منذ بداية القرن الماضي ومع بداية انتشار وقوة التيارات والافكار الاسلامية بتنوعها والصراع بينها وبين القوى العلمانية والليبرالية بتنوعها شديد وكبير في كثير من قضايا الفكر والرأي، وتمثل قضية الحريات والديموقراطية واحترام قرار الشعوب وعدم اجبارهم وارهابهم بأي امر هو المأخذ الكبير الذي يأخذه العلمانيون والليبراليون على التيارات الاسلامية.
لقد عاش العلمانيون والليبراليون زمناً طويلاً في تسويق الحريات واحترام قرار الشعوب والديموقراطية والتنظير لذلك في كتبهم ومحافلهم الثقافية وتواجدهم الاعلامي في اللقاءات والمناظرات وحملاتهم الانتخابية وغير ذلك، والتيارات الاسلامية بجميع ألوانها المتشدده او المنفتحة او بينهما لها قناعاتها في التعامل مع هذه الامور من اقصى اليمين الى اقصى اليسار، إلا ان النظرة العامة من الليبراليين والعلمانيين دائماً سوداء تجاه الاخر، وأنه يرفض الدولة المدنية والحريات ونتائج اختيارات الشعوب والصناديق، وقد شاء الله سبحانه ان يبين حقيقة هؤلاء بعد سنين عندما جاء (الربيع العربي) وقبله في بعض الاماكن، وكان إختيار الشعوب ونتائج الصناديق وضع التيارات الاسلامية في المراكز الاولى وبالغالبية في انتخابات نزيهة وحرة، قالت الشعوب كلمتها دون تهديد ووعيد ورشوة أو تزوير وشكليات خالية من المصداقية وبعد سنين من الحرب على الاسلام والحرب على الاسلاميين في كثير منها واقتلاع جذورهم وتصفيتهم وقمعهم وتعذيبهم وارهاب الشعوب منهم فتحطمت جميع الدروس والمعاني التي افنى العلمانيون والليبراليون اعمارهم في نشرها وتسويقها بين الناس والتي اشتهرت شخصياتهم وبرزت بذلك وكل ذلك بسبب ان الاختيار كان للتيارات الاسلامية!!
وفجأة يبدأ فصل جديد من تاريخ العلمانيين والليبراليين بالنزاع والصدام مع خيار الشعوب وعدم الرضا فيه والموافقه على اي طريقة في الانقلاب ولو كان بالعنف والفوضى وتشويه هذا الامر وعدم الصبر على اي خطأ وزلل من الانظمة والبرلمانات بعد ان كان الاختيار اسلامياً.
ان ما يحدث في مصر تحديداً يمثل وبشكل صارخ هذا النموذج الذي نتحدث عنه، فقد صدمنا بمواقف وتصرفات وكلام هؤلاء العلمانيين سواء في مصر او غيرها بتحريضهم على الانقلاب والتشويه للانظمة وبرلماناتها ودساتيرها بعد ان قال الشعب كلمته واحيانا بالغالبية الساحقة، اما الكارثة التي تجعل العاقل يصاب بالجنون ان يطالب الفلول ومخلفات النظام السابق الذين قضوا عشرات السنين في الظلم والتزوير والاستبداد في الحريات والديموقراطية!! وتقوم الدعوات على عدم الصبر والثورة والانقلاب على اختيارات ليس لها من العمر إلا اشهر معدودة! لإصلاح هذه التراكمات التي عاشت عشرات السنين في اجواء محاربة اقليمية ودولية.
يبدو ان مصطلحات الحرية والديموقراطية واختيار الشعوب واحترام صناديق الاقتراع تتكسر عندما يأتي الاختيار اسلامياً او ليس على هوى الليبراليين والعلمانيين، هناك نماذج واضحة وجيدة من الليبراليين وكانت صادقة باصطفافها مع المبدأ، ولكنها قليلة جداً للاسف ولكل بيان الحقيقة مهم جداً في كشف الخدعة الكبيرة وهي متى لا يؤمن البعض باختيار الغالبية. 

محمد عبدالله المطر
@bom6r