في مجلس الأمة، وهذه المرة خارج القاعة... تم منع النائب محمد الخليفة من دخول استراحة الوزراء وحصلت الهوشة في الساحة وقد شرح النائب الخليفة حالة «الهجوم على الخليفة» التي لم يكن لها أن تحصل!
كنا من قبل مطالبين بالالتزام بأدب الحوار وكانت العبارات السيئة تشطب... و«عشنا» أحداث جلسة الكأس واللعنة وتلتها عبارات إلى أن وصلت الأمور إلى التماسك بالأيدي وهوشة «كلامية» وأخرى «بدنية» إلى أن تعدت «الهوشات» محيط قاعة عبدالله السالم في مبنى مجلس الأمة وهو مرفق عام كما ذكر النائب الخليفة، ولم يتبق سوى نقل ساحة «الهوشات» إلى خارج المجلس، وهو مكان لا ينبغي بأي حال من الأحوال أن تصل إليه ولكنه يبقى أمرا محتمل الوقوع حيث الأنفس قد شابها ما شابها من الضغط المعنوي الذي لا يعترف بالعقلانية ولا يستطيع برمجته للتوافق مع أدب الحوار... فكلمة من هذا ورد من ذاك ويدخل الشيطان ثالثهما... و«تعال» بعدها أصلح ما أفسدته الأنفس!
هل تتوقعون الحل؟... سؤال طرح ودهشت من إجابة الحضور «طبعا لا» قلت من باب حب الفضول : ولم لا؟ فجاء الرد سريعا: «الوقت تغير بو عبدالله... نحن لا نقبل بالتهميش والعهد بيننا وبينهم الدستور»!
وما دامت الثقافة لدى السواد الأعظم قد تغيرت، فمن المنطقي أن يتغير تفكير الحكومة فما تتناقله وسائل التواصل الإجتماعي والمواقع الالكترونية من مشاركات وتبادل وجهات النظر وكثير من التعليقات إنما هو مؤشر لنمو الثقافة وتمسك الغالبية من الكويتيين بمفاهيم الإصلاح، والأحداث الأخيرة علمت الشباب من الفئة العمرية 25-30 دروسا لم تتعلمها الحكومات المتعاقبة ولا جيل «شيابنا»... إن المعارضة الحالية عرفت كيف تدرسهم «عدل» ولو إن بعض الدروس أتت من بعض المعلمين «الفاشلين» لكنها مقبولة لدى الكثير وهنا يكمن الخطر!
الكثير من عامة الناس لا يعرفون ما يدور خلف الكواليس، ولا يفهمون مبدأ «باصيلي وأباصيلك» و«هات وخذ» ناهيك عن أثر القيادة الخفية و «حكومة الظل»، وحل مجلس الأمة الأعوام 2003، 2006، 2008، و2009 خلّف دروسا وعبر، وما شهدته الساحة بعد حل مجلس 2009 قد يختلف نوعيا على حد تعبير النائب على الدمخي الذي قال «كلمة أوجهها للحكومة إذا حل مجلس الأمة ترقبوا ما لا تتوقعون من الشعب» ونتفق معه حسب مشاهداتنا من أرض الواقع!
عموما، «ما خاب من استشار» ونحن هنا لا نتحدث عن هجوم على النائب محمد الخليفة فهو أخ فاضل ولا نرغب أن يمسه وزملاؤه أي ضرر من ممارستهم وهو معروف بحسن خلقه وأدبه، لكن قدر الله ما شاء فعل... إن المسألة تكمن في تفهم المجريات والأحداث نعرضها من باب النصيحة سواء أخذوا بها أم لا فهي تبقى نصيحة وإن لم نقولها فلا خير فينا!
يا سادة وسيدات المجتمع الكويتي، تعلمون أن الفساد نوعان: نوع معنوي ونوع مادي... والبحث في التجاوزات المالية قد يحدث فسادا معنويا اثاره أكثر وقعا على السواد الأعظم: فهل فهمتم ماذا نعني؟.... الله المستعان! 

د. تركي العازمي
Twitter: @Terki_ALazmi
terki.alazmi@gmail.com