|   اعداد د. أحمد سامح   |
الربيع كما ذكرنا في دراسات «الراي الصحي» هو فصل الخصوبة والحيوية وذلك لقصر أمد الميلاتونين الذي يفرز في الليل ويقل افرازه أثناء النهار،** كذلك عتمة المساء وغيوم السماء في فصل الشتاء وطول ساعات الليل وقصر ساعات النهار تجعل الغدة الصنوبرية التي تقع في وسط المخ وأماكن أخرى بالجسم تفرز هرمون الميلاتونين فيقل افراز الهرمونات الجنسية الرئيسية ويحدث البيات الشتوي والكمون الجنسي لجميع الثدييات.
وعندما يأخذ نهار الربيع في الازدياد وشروق الشمس مبكرا وغروبها متأخراً وانقشاع الغيوم من السماء يقل افراز الميلاتونين ويزداد افراز الهرمونات الجنسية.
واستوعب الفراعنة حقيقة أن فصل الربيع هو فصل الخصوبة والحيوية والتناسل عند جميع الكائنات الحية ومنها الإنسان فاستعدوا لاستقبال هذا الموسم واحتفلوا بعيد شم النسيم بأطعمة الخصوبة والحيوية.

الفسيخ والسردين وقيمتهما الغذائية
كان الفراعنة يأكلون الأسماك المملحة لأنهم أدركوا أن حرارة الصيف تفسد الأسماك وهو ما يتسبب في أمراض خطيرة عدة وبذلك كانوا يقومون بتمليح الأسماك في فصل الشتاء لتناولها خلال فصل الصيف.
كانوا يأكلونها مع البصل الأخضر والخس والملانا «الحمص الأخضر» والبيض وذلك أثناء الاحتفال بعيد شم النسيم.
وقد ثبت أن الفسيخ «السمك البوري» والسردين يحتويان على كمية كبيرة من البروتينات والأحماض الدهنية وعلى مجموعة من المعادن.
كما انهما يحتفظان بقيمتهما الغذائية كاملة لأنهما يؤكلان من دون طهي سواء كان ذلك عن طريق القلي أو الشواء.
ومن أهم المعادن التي يحتويها الفسيخ والسردين «الكالسيوم والفسفور» اللازمان لحيوية وسلامة ونشاط الجهاز العصبي ونمو وقوة العظام.
كذلك يحتويان على الحديد واليود اللازمين للغدة الدرقية وغيرها من الغدد وفيتامينات «AB DE» وعندما يضاف اليهما الليمون يزيد محتواهما من فيتامين «C».
ومن جهة أخرى، فهما يحتويان على نسبة عالية من أوميغا-3 التي تفيد في خفض نسبة الكوليسترول الضار «السيئ» الذي يعرف اختصاراً بـ «LDL» بالجسم وتزيد دهون أوميغا-3 نسبة الكوليسترول النافع «HDL».
كما ان دهون أوميغا-3 تشفي من التهاب المفاصل وتزيد مناعة الجسم خصوصا الجهاز التنفسي وتمنع تصلب الشرايين وتفيد في علاج الكثير من الأمراض الجلدية.
والفسيخ «السمك البوري والسردين» يحتويان على بروتينات ذات قيمة بيولوجية عالية تساعد على النمو وتجدد خلايا الجسم وتكوين الأجسام المناعية وعوامل تجلط الدم.

يمنع الفسيخ والسردين عن هؤلاء
يجب التأكد من عدم فساد الفسيخ والسردين قبل تناوله، ودرجة سلامته تتوقف على طريقة التصنيع ومن الشروط المهمة في ذلك الا تقل نسبة الملح فيهما عن عشرة في المئة ويجب الا تؤكلان قبل مرور اسبوعين من عملية التمليح.
ويمنع تناولهما عن مرضى ارتفاع الضغط والقرحة ومرضى هبوط القلب والمصابين بقصور في وظائف الكلى.

البصل الأخضر وفوائده
أكدت البحوث العلمية ان فائدة البصل الغذائية تفوق فائدة التفاح ذلك لان به عشرين ضعفاً من الكالسيوم الموجود في التفاح وثلاثة اضعاف من فيتامين «A» والحديد والكبريت المفيد في انتاج هرمون الانسولين من البنكرياس ويحتوي ايضاً على فيتامين «C» ومواد مدرة للبول مفيدة ومدرة للعصارة الصفراء ومواد ملينة.
وقد ثبت ان البصل مقو للاعصاب والقدرة الجنسية ويحتوي على مادة «الجلوكونين» التي تخفض نسبة السكر في الدم وهي تعادل الانسولين في مفعوله.
وتؤكد الابحاث ايضاً ان البصل يقلل الاصابة بالجلطات وقاتل للميكروبات وطار للديدان وينشط حركة الامعاء ومنظف لها لكن لابد للمصابين بعسر الهضم وتشنجات القولون ان يمتنعوا عن تناوله.

فوائد الملانا الغذائية والعلاجية
يحتوي نبات الحمص الاخضر او الملانا على نسبة مرتفعة من النشا والزيوت النباتية والمواد البروتينية وعدد من الاملاح المعدنية مثل الكبريت والفسفور والبوتاسيوم والكالسيوم والحديد الى جانب مجموعة من الفيتامينات ويحتوي ايضاً على مضادات الاكسدة التي تحمي من تصلب الشرايين.
وتساهم في تقوية مناعة الجسم ضد الامراض والأورام.
والحمص الاخضر يسهل الهضم بما يحتويه من ألياف نباتية لذلك بما يحتويه من فيتامينات ومعادن وزيوت نباتية منشطة للاعصاب ومقو جنسي ويزيد من افراز الحليب للمرضعات كما انه يدر الطمث.

الخس رمز الخصوبة
عرف الخس في مصر القديمة كرمز للخصوبة وكان له علاقة بنهر النيل مصدر الاخصاب لمصر كلها.
والخس يعد اكثر الاطعمة التي تحتوي على فيتامين «B» المركبة وفيتامين «C» وفيتامين «E» وفيتامين «A» المهم للخصوبة وتوازن الهرمونات الجنسية.
وهذا يؤيد ما تنبه اليه القدماء المصريون الذين كانوا يعالجون به العقم.
كما ان الخس غني بالمعادن والحديد والفسفور والكالسيوم والنحاس واليود والكوبالت والكبريت والماغنسيوم وهو من الاغذية المنشطة لحركة الامعاء ويعالج الارق ويهدئ الاعصاب ويقوي حاسة البصر ويزيد من ادرار الحليب عند المرضعات.

البيض مقو جنسي
يحتوي البيض وكذلك المأكولات البحرية والتمر على الحمض الاميني «الارجنين» الذي تتكون منه مادة اكسيد النيتريك «NO» التي تحدث انبساط العضلات الملساء في جدار الشرايين ومن ضمنها شرايين العضو الذكري ما يجعل الدم يتدفق في هذه الشرايين فيحدث الانتصاب.
كما يدخل هذا الحمض الاميني في تكوين السائل المنوى وسائل غدة البروستاتا فيزيد الخصوبة.
كما يدخل هذا الحمض الاميني في تكوين البروتينات المهمة المكونة لنواة الخلية بصفة عامة ويحسن من ادائها ووظيفتها الحيوية في كل انسجة الجسم سواء انسجة الاعصاب او الشرايين او الغدد الصماء التي تفرز الهرمونات ومن بينها الهرمونات الجنسية.
والفسفور والماغنسيوم والكالسيوم تعد من العناصر الاساسية والمهمة بخلايا الجهاز العصبي ذلك حتى تؤدي وظائفها بكفاءة ودقة ويعمل على زيادة القدرة على التركيز الذي تحتاجه العملية الجنسية والجسم بصفة عامة.

اليوم الذي «بدأت فيه الحياة»
... عيد شم النسيم

عيد شم النسيم في الأصل أحد أعياد الفراعنة نقله عنهم بنو إسرائيل وقد انتقل الى الاقباط وهو في الحاضر عيد شعبي يحتفل به أهل مصر اقباطاً ومسلمين.
وكلمة «شمو» باللغة الهيروغليفية أحد فصول السنة المصرية القديمة لأنه يشمل أربعة أشهر تمتد من منتصف فبراير حتى منتصف يونيو وحرف الاسم الى «شم» واضيفت إليه كلمة النسيم ليصبح كما هو معروف الآن باسم «عيد شم النسيم» أي عيد الربيع.
وقديماً كانت أعياد الفراعنة ترتبط بالظواهر الفلكية وعلاقتها بالطبيعة ومظاهر الحياة ولذلك احتفلوا بعيد الربيع الذي حددوا ميعاده بحلول الربيع.
ويبدأ في اليوم الذي يتساوى فيه الليل والنهار وقت حلول الشمس في برج الحمل ويقع في الخامس والعشرين من شهر برمهات «أحد الشهور القبطية».
وكانوا يعتقدون ان ذلك اليوم هو أول الزمان أو بدء العالم واطلق الفراعنة على ذلك العيد «عيد شموس» أي بعث الحياة.
واحتفل بنو اسرائيل بالعيد بعد خروجهم ونجاتهم وأطلقوا عليه عيد الفصح وهي كلمة عبرية معناها الخروج أو العبور كما اعتبروا ذلك اليوم أي يوم بدء الخلق عند الفراعنة رأساً للسنة الدينية العبرية تيمناً بنجاتهم وبدء حياتهم الجديدة.
وهكذا انتقل هذا العيد من الفراعنة الى اليهود ثم انتقل عيد الفصح من اليهود الى النصارى وجعلوه موافقاً عندهم قيامة المسيح ولما دخلت النصرانية مصر أصبح عيدهم يلازم عيد المصريين القدماء ويقع في اليـــوم الــتالي لعيد الفصح أو عيد القيامة.