تقوم شركات الإنتاج السينمائي في العالم بإنتاج عشرات الأفلام يوميا، وتقذف المطابع ملايين الصحف يوميا، وتنشر دور الكتب مئات الكتب يوميا، لم نسمع أن أياً من تلك الأفلام أو الصحف أو الكتب قد طعنت في نبي الله عيسى عليه السلام أو موسى عليه السلام أو في بوذا أو في الرموز الدينية الكثيرة في العالم إلا ما ندر.
وأذكر بأن النصارى في الغرب قد ثارت ثائرتهم في الثمانينات عندما أنتجت هوليود فيلم (عيسى - سوبر ستار) صورت فيه نبي الله عيسى عليه السلام بالبطل ولكن بطريقة غنائية مسرحية.
الاستثناء الوحيد من كل ما ذكرناه هو رسول الإسلام محمد عليه الصلاة والسلام الذي لا يمر شهر إلا وتجد من يؤلف من الكتب أو ينشر من الكاريكاتيرات أو ينتج من الأفلام ما يطعن في رسالته أو ينتقصه في شخصه أو في أهل بيته أو يشوه سيرته العطرة.
إن ذلك ليدل دلالة واضحة على الحقد الدفين الذي امتلأت به قلوب هؤلاء القوم على العقيدة الإسلامية والتي يحاولون تغطيتها بشعارات حرية الرأي والمساحة الواسعة للتعبير ولا أدري لماذا لم نر ذلك مع أسطورة الهولوكوست!! ويساندهم المنافقون في كل مكان الذين ما إن يشعروا برفض المسلمين وردة فعلهم ضد الطعن بعقيدتهم حتى يتحولوا الى الدول الغربية لينفثوا منها سمومهم وينشروا باطلهم بحجة ان قوانين تلك الدول تسمح لهم، وقد شاهدنا ما فعله سلمان رشدي في بريطانيا وتسليمه نسرين في بنغلاديش ثم هربها الى ألمانيا وحصولها على أعلى وسام من رئيس الدولة وشاهدنا ما فعله نصر أبو زيد في مصر ثم هربه الى الغرب.
وياسر الحبيب الذي طعن في عرض النبي صلى الله عليه وسلم ومزق أزواجه ثم هرب الى بريطانيا لينشئ قناته الخاصة التي تتولى ذلك الطعن وآخرها ما فعله بعض الأقباط من إنتاج ذلك الفيلم المسيء، وهكذا تتوالى الأحداث ويصل المنافقون الى قمة الشهرة والثراء ويحققون ما يصبون إليه من طعن في دين الله بينما تأتي ردات فعل المسلمين قوية وطائشة ومدمرة.
إن الإنسان يجب ان يدرك بأن ذلك الحقد الدفين ضد الإسلام لم يكن ليتفجر لولا قناعة أولئك الغربيين والمنافقين بكمال شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم وأخلاقه القويمة وانتشار دعوته ودخول الملايين فيها أفواجا ويجب أن يدرك كذلك بأن الله تعالى يدافع عن رسوله ويذب عن عرضه، وكلما أمعن الحاقدون في الطعن فيه كلما ازدادت محبته في قلوب أتباعه وتمسكوا بالحق الذي أنزله الله تعالى على قلبه مصداقا لقول الله تعالى: «إنا كفيناك المستهزئين» وقوله: «إن شانئك هو الأبتر».
لسنا بحاجة الى ان نكرر كلامنا بأن هذه الطريقة المقززة في الذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تخالف هديه وسنته وهي محرمة في الإسلام، سواء من قتل السفراء أو إحراق السفارات أو ردات الفعل العشوائية، بل الواجب هو التمسك بسنته وهديه والدعوة الى دينه وتبصير الناس بصفاته القويمة، وأن نحث حكوماتنا على اتخاذ الوسائل التي تضمن احترام ديننا ومعاقبة المسيئين لعقيدتنا.

رحم الله داعية الوسطية عبد الله السبت
قبل سنوات عديدة كان اسم الشيخ عبد الله السبت - رحمه الله تعالى - معروضا ضمن الأسماء التي تنظر فيها الحكومة لإعطائه الجنسية الكويتية، ثم تم سحب الاسم من القائمة، فسأل أحد أعضاء مجلس الأمة المسؤولين عن سبب سحب الاسم، فقال له: لأسباب أمنية، فرد عليه النائب: مشكلتكم في الكويت أنكم لا تعرفون من هو معكم ويدافع عنكم ومن يقف ضدكم ويحرض الناس عليكم، ثم أضاف بأن الشيخ السبت هو أكثر من تصدى للأفكار المنحرفة التي حاولت شق طريقها في الكويت مستغلة الأحداث الساخنة في العالم واندفاع الشباب وراءها دون فهم أو وعي وقد ألف الشيخ الكثير من الرسائل وسجل مئات الأشرطة والمحاضرات التي تبين مبادئ الإسلام الحنيف وحذر من التطرف بجميع أشكاله وربى جيلاً من الشباب على الوسطية بمعناها الصحيح، والحمد لله ان حكومتنا قد أنصفته وأعطته الجنسية الكويتية في آخر سنة من عمره بعدما أنهكه المرض الخبيث.
لم أشأ ان أعدد مآثر أخي وشيخي الجليل عبد الله السبت - رحمه الله - فقد تكلم فيه الكثيرون ولكن أحببت ان أنبه الى ضرورة تبني منهج الوسطية الذي دعا إليه - بعيدا عن الزخارف الكثيرة التي تفنن فيها الكثيرون حول الاعتدال والوسطية - لاسيما في زمن كثرت فيه الفتن وانتشر الجهل وعم تكفير الناس وإخراجهم من الدين وازداد التحريض على العنف والخروج على المجتمع.
رحم الله الشيخ عبد الله السبت وأسكنه فسيح جناته.

د. وائل الحساوي
wael_al_hasawi@hotmail.com