|إعداد : سماح جمال|
لماذا تخلفت الكويت في مجال الفيديو كليب بعدما كانت من الدول الرائدة فيه؟ ففي زمن كان المخرج الكويتي هو المتسيد لقائمة الفنانين** وشركات الإنتاج على حد سواء ليقع عليه الاختيار لتصوير أهم الكليبات للفنانين من الكويت بل والخليج، بات من الملحوظ في السنوات الأخيرة غيابه عن الساحة، بل وغابت كموقع تصوير يتم اختياره ليتم فيه التصوير.
الغريب أنه في حين يتسابق بعض الفنانين لتصوير أعمالهم في بلدهم، نجد المطربين الكويتيين هجروا الكويت وفضّلوا عليها التصوير في الخارج... «الراي» حملت هذه الأسئلة إلى أبرز الأسماء في عالم إخراج الكليبات لنرى تفسيرهم لهذه الظاهرة.
البداية كانت مع المخرج خالد الرفاعي الذي قال: «هناك ضعف في إنتاج الفيديو كليب في الكويت والوجهة أصبحت دبي، وهذا جعلنا نخسر موقعنا كهوليوود الخليج في هذه الزاوية، ووضعنا مختلف عن مصر ولبنان، فهناك تأسست قواعد هذه الصناعة وبات لديهم تمرس فيها».
وعن قلة تعاون الفنانين مع المخرج الكويتي، أوضح الرفاعي أنه على المستوى العربي، فإن غالبية المخرجين المعروفين توقفوا عن صناعة الكليبات بكثرة مثل سعيد الماروق ونادين لبكي اللذين اتجها نحو الأفلام، وفي مصر خفف أحمد المهدي من نشاطه واتجه هادي الباجوري نحو الدراما والأفلام.
واعتبر الرفاعي أن هناك معضلة باتت ملاحظة لدى الجميع، وهي حالة التكرار للأفكار، والسبب فيها هم الفنانون أنفسهم الذين يريدون تقليد بعضهم وقلة منهم التي تقبل أن تظهر بصورة جديدة أو تتقبل المغامرة بجديد. وأشار إلى أن شركات الإنتاج أيضاً باتت تبحث عن قلة التكلفة الممكنة حتى تنتج الكليب، لافتاً إلى أن غالبية ما يعرض على الشاشات هي كليبات عبارة عن لقطات للمغني من حفلات أو حتى مشاهد لمسلسل أو فيلم، «وهذا الأمر يطبّق على الفنانين الكبار الذين لم نعد نرى جديداً منهم على صعيد الأغاني المصورة كحسين الجسمي، راشد الماجد وعبد المجيد عبدالله، لذا لم يعد نجاح الأغنية يرتبط بتصويرها».
وختم الرفاعي حديثه قائلاً: «شخصياً، توقفت أخيراً عن صناعة الكليبات باستثناء الأصدقاء المقربين مني، لأنني لا أشعر أنها حياتي ولا أسعى إلى عرض نفسي على مطربين حتى أتعاون معهم كما يفعل البعض، وفي الكويت لا يوجد مخرج متخصص في الكليبات والغالبية اتجهت إلى الدراما، إدارة قنوات فضائية، أفلام وثائقية، أو دعاية... فالمهنة برأيي اندثرت.
«آخر كليب صورته في الكويت كان للفنان محمد المسباح على مسرح الخليج وبرفقة فرقة كويتية في أغنية برد ودفا»... بهذه الكلمات بدأ المخرج يعقوب المهنا حديثه، وأكمل: «كمخرج، يهمني أن تكون كل المعدات والإمكانات التي أحتاجها متوافرة في المكان نفسه، وهذا يترتب عليه توفير في التكلفة الإنتاجية، والكويت كهوليوود الخليج في الدراما تتوافر فيها كل العوامل لإنتاج عمل درامي ناجح، أما على صعيد السينما والكليبات فدبي هي التي توفر هذه العناصر».
وأكمل المهنا: «نوعية الكليبات التي أصنها تعتمد على تكنيك سينمائي، ونسبة الخطأ فيها تكون قليلة بحكم أن العمل لا يتجاوز تصويره مدة اليوم أو الثلاثة أيام على الأكثر، وبالتالي يكون توافر الخبرة مع فريق العمل المرافق أيضاً مسألة مهمة... ففي بيروت مثلاً يتم تصوير ما بين أربع إلى خمس كليبات يومياً، والكويت بلد يتمتع بمناظر جميلة من ناحية، والمعدات ممكن أن تتوافر ولكننا لسنا داخلين في المنافسة».
وعن تفسيره لقلة الأسماء الكويتية التي تعمل في هذا المجال، قال المهنا: «في الماضي كانت شركات الإنتاج الفنية كويتية، وهي الرائدة في المنطقة، ولكن الآن لم تعد المعادلة كذلك في ظل الخسارة التي تلاحقهم مع القرصنة الإلكترونية، وللعلم فإن موقع تصوير الكليب يكون في يد الشركة وليس الفنان أو المخرج، وفي تلك الفترة كانت الشركات الكويتية تدعم الكوادر الكويتية ولكن المعادلة اختلفت الآن». وتابع المهنا: «من تجربتي الشخصية، التعاملات تكون مع شركات الإنتاج بشكل مباشر ويتم الاتفاق معها وليس مع المطرب».
ولفت إلى أنهم في الكويت لا يحتاجون إلى استصدار التصاريح للتصوير إلا في الأماكن الخارجية، «ولكن هنا تكون المشكلة بالمناخ الحار صيفاً والبارد جداً شتاءً وفترة الربيع قصيرة في الكويت».
من جانبه، أرجع المخرج أحمد دشتي قلة التصوير في الكويت إلى طلب المطرب نفسه، وأردف قائلاً: «أتمنى أن يقرر المغنون الكويتيون تصوير أعمالهم في الداخل كما يفعل المصريون واللبنانيون، وكمخرج أحدد موقع التصوير بناء على القصة التي اخترناها، فلو كانت تتمحور حول تراث كويتي، فهنا أفضّل أن يتم التصوير في الكويت، وأطمح إلى أن أصوّر أقدم أعمال تعبّر عن وطني وأصل بها إلى العالمية، والقادر على هذا هو الفنان الكويتي لأن لا أحد يفهم الكويت كالكويتيين».
وأكمل دشتي: «ربما تكون قلة الإمكانات اللازمة في توافر النوعية، خصوصاً من الكاميرات التي نحتاجها، ونحتاج لإحضارها من الخارج... حتى الاستعانة تتم في مسألة اختيار الموديل، إذ لا توجد وكالات محترفة توفرها وكل ما هو موجود على الأرض اجتهادات شخصية بعيدة عن الاحتراف».
ولفت دشتي إلى ظاهرة تعاون المغني مع مخرج بعينه لفترة طويلة، ما يجعل هذا المخرج غير قادر على تقديم جديد له وإظهار جديد منه، «وهذا ما يجعلنا نرى لبعض الفنانين عشرة أعمال متشابهة ولا نستطيع التفريق بينها»... وأشار أيضاً إلى «قضية عدم التناسق الذي نراه في بعض الكليبات بين المغني والموديل معه، فقد تكون ملكة جمال ولكنها لا تتناسب معه».
ومن ناحيته، قال المخرج يعرب بورحمة: «تصوير الكليبات يعتمد على الخيال الذي يأتي مخالفاً للواقع، والبيئة التي نعيش فيها حتى نمنح التميّز على صعيد الصورة، ولهذا يختار بعض الفنانين العرب الوجهة الخارجية لتصوير أعمالهم، وللعلم هذا الأمر ينطبق أيضاً على حال الفنانين الغرب، فغالبية الفرنسيين مثلاً لا تصوّر في المعالم المعروفة هناك والبعض يفضل الاستوديهات للتصوير».
وأكمل بورحمة: «إنتاج الكليبات بشكل عام قلّ عربياً، وبالتالي فإن حصة المخرج الكويتي قلّت، كما أن تكلفة تصوير الكليب اختلفت عن الماضي، وحتى حالة النشاط التي ارتبطت في فترة في دولة الإمارات - وتحديداً إمارة دبي التي كانت تستفيد من هذا الامر في ناحية الترويج للفنادق والمطاعم هناك - تبدلت أيضاً، ومهما انتقلت العجلة الفنية إلى عدد من المناطق تبقى للكويت مكانتها وخصوصيتها».
المخرج عبدالله بوشهري اعتبر أن الحل لتنشيط حركة الكليبات في الكويت سيكون بأن تسلك الكويت الطريق الذي اختاره العديد من دول العالم وآخرها أبوظبي التي بدأت بمنح نسبة 30 في المئة من القيمة المادية التي يتكلفها تصوير عمل فني (كليب، مسلسل، فيلم...) هناك بشرط أن يكون لهذه الجهة التي تصور هناك شريك إماراتي، إلى جانب التسهيلات العديدة التي تمنحها أيضاً».
وأكمل بوشهري: «هذا يجعلنا نتساءل لماذا اختار النجم العالمي توم كروز القفز من برج خليفة في الإمارات ولم يختر أبراج الكويت أو برج الحمرا؟.... السبب لأن هذه عناصر استقطاب تحتاج إلى أن ترسي قواعدها الدولة وأجهزتها، ومن يتحجج بصعوبة التصوير في الكويت بحجة المناخ ويختار دبي، فالأخيرة مناخها أشد صعوبة»... وأضاف: «حتى التكنولوجيا، فهي متوافرة في الكويت، إذ إن كاميرا «ريد» التي تصوّر فيها أفلام سينمائية في هوليوود توفرها العديد من الشركات».