| منى فهد العبدالرزاق الوهيب |
إن الأمة الكويتية كبقية الأمم تفتخر بأن سلوكها يخضع لقيم ومبادئ تؤمن بها، ولا نتهم أحدا بأنه يخطط لتدمير قواعد السلوك لديه عن عمد، ولكن الذي يحدث دائما بأن الإنسان من خلال حركته اليومية يخضع لهواه وشهوته، وهنا يتفاوت الخضوع والاستسلام للرغبات من شخص إلى آخر، ويبدأ الجور والإجحاف على المبادئ والقيم، كل حسب مكياله ومعياره، فيصدر سلوك غير منضبط على الوجه المطلوب بما يؤمن به من مُثل وقيم ونظم.
عادةً قبل أن نسافر لأي بلد عربي أو أجنبي نسأل عن أنظمة وقوانين تلك البلاد قبل أن نسأل عن أماكن السياحة والأسواق، وما كان سؤالنا واستفسارنا، إلا لاحترام أسلوب وطريقة تجسيد هذه القوانين وتفعيلها على أرض الواقع في البلد المستضيف، وحتى لا ينطبع الانطباع السيئ عن أبناء الشعب الكويتي بأنهم فوضويون ومبعثرون ويتجاوزون الأنظمة أينما كانوا، وأظن هذا المتعارف عليه من قبل أغلب الناس حتى من غير الكويتيين، بل بعض الدول تفرض عليك وتجبرك على احترام أنظمتها وقوانينها، من خلال سلوك شعبها ومنهجهم بتطبيق القانون.
عندما نقول بأن الشعب الكويتي مختلف ليس تكبرا على بقية الشعوب ولا استعلاءً، من وجهة نظري أن ما يميز أفراد الشعب الكويتي عن بقية الشعوب، ليس الترف والرفاهية، ولا الثروة المخملية، بل ما يميزهم هو السير على مسطرة القانون في البلد المستضيف بانضباط ومن دون انحراف، إلا أن هذا الشعب الذي يدرك تماما مدى أهمية احترام وتبجيل وتوقير القوانين في خارج البلاد، في داخل بلده هو يتصدر التجاوزات والمخالفات، ويظن الفرد بنفسه أنه قانون يمشي على الأرض، لا أحد يستطيع أو يجرؤ أن يحاسبه أو يتجاوزه، والحقيقة التي لا تخفى على أحد أن أفراد الشعب الكويتي هم من يُجرئون كل مقيم أو زائر للكويت على تجاوز القوانين والأنظمة، التي تعتبر دستورا للبلد تنظم وتضبط سلوك الأفراد.
إن ما نراه اليوم من تجاسر واجتراء على القوانين سواء كانت المرورية أو الأنظمة المدنية التي تحكم الأفراد وتحفظ لهم حقوقهم، يحتاج إلى تغيير في المجال الإدراكي للناس، من خلال إعادة ترتيب بعض التصورات، والانتباه إلى بعض الأمور المنسية، بالإضافة إلى شحذ الهمم لتتكاتف وتقضي على ثقافة «أنا كويتي.. أنا غير»، ونحن لا نلوم أو نعتب على المقيمين أو الزائرين إن لم يحترموا قوانين بلدنا، فمن الأولى على ابن البلد أن يحترم ويطبق قانون بلده قبل غيره، ولو كان كل مواطن خفير على نفسه، وراقب ذاته واجبرها على احترام وتطبيق القانون، لما اجترأ الغير على أنظمتنا ومنهجنا في تسيير أمور بلدنا.
دعوة مني لابن بلدي بأن يعتز ويفتخر بسلوكه الذي تربى عليه في البيئة الكويتية الخصبة، والخاضعة لقيم ومبادئ آمنت ومازالت تؤمن بها، لتفتح شهيتك للتغيير، وتنتقل مسألة التغيير من مستوى الجدل التنظيري الفلسفي، إلى مستوى العمل والمجاهدة ببلورة تلك المبادئ والقيم على أرض الواقع، والامتثال لقوانين بلدنا قبل أي بلد آخر، فلنكن مثاليين بحشد قوانا المعنوية خطوة تلو الخطوة نحو توطئة نفوسنا على احترام قرارات وقوانين البلاد وتفعيلها، وتكون ثقافتنا ومنهجنا وأسلوبنا «أنا كويتي... إذاً أنا احترم قانون بلدي واخضع له قبل أي قانون من قوانين البلدان الأخرى»، وتكون حركتنا اليومية وفق أطر ومنظومة المبادئ والقيم التي نؤمن بها، وليس وفق رغباتنا وشهواتنا التي غالبا ما تحرضنا على التجاسر والتجرؤ على القيم والمبادئ والمُثل التي هي مصدر سلوكياتنا.


m.alwohaib@gmail.com
twitter: @mona_alwohaib