| منى فهد عبدالرزاق الوهيب |
الفكر هو الذي يقود التقدم، فلا يمكن لمجتمع أن ينهض ما لم يتقدم الفكر لديه، ويكن في مقدوره توفير الأسس المنهجية والإصلاحية لذلك.
إن التفكير لا يُسهم في الكشف عن حقائق جديدة فحسب، وإنما يساعدنا على تناول المعلومات المتاحة بطريقة حديثة، تضفي عليها أبعاداً جديدة، لم تكن مألوفة، كما أنها تفسر على نحو جديد.
زوّد الله جل جلاله بني الإنسان بطاقات ذهنية فطرية قادرة على التحليل والتركيب والتقويم والاستفادة من الخبرات المختلفة، وفي الحضارة الإسلامية الزاهية كانت المعرفة تستمد نموها واكتمالها من التجربة.
إن كنا جادين بالتقدم والنهوض فلابد أن نفكر بمنهجية إصلاحية من خلال التجربة التي تعين على تغيير النظرة الدونية للمرأة، وعدم استغلال جسدها ومفاتنها للجذب والإثارة، وإن بحثنا عن استثناءات أو اختلافات بين المرأة والرجل في المجتمع فبالكاد نجدها، الشيء الوحيد الذي تتميز به المرأة عن الرجل على صعيد المجتمع هو الالتزام بالحشمة والحجاب الساتر للمفاتن.
قد تقتضي المصلحة أحيانا والأفعال الدنيوية لقاء الرجال بالنساء، وليس في ذلك أي إساءة للمرأة، ولكن مع التأكيد على الضوابط الشرعية مثل غض البصر، واجتناب الخلوة والمزاحمة والتمسك بالحشمة والحياء وعدم الخضوع بالقول، قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم «إنما النساء شقائق الرجال» لتكون هذه الأخوة الشقيقة هي المنطلق في التفكير المنهجي الإصلاحي في الكشف عن حقائق ومعلومات متاحة بطريقة منهجية جديدة، وإثبات تساوي الرجل والمرأة في حقوقهما وواجباتهما في المجتمع، كل على حسب طاقته وإمكاناته ليساهم الجميع في بناء المجتمع الحضاري الإنساني على أسس ارتضاها لهم رب العباد.
جاء في إحدى مواد وثيقة الأمم المتحدة لحقوق المرأة «منع كل ما يهين المرأة ويقلل من كرامتها الإنسانية......»، فقد أهينت المرأة وأصبحت كرامتها الإنسانية بالوحل بعدما استغلت أبشع استغلال في معرض «الانفوكونكت» الذي أقيم بأرض المعارض في الكويت بشهر يناير الفائت، ما رأيناه وعايناه إنما هو تعدٍ سافر على كرامتها، واعتداء وتجاوز ظاهر ومكشوف على الوثيقة الربانية، يناقض ما جاءت به وثيقة الأمم المتحدة.
من هنا لا نوجه العتب واللوم على إدارة المعارض أو الشركة المنظمة للمعرض، بل نوجهه للمرأة التي ارتضت لنفسها أن تكون سلعة مقابل عروض لمعرض التكنولوجيا والتقدم، للأسف الشديد يتم التقدم والتطور بالأجهزة والآلات ويبقى التخلف في الفكر والتفكير، هي لم تسئ لشخصها بل هي أساءت لكل من ينتمي لجنسها، لقد تناست الرقابة الاجتماعية التي تضمن الحفاظ على صرح المجتمع آمنا مستقراً، واتبعت الشهوات والمغريات بما يشوه صورتها ويمتهن من كرامتها، ويرسخ ويعمق النظرة الدونية للمرأة، بل وقللت من شأنها وانتقصت من دورها في الحياة وأنكرت أهليتها للمشاركة في الحياة بكامل أطيافها، وقيدتها فقط باستغلال مفاتنها لجلب وجذب الزوار من أجل سلعة لا تساوي قدم امرأة كرمها الله ومنحها حقوقها كاملة غير منقوصة، تأتي هي لتنتقص من تلك الحقوق بسلوك لا يليق بحضارتنا ومعرفتنا ومدركاتنا، فلقد حان وقت تطوير الفكر لديك واستغلال طاقاتك الفطرية أيتها المرأة بما لا يسيء لنا، ويشّهر ويندد بنا باقتصار دورنا على ما يخالف ويناقض طبيعتنا البشرية.
«عزيزتي المرأة إن لم تحترمي نفسك وذاتك، بتمسكك بقيمك ومبادئك، فلا تطالبي الآخرين باحترامكِ وأنتِ من بدأتِ بالتقليل من شأنكِ.

m.alwohaib@gmail.com
twitter: @mona_alwohaib