| كتب عزيز العنزي |
بمن تستنجد عندما تتعرض لمحاولة شروع بالقتل؟
... ولمن تلجأ في تلك الأثناء؟
برجال «العمليات» لتأمين حمايتك... أم لـ «تعمية» الحقائق أمامك، حتى تكون فريسة لمن طاردك؟
تساؤلات طرحها استشاري جراحة المخ والأعصاب والعمود الفقري الدكتور حسن خاجة، بعد محاولة الشروع بالقتل التي تعرض لها يوم الأربعاء الماضي، وكادت خشبة الخلاص، أو من اعتبرهم منقذين له، أي رجال عمليات وزارة الداخلية الذين استنجد بهم، أن تغرق به ويحقق من طارده طويلاً هدفه، بعدما راح - ولمدة 12 دقيقة - موظفو بدالة 112 يرددون: «يصعب علينا تحديد مكانك!».
الظرف العصيب الذي عاشه الدكتور خاجة، ولم ترتح أعصاب طبيب الأعصاب حينئذ إلا بعدما وصل إلى مكتب وكيل وزارة الداخلية المساعد لشؤون الأمن العام اللواء محمود الدوسري، والذي أنقذه رجاله من الشابين اللذين تتبعا خطاه بسيارتهما، وتعمدا الاصطدام به أكثر من مرة.
تفاصيل الواقعة، استجمعها الدكتور خاجة، ورواها لـ «الراي» قائلاً: «بينما كنت أقود سيارتي عند الساعة 4:30 من عصر الأربعاء الماضي، ولدى وصولي إلى الجسر القريب من مجمع 360، باتجاه العاصمة، كان الطريق ضيقاً، وبجانبي سيارة، وشاهدت في المرآة سيارة وانيت تتقدم مسرعة، في محاولة لتجاوزي، واضطررت بالكاد إلى فتح الطريق أمامها، فتجاوزني قائدها بسرعة فائقة، ما دفعني إلى الإشارة له بالضوء العالي كي أنبهه لخطورة مسلكه، لكنه ظل منطلقاً، وسرعان ما ابتعد عن ناظري، وعندما وصلت إلى جسر خيطان، لاتخذ طريق الدائري الخامس قاصداً حولي، فوجئت بالوانيت يبطئ بشدة، وعندما أصبحت بجانبه وجه مرافق السائق إليّ إشارة بذيئة بإصبعه، فتجاهلته، وابتعدت عنه، لأن مكانتي الاجتماعية والعلمية لا تسمح لي بالرد على هذه البذاءات بمثلها».
وزاد الدكتور خاجة: «وعندما دخلت إلى طريق فرعي كان الوانيت يواصل مسيره بالطريق الرئيسي، ففوجئت بقائده يقفز بسيارته فوق الرصيف الفاصل بين الرئيسي والفرعي، ويعمد إلى الاصطدام بي بعنف، ثم كرر العملية بالقوة ذاتها مرات عدة، قبل أن يقف بجانبي قائلاً: ها... عندك تأمين شامل! فقلت له: عيب عليكم... أنا دكتور جراح... عيب اللي تسوونه... فقال لي ماشي يا حضرة الدكتور... فتجاوزني وأصبح أمامي، وراح يتقدم إلى الأمام ويرجع بقوة مصطدماً بسيارتي بقوة، فبادرت بالاتصال على عمليات وزارة الداخلية، وقدمت بلاغاً في الوقت الذي كان فيه الشابان يطرقان على الزجاج ويقولان: افتح يا...! وتوقف عدد من المارة الذين استغربوا المشهد الذي بدا كأنه جزء من أفلام العصابات في شيكاغو، وإذا بأحدهما يقول لامرأة وقفت تستطلع الأمر: شوفي هذا طقيناه ودعمناه».
وأضاف الدكتور خاجة: «للأسف، رجال غرفة العمليات في وزارة الداخلية سألوني عن المكان، فقمت بتحديده لهم، واستمرت مكالماتي معهم قرابة 12 دقيقة وتجاهلوني تحت ذريعة: ما نقدر نحدد موقعك وأنا أتساءل: كيف لم يستطيعوا تحديد موقعي وأنا وصفت لهم المكان بالتفصيل الممل، ومكاني كان واضحاً، وعندما لم أجد نفعاً من بدالة العمليات أدرت محرك سيارتي وهربت من الشابين قاصداً منطقة الزهراء، وهما يلاحقانني ويصطدمان بي من الخلف، كلما تمكنوا من ذلك، وتوجهت على الفور إلى إدارة الأمن العام حيث مكتب الوكيل المساعد لشؤون الأمن العام اللواء محمود الدوسري، والشابان لايزالان خلفي، ويصران على ملاحقتي، حتى صرنا أمام مكتب الوكيل، ولم يكترثا بهيبة المكان، بل ظلا يواصلان اصطدامهما المتعمد بي».
وتابع: «استنجدت بالعسكري الموجود في المبنى والذي قام باستيقاف المتهمين وأخذ هويتيهما، وأحالنا على مخفر منطقة الشهداء، وسجلت قضية بحقهما، حيث تم حجزهما ليوم واحد ثم أخلى الأمنيون سبيلهما!».
وواصل الطبيب العائد من حافة الخطر قائلاً: «في المخفر ترتب أن الشابين هما مواطن وسعودي في العشرين والتاسعة عشرة، والمفارقة التي تثير الصدمة أن فترة عمريهما بكاملها قضيتها أنا في تحصيل العلوم الطبية الدقيقة، لكي أخدم بلدي ومواطنيه، ومع ذلك كنت سأفقد حياتي في لحظة طيش متعمدة!».
وزاد: «من المؤسف أن تقاعس رجال بدالة العمليات أوشك أن يتسبب في مقتلي - لولا عناية الله - ولا أعرف السر في لا مبالاة موظفي الرقم 112، الذي تبين من تجربتي أنه صوري لا يقدم ولا يؤخر»، متسائلاً: «ألا يتحرك رجال العمليات لإنقاذ شخص في خطر إلا بعدما يقضي عليه الجناة!؟».