| كتب محمد نزال |
لاقى موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» اهتماما بالغا، من قبل أساتذة وإداريي وطلبة الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، فقد أصبح مثل «هايد بارك»، أو المتنفس لهم، حيث يلتقي فيه أبناء هذه المؤسسة والمنتمون إليها لتناقل أخبار مؤسستهم، أو الحديث في أمور محظور التطرق إليها وذكرها داخل مقار عملهم، كانتقاد المدير العام ونوابه، وكشف تجاوزات وأخطاء إدارية ومالية من قبل مسؤوليهم، أو غيرهم من المسؤولين.
وبعيدا عن أعين الرقابة، وكوسيلة لحماية أنفسهم من المسؤولية القانونية والإدارية التي قد تنتج عن حديثهم في تجوزات أو انتقادات، يتغطى بعض أصحاب الحسابات في «تويتر» بحسابات وهمية، مستخدمين أسماء وصورا مستعارة، والبعض منهم يستخدم شعار الهيئة الرسمي في حديثه عن شؤون وقضايا الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب.
والمتابع لـ«تويتر» يجد أن الحديث عن الهيئة وإدارتها وكلياتها ومعاهدها ذي شجون، حيث يرمي العاملون في الهيئة همومهم على «تويتر»، ربما لعدم وجود آذان صاغية لهم في مقار عملهم.
وفي المقابل، هناك بعض الحسابات الوهمية التي تعمل على «التلميع» لمسؤولي الهيئة ومجاملتهم والدفاع عنهم، كردة فعل للحسابات الوهمية التي تنشر تجاوزات وهموم العاملين، وهذا ما يجعل «تويتر» ميدانا حيا لأهل «التطبيقي» في تبادل الحديث والنقاش بشكل يومي حول قضايا مختلفة.
ويبلغ عدد الحسابات التي تستخدم شعار الهيئة وتغرد بتجاوزات وتنتقد إدارة الهيئة، ما يقارب 8 حسابات، بالإضافة إلى الحسابات الأخرى التي يضع فيها أصحابها صورهم الشخصية وأسماءهم، وهم الأساتذة... «الراي» التقت عددا من مسؤولي الهيئة، وفي السطور التالية التفاصيل:

بداية، بين مدير عام الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب الدكتور عبدالرزاق النفيسي، أن «استخدام الشعار الرسمي والخاص بأي جهة، واستغلاله بطريقة شخصية، أمر غير سليم»، موضحا انه «في دول أخرى نجد لديهم قوانين لمحاسبة من يستخدم شعار أي جهة في غرض شخصي أو خاص»، مبديا ترحيبه بالآراء ووجهات النظر المختلفة، بشرط ألا تكون فيها إساءة أو تعد على الآخرين.
وأنتقد الدكتور النفيسي، «استخدام البعض للشعار الرسمي للهيئة على سبيل المثال في غرض شخصي، سواء وضعه على كتاب، أو حساب على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، أو أي أمر يجعل المتابع يعتقد أن هذا الحساب هو رسمي، تابع للمؤسسة، ولا نعلم حقيقة ما ينشر فيه، هل هو (شيء زين أم شين)»، مشيرا إلى أنه «يجب أن ننظر للآلية التي تحكم هذا الأمر، والوقت الحالي العملية مفتوحة، ولا نستطيع أن نمنع أحدا، كما لا نعلم هل الذي يضع شعار الهيئة، هو فعلا ينتمي إليها أم من خارجها».
وأضاف النفيسي، «لا نهدف إلى حجر الكلام على أحد، وبإمكان أي فرد إبداء وجهة نظره ورأيه، ولكن من وجهة نظري فان الشعارات والأمور الرسمية الخاصة بالمؤسسة، يجب ألا تستخدم في أمور عشوائية أو شخصية».
وحول تتبع أصحاب الحسابات التي تضرب الهيئة، أوضح النفيسي، «هذه مسؤولية جهات أخرى، وكما قلت: نحن نرفض التجريح والإساءة، ونرحب بالنقد البناء البعيد عن الطابع الشخصي، ولا نهدف إلى حجر الكلام على أحد».
وقال أمين سر رابطة أعضاء هيئة التدريس للكليات التطبيقية الدكتور أحمد الحنيان، إن «تويتر حاله كحال مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى، فهو موقع تواصل إلكتروني له فوائد كثيرة، وسهل طرق التواصل ونقل الأفكار والأخبار، وقرب الشعوب وساهم بسرعة نقل المعلومات، خصوصا لدى أصحاب الفكر الراقي والحوار المفيد».
وأردف الحنيان، «بظهور هذه التكنولوجيا، دخل الكثير من الناس في هذا الفضاء الإلكتروني الجديد، بمن فيهم الطلبة والموظفون وحتى ربات البيوت، ونتيجة لانتشار هذه التكنولوجيا وثقافتها دخل كثير من منتسبي الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب في هذا الفضاء الإلكتروني، وهذا أمر طبيعي، فالجميع يملكون حسابات في مواقع التواصل الاجتماعي، وإن دخولهم إلى هذا العالم هو نتاج هذا الانفتاح التكنولوجي، وليس بالضرورة للتنفيس عن الهموم».
وأضاف الحنيان، «أما بخصوص من يضع شعار الهيئة بتغريداته، فإنه يريد لفت انتباه المغردين إليها بمجرد النظر إلى الشعار، فالشعار الرسمي يجذب المتابع، إلا أننى أفضل ألا يوضع شعار الهيئة الرسمي، ويمكن أن يستبدله المغرد بكلمة شبيهة بالتطبيقي، في شكل أيقونة».
وبين الحنيان، إن «التخفي تحت أسماء وحسابات وهمية، يجعل المغرد يعبر عن رأيه بحرية أكثر ومن دون ضغوط، ويتمكن المغرد من التعبير عما يجول في خاطره من دون خوف من أن يلومه الزملاء، أو المسؤولون بالهيئة، أو أن يعاقب من جهة عمله، وفي بعض الأحيان يكون للتعبير عن غضبه مما يحصل من إدارات، أو من مسؤولين، وعادة ما تكون التغريدات حادة وجريئة، كونها تحت اسم وهمي».
وحول أسباب كثرة الحسابات الوهيمة، أوضح الحنيان، «نحن في بلد يكفل حرية الرأي، طالما رأينا عقلاني وانتقادنا بناء، وهنا يتم أخذ الانتقاد والرأي والنصيحة مأخذ الجد من المتلقين، لأنها تبدو أكثر واقعية ومصداقية، ونها تعبر عن رأي صاحبها الحقيقي، وشخصيا لدي حساب واحد في تويتر نني مقتنع بأن يكون الشخص المغرد نفسه، هو نفس الشخص بالحياة العامة، وهذا يجعلنا بعيدين عن التصنع وأقرب إلى الصدق».
أما بخصوص التخفي بحسابات وهمية، لنشر غسيل أفراد أو جهات والتحدث عن تجاوزات ومخالفات، أفاد الحنيان، «هذا الأمر غير مقبول، ومضاره أكثر من فوائده، وعادة تكون هناك مبالغة، وقد يُظلم أشخاص دون وجه حق، وقد نجد تهما وأكاذيب، والحساب الوهمي قد يشجع صاحبه على التمادي بالنقد إلى درجة قد توصل صاحبها إلى المحظور، أو ان يتم مدح جهات أو أشخاص بشكل مبالغ فيه، ما يجعلنا في شك حول هذا المديح، وهنا أصبح الحساب تنفيعيا».
وأشار الحنيان، إلى أن «كثرة الحسابات الوهمية نتاج انتشار التكنولوجيا، وزيادة عدد المغردين، وهذا شيء طبيعي، وازدياد الحسابات الوهمية هي حماية صحابها ممن يريد أن يعبر عن رأيه السلبي بالهيئة، أو جهة عمله أو بالنقابة أو بزملائه الأساتذه، والذي لا يستطيع أن يعبر عنها من خلال شخصيته الطبيعية، مع العلم أن بعض أصحاب الحسابات الوهمية يكون طرحهم راقيا وتغريداتهم بناءة وتستحق المتابعة، وأتمنى أن لا تكون هناك مبالغة بالتجريح، والا يتم التعرض لكرامة الشخصية، والتشكيك بالسلوك».
ولفت الحنيان، «تويتر هو متنفس للجميع، والكثير لديه الملاحظات والتعليقات والانتقادات العديدة، والهيئة حالها حال أي مؤسسة في البلاد، والكثير لديه هموم، وتويتر يجعلك تعبر عن تلك الهموم في أي وقت، وفي أي مكان... فهو عالم مفتوح».
وتساءل رئيس رابطة أعضاء هيئة التدريب بالهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب محمد الهاجري، «من يضمن أن الذين يستخدمون حسابات وهمية في تويتر، يعملون وينتمون للهيئة حقا؟»، داعيا « أي فرد لديه مشكلة ويريد عرضها، بعد أن أغلقت الأبواب أمامه، أن يلجأ للصحافة، كي تلاقي مشكلته صدى وقبولا لدى وزير التربية، أومجلس الوزراء، في حال عدم حلها من قبل المسؤولين بالهيئة».
واعتبر الهاجري، استخدام شعار الهيئة الرسمي في حسابات «تويتر» الوهمية «أمر غير سليم، ولا يجب أن يكون، لأن هذا شعار خاص بمؤسسة ويمثلها هي فقط، و«نحن على استعداد لمتابعة أي موضوع ينشر في تويتر، شرط أن يكون الذي نشره معلوم الهوية، وليس مجهولا، كما نرفض تجريح الآخرين وشتمهم عند تقييم الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب والدخول في نقاشات وحوارات حولها».
وقال أمين سر نقابة العاملين بالهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب المهندس فنيس العجمي، إن «تويتر أصبح اليوم قائدا للتغيير على مستوى العالم، فقد ساهم بشكل فعال في تغيير سياسات دول، والإطاحة برؤساء، وهذا يعني أن تويتر أتى بأسلوب إعلامي جديد، وعلى الجميع أن يعي هذا الأسلوب ويتعامل معه حسب ما ينبغي، خصوصا أن لكل فرد فيه الحرية بإبداء رأيه ووجهة نظره».
وأضاف العجمي، «أمر إيجابي وجود حسابات في تويتر تتحدث عن أمر معين أو مؤسسة معينة، كما هو حاصل لدينا في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، حيث تجد الكثير من الحسابات الوهمية أو غير الوهمية، تتبادل النقاش والحديث حول الهيئة، وهذا وضع صحي، بشرط أن يكون وفقا لحدود الآداب العامة، وعدم الشتم والتعدي على الآخرين، كون مثل هذه الحسابات تعكس مشاكل وهموم الناس، وتوضح الخلل الموجود والحاصل».
وأفاد العجمي، «يجب أن يراد من أي حساب موجود تحقيق الإصلاح، والحسابات الوهمية إن وجدت ينبغي منها ذلك، ونحن مع أي إنسان يبذل جهدا ويسعى لإصلاح الخلل الذي تقع عليه يده، وذلك من دون تجريح الآخرين»، مشيرا إلى أنه «حري بالإدارة لدينا وجميع المسؤولين مراجعة أنفسهم، وفتح أبوابهم للموظفين والعاملين، كما عليهم أن يفهموا تغير العالم، ويفهموا الثورة التي أحدثها تويتر، والنقلة النوعية في طرح القضايا وإبداء الرأي ووجهات النظر، وهذا الكلام ينطبق على الجهات الحكومية كافة».
ودعا العجمي، الجهات الحكومية كافة إلى دخول ساحة «تويتر»، وإنشاء حسابات خاصة بها، للتواصل مع الناس والموظفين التابعين لها، والاستماع عن كثب لمشاكلهم وقضاياهم.
وقال عضو الجمعية العمومية لرابطة أعضاء هيئة التدريس الأستاذ بكلية التربية الأساسية الدكتور بدر الخضري، إن «الفضاء الإلكتروني المتمثل بمواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، فتح مجالا وأفقا جديدين في حرية التعبير وإبداء وجهات النظر، حيث أصبح باستطاعة أي فرد طرح رأيه، ولا تستطيع أي دولة أو جهة السيطرة على الفضاء، إلا بالتعاون مع مؤسسي وملاك مواقع التواصل الاجتماعي».
وردا على سؤال، هل أصبح «تويتر» متنفسا للموظفين بعد تنصل الإدارة العليا وعدم اللقاء بهم؟، قال الخضري، «لماذا بعض المسؤولين لديهم الوقت الكافي الذي يمتد لساعة وأكثر، لمتابعة ما يدور في تويتر من أخبار تهم مؤسسته وجهته الحكومية التي ينتمي لها، بينما ليس لديهم الوقت الكافي لمقابلة صاحب الشكوى أو الملاحظة أو الاقتراح؟، وهذا الأمر موجود في جميع المؤسسات والجهات»، مبينا أن « تويتر هو المكان المعبر لإيصال صوت أي فرد يريد التحدث».
وطالب الخضري، مدير عام الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، بعقد لقاء مع أعضاء هيئة التدريس، وأن يبادر هو بهذا اللقاء، وليس بطلب من رابطة أعضاء هيئة التدريس، أسوة بالمديرين السابقين للهيئة، موضحا «شخصيا طلبت موعد لقاء معه، ولكن لم يتم ذلك، وقد يكون لقائي معه فيه جوانب إيجابية أو سلبية، وقد أحمل مقترحا وليس مشكلة»، متسائلا «لماذا يعتقد المسؤولون لدينا بأن لقاءهم مع العاملين والأساتذة والموظفين هو لطرح مشاكل وقضايا؟، فهذا غير صحيح، وقد يكون اللقاء لطرح مقترحات وأمور إيجابية أخرى».
وحول استخدام شعار الهيئة الرسمي في حسابات وهمية بتويتر، أوضح الخضري، «لابد من الإدارة القانونية أن تتحرك، وتبادر برفع قضايا، انطلاقا من قانون الحقوق الفكرية، حيث تم استخدام شعارها الرسمي في غير محله، ونرفض منع أي شخص من إبداء رأيه عبر تويتر، أو أي وسيلة كانت».