أرنود فان دورن عضو مجلس بلدية مدينة لاهاي وعضو حزب الحرية اليميني الهولندي السابق رجل عاش في بيئة علمانية لا تهتم بالاحترام للأديان الأخرى، أنتج فيلماً يسيء لرسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكان لهذا الفيلم ردة فعل عاصفة ومستنكرة في جميع أنحاء العالم، ومطالبة المسلمين بمعاقبته ومقاطعة دولته سياسياً واقتصادياً، ما أثار استغراب هذا الشخص المنتج للفيلم، فكيف لرجل مات منذ 14 قرناً يحظى بهذا القدر الهائل من الحب والاحترام والتقدير إلى الآن، فبدأ يدرس هذه الشخصية الفذة، فوجده نبياً صبر في دعوته، ورفض كل المغريات الدنيوية لتغيير رأيه، وحاكماً عادلاً بين رعيته دون تمييز بين الأديان والأعراق، وقائداً عسكرياً ملهماً فتح العالم القديم ونشر رسالته السماوية وانتصرت جيوشه في جميع معاركها، وزوجاً ودوداً وأباً رحيماً وصديقاً وفياً.
ثم بدأ بالبحث والتقصي لعله يجد لهذا الشخصية مثالب أو عيوباً فلم يعثر على ضالته، فتحول من دراسة الشخصية التاريخية إلى دراسة الدين الذي حمله، فاكتشف عظمة الإسلام فنوى اعتناقه وكان له ذلك، وأعلن الشهادتين وقام بزيارة لبيت الله الحرام، والمسجد النبوي، وبكى وتأثر بشدة على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، لإحساسه بما ارتكبه من إثم عظيم في حق هذا النبي عليه الصلاة والسلام، فقرر إنتاج فيلم يعرِّف فيه بشخصية هذا الرسول الكريم العظيم، ويصحح ما ارتكبه من أخطاء.
هذا الأمر يدعونا كمسلمين ألا نتعامل مع كل قضية تمسّ ديننا ومعتقداتنا بردة فعل سلبية، بل نحاول أن ندافع عنها بإيجابية خصوصا إذا كان المخطئ إنساناً ذا فكر ومركز متميز، فندعوه لزيارة البلاد الإسلامية، والالتقاء بمفكرين إسلاميين لشرح ما غاب عنه لعله يدخل الدين الإسلامي أو يصبح صديقاً للمسلمين، أما من كان من الحاقدين والسفهاء فتركه أسلم لنا، فالله سبحانه وتعالى تعهد بحفظ الدين حتى يوم القيامة.

مبارك مزيد المعوشرجي