لم أشعر يوما بالغباء وبأني «ضايع بالطوشة» مثلما شعرت هذه الأيام، فأنا أشاهد نواب الغالبية يهددون ويتوعدون إن اقدمت الحكومة على تغيير الدوائر أو تغيير نظام التصويت الحالي، وأشاهد النائب علي الراشد الذي تمتد عروقه في الماء، ويتكلم بلسان الحكومة دائما، اشاهده يتكلم عن التصويت بنظام الصوت الواحد لكل ناخب، واقرأ للخبير الدستوري د. محمد المقاطع يحذر من ان حل مجلس الامة مقبل لا محالة ان استمررنا بنظام الخمس دوائر لانها مخالفة دستورية.
/>على الضفة المقابلة نرى الصمت المطبق من الحكومة وعدم الرد على تلك الاتهامات والتهديدات، بل وتجاهل اسئلة واستفسارات النواب عن نيتها الحقيقية تجاه الدوائر الانتخابية!
/>الغريب هو اننا اصبحنا نعيش هذه الايام وسط الصراع القضائي والدستوري وتفسير القوانين، واصبح الجميع يفسر القوانين كما يريد، فقط اعطني تفسيرا قانونيا لاي مادة دستورية وانا آتيك بالنقيض لها من خبراء قانونيين ودستوريين لا يقلون فهما عن الاولين!!
/>والأغرب مما ذكرت هو عن السبب الذي دفعنا للولوج في ذلك الجدل العقيم في هذا الوقت بالذات وبعد مرور خمسين سنة على كتابة الدستور وتمرير مئات القوانين والتشريعات!! ولماذا لم يتحدث احد عن عدم دستورية العشر دوائر ثم الخمس والعشرين ثم الخمس قبل اليوم؟!
/>هل نصدق نظرية المؤامرة التي تقول بان وصول مجلس مشابه لمجلس 2012 هو خط أحمر لا يمكن القبول به حتى ولو على قطع الرؤوس؟! وان فتح ملفات الفساد بهذه الطريقة الجريئة قد أشعل النار في البلد وادى إلى قرار لا رجعة فيه بان لا عودة إلى مثل هذا المجلس؟! وتمضي تلك النظرية إلى ادخال حكم المحكمة الدستورية ضمن دائرة الشك كما تمضي إلى ان وصول نسبة كبيرة من النواب الملتزمين دينيا هو خط اشد احمرارا وانه بالنسبة لهم اشبه باختطاف البلد من اصحابه؟!
/>انها حقا نظرية مخيفة وتشعر الانسان بان ما يراه امام عينه ليس الا خيالات زائفة وان الواقع الحقيقي مغاير تماما لما يراه، وبالرغم من كراهيتي للغوص في عالم المؤامرات والخداع الا انني اعتقد بان الحكومة يجب ان تقطع علينا حبل الاستغراق في نظرية المؤامرة لتؤكد لنا بانه لن يكون هنالك تغيير للدوائر ولنظام التصويت الا من خلال عرضه على المجلس المنتخب واخذ رأي الشعب، هذا اذا كنا فعلا نكره هبوب رياح الربيع العربي على بلادنا الحبيبة ونريدها نسيما عليلا، ومتى ما يئس الكبار من اصلاح الاوضاع سلميا وقانونيا، فلنتذكر بان الشباب الصغير اشد تأثرا وأشد من الكبار يأسا وجرأة على اجراء التغيير!!
/>د. وائل الحساوي
/>wael_al_hasawi@hotmail.com
/>