»

في جولة قصيرة في شوارع فيغاس التي تهيمن شاشات متحركة وافتراضية على معظم البنايات فيها اذ تشعر بانك في قاعة سينما ( 3 دي) فكلما رفعت بصرك يظهر لك اشخاص يتحركون ولكن من وراء شاشات ضخمة تزين واجهات الفنادق فهكذا تعرض معظم الاعلانات والدعايات بهذا الشكل. وفي الأسفل ينتشر اشخاص بازياء غريبة (وحوش، وحيــــوانات، وزواحــــف، ومشاهير في الفن كألفيس بريسلي، ومشاهير الرياضة،) وغــــيرها من الصور التي تقـــمصها اشخاص يعرضون انفسهم في الشارع باشكــــالهم الغــــريبة ما ينتاب اعجاب المارة ومن يتوقف قليلا ليدقق النظر فيهم يقتربون منه واذا اعجبه السائح ذلك ياخذ صورة مع ذلك الشيء الغريب لكن الصورة مقابل «تيبس» او «بقشيش» في صندوق يضعونه جنبهم او في الأرض، وهكذا يجـــنون المال واناس كثيرون تبدو هيئتهم من لباسهم ومظهرهم انهم متسولون ولــــكن لا يمد احد يده او يستــــعطف احد المارة الا انــــهم يتســــولون بـــادب وذلك من خلال الغناء او العزف على الغيتارة او الكمنجة او السكسفون. فمعظمهم ياخذ ركنا ويعيشون حالة إلهام مع أنفسهم وهكذا يسمتعون هم و يستمع المارة ومن اعجبه العــــرض كثيــــرا يأخــــذ صــــورة مقابل بقشيش.


أكبر مقصد للقمار في العالم
... يغيب عنه العرب

حانات وصالات القمار التي تعد بالمئات في فيغاس يبدو انها لا تستقطب عربا كثيرين ... فحسب احد المرشدين السياحيين في المدينة، يزور هذه المدينة التي يعتبرها البعض قلعة المقامرين أو مافيا القمار في العالم اميركيون بنسبة كبيرة أكثر من اي جنسية اخرى، اما الذين يحبذون السهر ولعب القمار في فيغاس، هناك الأوروبيون كالفرنسيين والايطاليين، والروس، والآسوييين كالصينيين فكانت هذه معظم الوجوه التي كانت جالسة الى طاولات القمار. يذكر ان فيغاس يقصدها ايضا مواطنوا اميركا الجنوبية بشكل كبير. لكن العرب بمظهرهم او بأزيائهم المعروفة كالخليجيين لم يظهروا الى العلن في صالات القمار، سألت بعضهم قال هناك من لا يمكن تحديد هويته من خلال هيئته لأنه يظهر بلباس اميركي وقليل من ياتي بالغطرة والعقال حسب احد النادلين.
ربما لأن فيغاس تعتبر مدينة بعيدة عن الدول العربية مقارنة ببعد الأخيرة عن العاصمة الأميركية. فلاس فيغاس بعيدة بنحو 6 ساعات عن واشنطن العاصمة. لذلك فان بعض من ياتي الى فيغاس من «هوامير» القمار او اللهو ياتي بطائرات خاصة مثلت ربع عدد الطائرات القابعة في مطار فيغاس حتى ان لكبار الشخصيات مدرجا خاصا بهم ياتون ليقامرون ويعودون من حيث اتوا حسب بعض العاملين في صالات القمار.