| خالد طعمة |
قبل عام تقريباً في مثل هذه الفترة الزمنية كنت قد فرغت من تأليف كتابي «تاريخ الكويت الكبير»، وللأمانة في كل مرة أقولب بها صفحات الكتاب أفكر في التوسع بتوثيق مراحل تاريخ الكويت لكونها (في تصوري) لم تمنح الحق الكامل، ولعل أحد أهم هذه الأجزاء هو تاريخ الكويت القديم وأقصد هنا تاريخ أقدم أرض اشتهرت بأنها كويتية وهي أرض (كاظمة) والتي ما أن تمر على مسمع الناس حتى تجد فريقاً يتذكر مزرعة كاظمة وآخر يذهب إلى ما ذهب إليه الأديب الراحل أحمد البشر الرومي بأنها الجهراء كي يتذكر تاريخها وفريق آخر تصطحبه الذكريات باستحضار معركة ذات السلاسل أو معركة كاظمة الشهيرة، ولكن الغالب من الناس لم يتوقف عند كلمة كاظمة فعند البحث والقراءة سوف نتوقف عند تلك الكتب المؤلفة إما عن هذه الأرض أمثال د/يعقوب الغنيم أو عن المواقع والأمكنة القديمة للفرحان وصولاً إلى الوقوف عند المعاجم العربية الشهيرة أمثال تقويم البلدان لأبي الفداء أومعجم البلدان لياقوت الحموي فكل من هذين المؤرخين يتكلم عن الوصف الجغرافي للموقع، يصفها ياقوت فيقول : «جو على سيف البحر في طريق البحرين من البصرة، بينها وبين البصرة مرحلتان، وفيها ركايا كثيرة، وماؤها شروب واستسقاؤها ظاهر، وقد أكثر الشعراء من ذكرها»، أما أبو الفداء: «جو على ساحل البحر، بين البصرة والقطيف، وبين كاظمة والبصرة مسيرة يومين، وبين كاظمة والقطيف مسيرة أربعة أيام، وهي في سمت الجنوب عن البصرة، ويقال لها كاظمة البحور، وهي منازل للعرب وبها مراع جيدة، وآبار كثيرة قريبة المدا».
واليوم اردت أن أتناول إسم هذه الأرض الكويتية والتي أخذت مدة طويلة من التفكر حول إسمها ففي كتاب «المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام لمؤلفه د. جواد علي يقول بأن :» قدمة فهو قيدمان وقيذما وما شاكل ذلك في المؤلفات العربية، ولعلهم القدمونيين الذين أدخلت أرضهم في جملة الأرض الموعودة المذكورة في التوراة وكانت مواطنهم عند البحر الميت وذهب فورسنز إلى إحتمال كون قدمة موضع «رأس كاظمة» على ساحل الخليج ولما كانت قدمة من القبائل الإسماعيلية وقد ذكرت مع القبائل الإسماعيلية في التوراة، ومواطنها كلها لا تبعد كثيراً عن فلسطين يجب أن تكون مواطنهم أيضاً في هذه المواضع، أي مكان لا يبعد كثيراً عن فلسطين «، لهذا الكلام السابق دلالة على أن إسم كاظمة نسبة إلى قدمة المتعارف عليه بأنه أحد أبناء إسماعيل عليه السلام أو آخرهم وفق ما إنتهت إليه الكتب القديمة ككتاب الإكليل و جاشر و صموئيل الأول وأخبار اليوم الأول والكتاب المقدس وتاريخ الطبري وتاريخ ابن خلدون، ففي تلك الكتب شبه إجماع على أن إسماعيل عليه السلام له من الأبناء من زيجته الأولى من (ربعة) ( نبيت - قيدار-أدبئيل مبسام) ومن الثانية (ملكوت) (مشماع- دومة-مسا-أدد-تيماء-يطور-نقيس- قدمة) وماي عنينا هو الأخير لكون إسم هذه الأرض الكويتية نسبة إليه، مما يثبت ارتباط العرب بأرض الكويت منذ القدم كانت والتي مازالت سكناً للعرب، ففي مرحلة ما بعد ميلاد السيد المسيح عيسى عليه السلام سكنت عليها قبائل إياد ومن بعدها بكر بن وائل وتميم، ومن أشهر الشخصيات التي سكنت الشاعر المعروف بالفرزدق في العصر الأموي، علاوةً على معاصرة الأرض للعديد من الأحداث والمعارك مثل : يوم كاظمة بين تميم وشيبان و يوم الصعاب الأول بين بكر وتغلب ويوم الصعاب الثاني بين بكر وبني عدي و يوم الصعاب الثالث بين بكر وتميم و معركة كاظمة الشهيرة ( ذات السلاسل ) بين المسلمين والفرس.
إن تسمية كاظمة نسبة إلى قدمة ابن نبينا إسماعيل عليه السلام هو مدعاة فخر وتبجيل للكويتيين خاصة وللمسلمين عامة، فلمثل هذه المعلومة دور في إثبات قوة العلاقة بين الكويت كأرض مع أيام العرب ونشأتهم الأولى، لذلك كان لزاماً علينا أن نحفظ مثل هذه المعلومة جيداً ولا ننساها.
اسم آخر من أسماء أبناء نبينا إسماعيل عليه السلام وهو (تيماء) قد تسمت به منطقة كويتية من مناطق محافظة الجهراء، لذلك وجب علينا التنويه عنه وأن نبحث عن تاريخه مستقبلاً.

khaledtoma@hotmail.com