| د. لطيفة جاسم التمار* |
ينتمي هذا الشكل الفني إلى فن المقامات، فكتاب حديث عيسى بن هشام يوصف بأنه أفضل ما عرف في فترته من هذا الفن، وهو أقرب نوعا ما إلى الفن القصصي، وباستطاعتنا أن نقول إنه كان النقطة الفاصلة لبروز الشكل الجديد (الفن القصصي) بكل أنواعه وأشكاله، استخدم المؤلف الأسلوب الفكاهي للوصول إلى الأغراض التي أراد أن يوصلها للمتلقي سواء أكانت أغراضا اجتماعية أو سياسية أو نقدا للمجتمع المضطهد الذي كان يحيا به لكي يحرض الشعب بشكل غير مباشر للدعوة إلى التغيير واستنهاض الهمم، يصف المويلحي طبقات المجتمع مع قطاعاته المختلفة ويبرز سلبيات المجتمع ونواحي التخلخل فيه، في المقابل يرفع من شأن العادات والتقاليد الحسنة والتي دائما ما يحتفظ ويتمسك بها الآباء والأجداد. يتعرض المويلحي إلى انتشار الأجانب في بلده وتغلغلهم في مجتمعهم المحافظ وظهور عادات حديثة وغير مقبولة في المجتمع العربي انتشرت بوجود الأجانب في المجتمع المصري. ومن هنا وصف الكثير من النقاد أن فن المقامة قد بلغ مداه على يد المويلحي، ثم أخذ يتقهقر ليترك الميدان لفن جديد آت بسرعة البرق فبالرغم من اجتماع النقاد على افتقاد (حديث عيسى بن هشام) وحدة الحدث وحبكته، لكن في المقابل تحقق له الكثير من عناصر العمل الفني الجديد، لغة (الحديث) اعتمدت على السجع وهي اللغة التي استخدمها المويلحي في حديثه، هذه اللغة أكدت على نزعة التخيل والحلم خصوصا أن بداية الحديث كانت حلما، بعد ذلك يختفي طابع الحلم، فيعتمد (الحديث) على التصوير الفني الذي يبرز غرض تأليف الكتاب، لكن الرابطة بين الفصول والأحداث أتت ضعيفة ما أفقد العمل حبكته الفنية، ولا يمكننا أن نأخذ هذا المأخذ على المؤلف لأنه لم يقصد أن يكتب رواية فنية بقدر ما كان يريد أن يعرض لطبائع أهل العصر وصفاتهم وطبقاتهم والمشاكل التي يواجهونها وهذا ما جعل المؤلف يعنون فصول كتابه بحسب فئات المجتمع. كما اعتمد المويلحي على استحضار شخصيات حسية في كتابه ليعالج بها مشاكل حية أيضا من خلال أسلوب سردي يقترب من المقامة من حيث العناية بالسجع واختيار المفردات والموسيقى، لكنه في الوقت ذاته يبتعد عن المعنى المتقعر والغريب و لذلك كان الحوار في (الحديث) سلساً وأقرب إلى لغة الناس وهذا ما جعل (الحديث) يقترب من الفن القصصي، بينما يأخذ السرد منحى آخر أكثر قربا من شكل المقامة. في نهاية المطاف نصل إلى أن المويلحي كان غرضه الأساسي إصلاحياً أقرب إلى الهدف التعليمي، كما كان البذرة الأولى في ظهور فن الرواية الحديثة على أصول فنية حديثة.
* دكتوراه في الأدب العربي الحديث
Latifa-altammar@hotmail.com
ينتمي هذا الشكل الفني إلى فن المقامات، فكتاب حديث عيسى بن هشام يوصف بأنه أفضل ما عرف في فترته من هذا الفن، وهو أقرب نوعا ما إلى الفن القصصي، وباستطاعتنا أن نقول إنه كان النقطة الفاصلة لبروز الشكل الجديد (الفن القصصي) بكل أنواعه وأشكاله، استخدم المؤلف الأسلوب الفكاهي للوصول إلى الأغراض التي أراد أن يوصلها للمتلقي سواء أكانت أغراضا اجتماعية أو سياسية أو نقدا للمجتمع المضطهد الذي كان يحيا به لكي يحرض الشعب بشكل غير مباشر للدعوة إلى التغيير واستنهاض الهمم، يصف المويلحي طبقات المجتمع مع قطاعاته المختلفة ويبرز سلبيات المجتمع ونواحي التخلخل فيه، في المقابل يرفع من شأن العادات والتقاليد الحسنة والتي دائما ما يحتفظ ويتمسك بها الآباء والأجداد. يتعرض المويلحي إلى انتشار الأجانب في بلده وتغلغلهم في مجتمعهم المحافظ وظهور عادات حديثة وغير مقبولة في المجتمع العربي انتشرت بوجود الأجانب في المجتمع المصري. ومن هنا وصف الكثير من النقاد أن فن المقامة قد بلغ مداه على يد المويلحي، ثم أخذ يتقهقر ليترك الميدان لفن جديد آت بسرعة البرق فبالرغم من اجتماع النقاد على افتقاد (حديث عيسى بن هشام) وحدة الحدث وحبكته، لكن في المقابل تحقق له الكثير من عناصر العمل الفني الجديد، لغة (الحديث) اعتمدت على السجع وهي اللغة التي استخدمها المويلحي في حديثه، هذه اللغة أكدت على نزعة التخيل والحلم خصوصا أن بداية الحديث كانت حلما، بعد ذلك يختفي طابع الحلم، فيعتمد (الحديث) على التصوير الفني الذي يبرز غرض تأليف الكتاب، لكن الرابطة بين الفصول والأحداث أتت ضعيفة ما أفقد العمل حبكته الفنية، ولا يمكننا أن نأخذ هذا المأخذ على المؤلف لأنه لم يقصد أن يكتب رواية فنية بقدر ما كان يريد أن يعرض لطبائع أهل العصر وصفاتهم وطبقاتهم والمشاكل التي يواجهونها وهذا ما جعل المؤلف يعنون فصول كتابه بحسب فئات المجتمع. كما اعتمد المويلحي على استحضار شخصيات حسية في كتابه ليعالج بها مشاكل حية أيضا من خلال أسلوب سردي يقترب من المقامة من حيث العناية بالسجع واختيار المفردات والموسيقى، لكنه في الوقت ذاته يبتعد عن المعنى المتقعر والغريب و لذلك كان الحوار في (الحديث) سلساً وأقرب إلى لغة الناس وهذا ما جعل (الحديث) يقترب من الفن القصصي، بينما يأخذ السرد منحى آخر أكثر قربا من شكل المقامة. في نهاية المطاف نصل إلى أن المويلحي كان غرضه الأساسي إصلاحياً أقرب إلى الهدف التعليمي، كما كان البذرة الأولى في ظهور فن الرواية الحديثة على أصول فنية حديثة.
* دكتوراه في الأدب العربي الحديث
Latifa-altammar@hotmail.com