| وضحة أحمد جاسم المضف |
تخرجت في جامعة الكويت تخصص خدمة اجتماعية، درست خلال الأربع سنوات طرق الخدمة الاجتماعية الثلاثة «خدمة فرد - خدمة جماعة - تنظيم مجتمع» وكنت أميل دائما إلى الطريقة الثالثة في التخصص وهي تنظيم مجتمعcommunity organizing، وهذه الطريقة لا يمكن أن نعزلها عن التنظيم السياسي ودائما كنت أصف هذه الطريقة بحالة حرب الجميع ضد الجميع، فتنظيم المجتمع تعريفا هو العملية التي يتمكن بها المجتمع من تحديد حاجاته وأهدافه وترتيب هذه الاحتياجات والأهداف حسب أهميتها ثم إذكاء الثقة والرغبة بالعمل ومن ثم القيام بالعمل لتلبية هذه الحاجات وتحقيق الأهداف، طريقة تنظيم المجتمع مليئة بالمداخل والنماذج والاستراتيجيات التي يستعين بها المنظم الاجتماعي في ترتيب صفوف أفراد المجتمع خصوصا الضعفاء والمهمشين ومسلوبي الحقوق ويقوم بدور الثائر والمدافع والمحامي عن أفراد المجتمع ويقف بالصدر لمواجهة مراكز القوى محاولا تعديل النسق السياسي والاقتصادي وصولا لتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين الناس، فالحديث عن الحقوق ليس خروجا والانحياز للأمة شرف وعصابة رأس، هذا ما تعلمته من التخصص.
عادة نجد الصراع السياسي ينتهي لصالح طرف على حساب طرف آخر، تبعا لموازين القوى، ومدى قدرة كل طرف على أن يجير الظروف لصالحه من جانب، وعدم تمكن الطرف الثاني من تحقيق ذلك في الوقت المناسب وفقا لما تتطلبه طبيعة الصراع من جانب آخر.. وحسب نظرتي القاصرة أن المعارضة الكويتية تعرضت لانتكاسة شديدة أدت إلى تراجعها للخلف بسبب غياب المنظم الإجتماعي القادر على قيادة الصراع السياسي والاعتراض الاجتماعي بمهنية وإحتراف دون التعرض للمخاطر أو الوقوع تحت طائلة القانون وذلك باستخدام أساليب الاعتراض الاجتماعي حسب نصوص الدستور والقانون، وأهم ما تحتاجه المعارضة وتنظيماتها في الوقت الراهن هو ترتيب الصفوف وتنظيم خطوات التراجع والعكوف على تقييم المرحلة والمصارحة مع الذات بشفافية دون جلد والعودة مرة أخرى الى الدخول بصراع سياسي جديد مع التأكيد على الاستعانة بالمنظم الاجتماعي القادر على ترتيب المطالب المشروعة وضمها تحت سقف واحد بدلا من اختلاف السقوف هدفها الإصلاح التدريجي المتفق عليه سلفا من جميع الأطراف.
ولابد أن نبتعد جميعا - سيما في هذه المرحلة - عن خطاب التخوين ولغة النقد غير المنضبط.. فيجب أن نصعد بدل الانحدار ولنقوم بعضنا بعضا عبر القنوات الصحيحة بعيدا عن النقد في الهواء الطلق، بهذه الكيفية سيعود بريق المعارضة في السطوع مرة أخرى وتعود الروح لمجتمعنا الديناميكي بطبيعة.. فالمعارضة مع اعتذاري الشديد جدا ليست زوجة بعقد عرفي يرسل العريس ورقة طلاقها بالبريد الإلكتروني بعد أن يقضي وطره منها.. المعارضة أحد أهم المكونات الرئيسية في الأنظمة السياسية ومن الخطأ بمكان إفراغ الساحة السياسية منها، فيكفينا فوضى وتقاذف المسؤوليات كل على الآخر.. أقبل أن أضع القلم.. أهديكم وصية طالما نفعني الله بها « كن واثقا من نصر ربك لكن لا تطلبن شيئا بغير سببه».
 
walmudhafpen@hotmail.com
Twittre@wadhaAalmudhaf