| منى فهد عبدالرزاق الوهيب |
لا يقوى الإنسان في كثير من الأحيان على مواجهة الحقيقة بسبب شدة صدمتها وعنفوان وقعها عليه، كما أن كثيراً من الناس يشعرون أنهم يعيشون في مجتمع لا يتلاءمون مع كثير من قيمه وأعرافه، لكن لا بد من شيء من الخضوع له، وهذا الشيء إن لم يكن نظاماً قانونياً قائماً بحد ذاته، ينظم علاقة الدولة وأجهزتها المختلفة بالأفراد، لعلاج الحريات العامة وضبطها إدارياً، فلا فائدة ونفع من هذا النظام.
الإنسان كائن اجتماعي يعيش وفقاً لتقاليد وعادات وأعراف معينة تحكم طريقة حياته فتدفعه للتآلف والعيش مع الناس والتعارف معهم، وانطلاقاً من مبدأ التعارف والتآلف والتعايش، فنحن بحاجة ماسة إلى قوانين ثابتة مطردة لتنظيم حياتنا وعلاقاتنا وتصرفاتنا، وكلما نضج الأفراد وتقدم المجتمع زاد حرص الأفراد على احترام القانون وطاعته من تلقاء أنفسهم، فالقانون ظاهرة اجتماعية ترتبط بالمجتمعات برابطة السببية والوجود، ولذلك فإنه لا غنى عنه في أي مجتمع باعتباره أداة تنظيم للسلوك البشري ومعياراً لتقييمه، فالطبيعة الإنسانية والتجارب التي خاضها الإنسان أوجدت أوضاعاً منتظمة في الحياة للسيطرة عليها وضبطها قياساً على سيطرة العلماء على الطبيعة باكتشافهم لقوانينها المختلفة.
وبما أن القانون ظاهرة اجتماعية، بل هو ضرورة اجتماعية، فلا قانون بغير مجتمع ولا مجتمع بغير قانون، فالفرد المنعزل (فرض نظري) بعيد عن الواقع، وقواعد القانون لا تنظم إلا العلاقات التي تنشأ بين الناس، فلا قيام لمجتمع بغير قواعد تتولى تنظيم شؤونه، وتنظيم الروابط بين أفراده، وتحقيق العدالة، وبالتالي تسيير المجتمع نحو التقدم والازدهار.
فرغبات الإنسان واحتياجاته لا تقف عند حد، وهو لا يقنع بما تحت يديه مهما عظم، وتبدأ المشكلة عندما يسعى إلى إشباع كل ذلك حتى وإن كان الثمن فنجان قهوة، فهو ينافس ويصارع ويصطدم بغيره لكي يشبع رغباته ويسد حاجاته، وما نراه اليوم من مشهد سياسي يتجسد بالكويت ما هو إلا رغبات متفاوتة ومتنوعة ما بين الإصلاح والإفساد، ومن باب المسؤولية المجتمعية التي يؤمن بها منتدى قلم المرأة الفكري فقد أقام الأربعاء الماضي ملتقى بعنوان (سيناريوهات السياسة والقانون) تحت شعار (ولنا موقف)، مؤكدين على احترام القانون متمثلا بحكم المحكمة الدستورية، باحثين عن الحقيقة التي توصلهم للموقف المتعقل المتزن.
هناك آراء ونظريات تؤصل وتبين طبيعة القانون وكيف يمر بمراحل وقنوات لحين صدور الأحكام القضائية والدستورية، وأن القضاء هو المحور الأساسي الذي ينقذ البلاد والعباد وذلك بتحقيق العدالة بين الأفراد، وهناك آراء ونظريات تؤصل وتبين طبيعة السياسة وتؤكد على احترام وتوقير الأحكام الدستورية متمثلة بتطبيقها، وفي الوقت ذاته تؤكد على الحق الأصيل لكل متضرر أن يناقش الحكم القضائي نقاشا موضوعيا وحياديا، إن كنا جادين صادقين بحمل مسؤولية التغيير والتأثير على عاتقنا من أجل الارتقاء بالبلاد، وإن اختلفنا في أهمية العرف وعلاقته بالقانون إلا أننا نحتاج لكليهما في سبيل النهوض والإصلاح.
من الطبيعي أن يختلف القانونيون بتفسير وتأويل الأحكام القضائية وذلك لامتلاكهم مهارة التلاعب بالألفاظ التي تجعل الأمور غير واضحة، وتفتح المجال أمام كل من يرغب في التنصل والتفلت من مسؤولياته القانونية والاجتماعية ومن القيود الشرعية والأخلاقية، ليمارس عبثه لتحقيق مآربه والوصول إلى مصائره وغاياته الفاسدة، لذا علينا أن نحترز ونعتني عناية خاصة بما نستخدمه من تعريفات ومصطلحات حتى لا نموه ونحارب الحقائق ونسدل الستار عليها من غير إنصاف لها، ونترك التعبير والتأويل للفقهاء والخبراء الدستوريين المختصين بالإجراءات الفنية والإدارية لإنقاذ البلاد من كوارث النظريات السياسية التي بدأت بنظرية التزوير وانتهت بنظرية المؤامرة.
m.alwohaib@gmail.com
twitter: @mona_alwohaib
لا يقوى الإنسان في كثير من الأحيان على مواجهة الحقيقة بسبب شدة صدمتها وعنفوان وقعها عليه، كما أن كثيراً من الناس يشعرون أنهم يعيشون في مجتمع لا يتلاءمون مع كثير من قيمه وأعرافه، لكن لا بد من شيء من الخضوع له، وهذا الشيء إن لم يكن نظاماً قانونياً قائماً بحد ذاته، ينظم علاقة الدولة وأجهزتها المختلفة بالأفراد، لعلاج الحريات العامة وضبطها إدارياً، فلا فائدة ونفع من هذا النظام.
الإنسان كائن اجتماعي يعيش وفقاً لتقاليد وعادات وأعراف معينة تحكم طريقة حياته فتدفعه للتآلف والعيش مع الناس والتعارف معهم، وانطلاقاً من مبدأ التعارف والتآلف والتعايش، فنحن بحاجة ماسة إلى قوانين ثابتة مطردة لتنظيم حياتنا وعلاقاتنا وتصرفاتنا، وكلما نضج الأفراد وتقدم المجتمع زاد حرص الأفراد على احترام القانون وطاعته من تلقاء أنفسهم، فالقانون ظاهرة اجتماعية ترتبط بالمجتمعات برابطة السببية والوجود، ولذلك فإنه لا غنى عنه في أي مجتمع باعتباره أداة تنظيم للسلوك البشري ومعياراً لتقييمه، فالطبيعة الإنسانية والتجارب التي خاضها الإنسان أوجدت أوضاعاً منتظمة في الحياة للسيطرة عليها وضبطها قياساً على سيطرة العلماء على الطبيعة باكتشافهم لقوانينها المختلفة.
وبما أن القانون ظاهرة اجتماعية، بل هو ضرورة اجتماعية، فلا قانون بغير مجتمع ولا مجتمع بغير قانون، فالفرد المنعزل (فرض نظري) بعيد عن الواقع، وقواعد القانون لا تنظم إلا العلاقات التي تنشأ بين الناس، فلا قيام لمجتمع بغير قواعد تتولى تنظيم شؤونه، وتنظيم الروابط بين أفراده، وتحقيق العدالة، وبالتالي تسيير المجتمع نحو التقدم والازدهار.
فرغبات الإنسان واحتياجاته لا تقف عند حد، وهو لا يقنع بما تحت يديه مهما عظم، وتبدأ المشكلة عندما يسعى إلى إشباع كل ذلك حتى وإن كان الثمن فنجان قهوة، فهو ينافس ويصارع ويصطدم بغيره لكي يشبع رغباته ويسد حاجاته، وما نراه اليوم من مشهد سياسي يتجسد بالكويت ما هو إلا رغبات متفاوتة ومتنوعة ما بين الإصلاح والإفساد، ومن باب المسؤولية المجتمعية التي يؤمن بها منتدى قلم المرأة الفكري فقد أقام الأربعاء الماضي ملتقى بعنوان (سيناريوهات السياسة والقانون) تحت شعار (ولنا موقف)، مؤكدين على احترام القانون متمثلا بحكم المحكمة الدستورية، باحثين عن الحقيقة التي توصلهم للموقف المتعقل المتزن.
هناك آراء ونظريات تؤصل وتبين طبيعة القانون وكيف يمر بمراحل وقنوات لحين صدور الأحكام القضائية والدستورية، وأن القضاء هو المحور الأساسي الذي ينقذ البلاد والعباد وذلك بتحقيق العدالة بين الأفراد، وهناك آراء ونظريات تؤصل وتبين طبيعة السياسة وتؤكد على احترام وتوقير الأحكام الدستورية متمثلة بتطبيقها، وفي الوقت ذاته تؤكد على الحق الأصيل لكل متضرر أن يناقش الحكم القضائي نقاشا موضوعيا وحياديا، إن كنا جادين صادقين بحمل مسؤولية التغيير والتأثير على عاتقنا من أجل الارتقاء بالبلاد، وإن اختلفنا في أهمية العرف وعلاقته بالقانون إلا أننا نحتاج لكليهما في سبيل النهوض والإصلاح.
من الطبيعي أن يختلف القانونيون بتفسير وتأويل الأحكام القضائية وذلك لامتلاكهم مهارة التلاعب بالألفاظ التي تجعل الأمور غير واضحة، وتفتح المجال أمام كل من يرغب في التنصل والتفلت من مسؤولياته القانونية والاجتماعية ومن القيود الشرعية والأخلاقية، ليمارس عبثه لتحقيق مآربه والوصول إلى مصائره وغاياته الفاسدة، لذا علينا أن نحترز ونعتني عناية خاصة بما نستخدمه من تعريفات ومصطلحات حتى لا نموه ونحارب الحقائق ونسدل الستار عليها من غير إنصاف لها، ونترك التعبير والتأويل للفقهاء والخبراء الدستوريين المختصين بالإجراءات الفنية والإدارية لإنقاذ البلاد من كوارث النظريات السياسية التي بدأت بنظرية التزوير وانتهت بنظرية المؤامرة.
m.alwohaib@gmail.com
twitter: @mona_alwohaib