شتان بين السينما والرواية المكتوبة... وبين الخيال المحصور بين قاب قوسي الشاشة وبين الخيال المتروك للقارئ بين دفتي كتاب. وقد كانت معرفتي بالروائي المصري علاء الأسواني من خلال الضجة التي صاحبت ظهور الفيلم، الذي تحدث عنه الناس طويلا، حتى أصبحنا ملزمين بمشاهدته حتى نعرف عما يتهامس به الناس سرا وعلنا، وهو فيلم (عمارة يعقوبيان) المقتبس من رواية للكاتب.جاء تعرفي أكثر بالكاتب من خلال رواية شيكاغو – التي رغم منعها في البلد إلا أنها أصبحت متوhفرة في كل مكان – والتي تقع في 453 صفحة من القطع المتوسطة. وهي تعتبر ثاني رواية للكاتب. الحقيقة أن علاء الأسواني استطاع أن يلمع في الآونة الأخيرة كأبرز كتاب الرواية المصريين من خلال الجمع- برأيي- بين ثلاثة عوامل لنجاح روايته تسويقيا: الأسلوب السلس المتفرد في سرد الأحداث، وتقديم المعلومات الجديدة والدقيقة والتي قد تغيب عن القارئ العادي فيكتشف أنه اكتسب معلومات يعرفها للمرة الأولى فيشعر بالامتنان للكاتب، والإثارة المبالغ بها، التي لم يستطع الكاتب أن يحرر نفسه منها في 90 في المئة من فصول الرواية.القصة تتناول حياة المهاجرين المصريين والطلبة الدارسين في ولاية شيكاغو في أميركا. ولأننا بشر مهما جمعتنا جنسية واحدة ومهما توحدت خلفياتنا الثقافية وماضينا، إلا أننا نبقى بشراً، بعضنا طيب، وبعضنا شرير وبعضنا نادم وبعضنا مناضل وبعضنا عاشق... وهكذا. ومن هنا جاء التنوع في شخصيات الأسواني، التي تعرفنا عليها من خلال هذه الرواية. بدا واضحا جليا من خلال أحداث الرواية والحوارات، التي جاءت على لسان شخصياته بأن هاجس المعارضة والتغيير، الذي ينشده الكاتب في الواقع السياسي في مصر حاضر بكثافة وعمق في روايته هذه، إلى درجة شعرنا ببعض التحيز في رؤية و إحساس الراوي، من خلال تحكمه في مصير و انفعالات شخصياته.أما السلسلة التي أصبحنا نحفظها مع كل فصل جديد ندخله في الرواية، وهي وصول الشخصية إلى مأزق نفسي، ثم الرغبة في شرب النبيذ أو الخمر ثم ممارسة الجنس، فقد جعلت هناك انفصاماً في وحدة النص بحيث كلما توحدنا مع شخصية من الشخصيات وعشنا مشكلتها بحذافيرها... سواء تعاطفنا معها أو كرهناها... يعود الكاتب ويدخلنا في جو يكاد يكون أقرب إلى «الرخص»، ليعرض لنا تفاصيل الوضع الجنسي الذي تمر به الشخصية. نحن لا ننكر بأن الواقعية وحرية السرد والتعبير مكفولة للكاتب، ولكن أن يطعم كل فصل بهذه السلسلة التي شوشت ملامح الشخصيات يجعلنا نتساءل... هل طعم علاء الأسواني روايته بهذه المشاهد الجنسية والرغبة الجامحة عند المصريين المهاجرين في أميركا بأن يهدؤوا من روعهم من خلال شرب الخمر– و هم يصرون بأن يؤكدوا بأنهم مسلمون من خلال الحوارات– ثم إعطاء تلك المساحة بالسرد لوصف النشاط الجنسي الذي تمارسه الشخصيات؟نجح علاء الأسواني أن يشدني– شخصيا– إلى روايته لأكملها إلى نهايتها لأنني أردت أن أعرف مصير الشخصيات وإلى أين ستصل، ولم أكترث لتلك الصفحات التي أخذ يسرد فيها الكثير من التفاصيل الجنسية، التي برأيي لو حذفت من النص لما أثرت به شيئا. أما عن منع الرواية في الكويت، فأذكر أنني قبل قراءة الرواية كنت حانقا كثيرا لمثل هذا القرار، ولكن بعد قراءتي لها... أظن أن لجنة الرقابة عندنا كانت على حق، ففي رواية شيكاغو... الكثير مما تقرأه، فتشعر بالحرج... وأنت وحدك في غرفتك بين أربعة جدران. وفي النهاية أتساءل: ماذا أراد أن يقول علاء الأسواني في «شيكاغو»؟، هل أراد أن يوصل لنا فكرة... أم الكثير من المشاهد الجنسية؟
محليات - ثقافة
رأي / «شيكاغو»... علاء الأسواني!
01:55 ص
| عبد العزيز الحشاش |