أستطيع ان أعرف خلفية كل استجواب نيابي مقدم او سيقدم الى مجلس الصوت الواحد، فاستجواب وزير النفط يمثل صراعا على مناقصات نفطية لصالح بعض المتنفذين الكبار، واستجواب وزير الداخلية هو صراع داخلي بين ابناء الاسرة يراد منه ضرب جناح لحساب جناح آخر، واستجواب وزير المواصلات قد ظهرت نتيجته قبل الاستجواب بتعيين قيادات محسوبة في الوزارة، واستجواب وزير المالية يمثل سطوا على البنك المركزي لسلب أمواله.
الحرب بالوكالة هي مشكلة المشاكل في كثير من البلدان، وهي التي قادت لبنان الى حرب أهلية مدمرة استمرت اكثر من 15 عاما، حيث تحول لبنان الى مسرح لتصفية حسابات كثير من الدول على أرضه، وبعد قتال عنيف بين جميع فصائله ومكوناته وآلاف الضحايا توصل الجميع الى ضرورة وقف العنف والمصالحة.
في الكويت تدور حرب بالوكالة بين نواب المجلس منذ سنوات طويلة لمصلحة متنفذين وشيوخ وتجار، أما ساحة المعركة فهي قاعة عبد الله السالم ووقودها هي الاستجوابات الرخيصة التي نشاهدها كل يوم ولها أهداف بعيدة، أما ثمارها فهي تعطيل عجلة التنمية لسنوات طويلة وإرباك المجلس وتضييع أوقاته في سجال بيزنطي سقيم.
لقد كان العقلاء يأملون بأن يشكل المجلس الحالي طوق النجاة للحكومة وأن يتعاون المجلس والحكومة على تعويض ما فاتهم بسبب صراع المعارضة السابقة مع الحكومة، لكن تبين بأن الحرب بالوكالة هي آفة الآفات وأن تبدل أشخاص نواب المجلس لا يمثل إلا الجزء الطافي من الجبل بينما لوردات الحرب الذين يتحكمون بمفاصل المجلس هم من يدير كل شيء في الخفاء، وقد أطلق رئيس الوزراء زفرة مرة على المجلس وقال: لم نتوقع ان يكون هذا المجلس هكذا!!
لقد أحسن الأخ الفاضل جاسم بودي في افتتاحية العدد يوم الجمعة الماضي بعنوان «خلافات المعارضة طبيعية، ممارسات بعض أبناء الأسرة مدمرة» حيث وضع الإصبع على حقيقة الصراع في المجلس، وفي الحقيقة اننا لا نعذر المعارضة على اختلافاتها وتفرقها وتنازعها لأن ذلك الاختلاف هو الذي فتح الطريق على مصراعيه لأصحاب النفوذ والمصالح لكي يوصلوا من يشاءون الى المجلس وإلى ان يسخروا بعض أعضاء المجلس لخدمة أهدافهم الملتوية.
إذاً، فالمشكلة لا تكمن في نظام الدوائر ولا في طريقة الاختيار ولكنها تكمن أساسا في نوعية النواب الذين ينتخبهم الشعب، والذين يخضعون لمدى نضج الشعب الذي ينتخب نوابه، ومادام المرض متمكنا في الشعب فلن يجدي نفعا إصلاح نظامه الانتخابي.
الحل يكمن في تغيير طريقة اختيار المرشحين بل والناخبين حتى وإن تم تغيير الدستور في كثير من مواده، والحل الآخر هو ان نبحث عن دولة تكون مستعدة لغزونا من جديد لكي نطلب من العالم تحريرنا، فلعلنا نتعظ من الغزو الجديد!!

د. وائل الحساوي
wael_al_hasawi@hotmail.com