لقد ضعت مرات عدة ما بين مرافعات المستجوبين للوزير الشمالي وما بين ردود الوزير عليهم، وفي كل مرة اقول في نفسي: نعم الحق مع هذا الطرف ثم مع هذا الطرف، فقد كانت مرافعة قوية وممتعة استفدنا منها كثيرا واكتشفنا اسرارا كثيرة وبكينا على اوضاعنا المتردية بالرغم من هامش الشفافية الذي يندر وجوده في اي دولة في العالم من ديوان محاسبة الى لجنة مناقصات الى مجلس امة يحاسب ويحقق، ومع ذلك فإن القرارات الخاطئة والتخبط والحرمنة كانت هي عناوين ادارة الاموال.
لقد تتوج الاستجواب وقبل نهايته بخبر تغريمنا اكثر من ملياري دولار من شركة داو كيميكال بسبب القرارات القرقوشية التي اتخذتها الحكومات السابقة، وسمعنا عن خسائر بالمليارات في صناديق التأمينات وفي المشروعات السياحية وفي مؤسسة الاستثمارات التي هي عوننا بعد الله تعالى اذا ما تقلب الدهر بنا وتوقف نبض نفطنا.
لقد اثبت الشمالي واثــــــبت المدافعون عنه نظـــــافة يــــده وعدم استفادته من المليــارات الــــتي كانت تســــيل تحــت قدميه طوال خمس سنوات، كما اثبت بأن جزءا من الهجوم علــــيه هـــو بســـــبب موقفه الصلب من التـــــفريط بأمـــــوال الــــــبلد ورفــضه لاقتراحات هؤلاء النواب الذين ارادوا تقديمها قرابين للحصول على الشعبية دون النظر الى الواقع الذي يثبت بأننا سنتحول الى يونان آخر بعد سنوات قليلة، ولن نجد امامنا دولا اوروبية تدعمنا وتسدد عجزنا.
لكن على الضفة المقابلة فإن الشمالي مسؤول عن تلك المليارات التي ضاعت بحكم منصبه كأعلى مسؤول مالي في البلد وهو يتحمل جزءا كبيرا من التفريط في تلك الاموال التي لم يحاسب القائمين عليها، وهل كان يتوقع ان يستجوب النواب وزير الاوقاف عليها؟
لقد كان استجواب الشمالي من ارقى الاستجوابات واقواها، ونشكر له الدور الكبير الذي اداه طوال فترة توزيره كما نشكر للنواب المستجوبين طرحهم الراقي بالرغم من بعض المخالفات، والمطلوب الآن هو تنفيذ التوصيات التي طرحها المجلس لإصلاح الأوضاع الماليــة في البلد، ومطلوب اختيار وزير قوي للمالية لا يخاف في الله لومة لائم، وليكن همه الاول تنـــفيذ توصيات اللجنة الاقــــتصادية الاستشارية التي شكلها سمو امير البلاد لمعالجة الاختلالات الاقتصادية في البلد واقفال حنفية الانفاق غير المبرر على الرواتـــــب والمكافآت - ولـــيـــبدأ بالوزراء - ثم ان يعطي المشاريع التنموية الاولوية، ولا بد مـــن احــــياء دور القــــطاع الخــــاص الـــذي قضت عليه الحكومة بالضربة القاضية بسبب سياسات التبذير والاسراف.

د. وائل الحساوي
wael_al_hasawi@hotmail.com