الضجة والصخب والضوضاء تؤدي الى الازعاج وصم الآذان وهي تعمل على تلوث البيئة، لذلك يعمل على الحد من استعمال ابواق السيارات بكثرة لعدم الازعاج ووضع الإشارات امام المستشفيات لعدم استخدام السيارات لأبواقها حفاظا على راحة المرضى وتوفير بيئة خالية من الصخب والازعاج والضوضاء لأن هذه السمات تعمل على تلوث البيئة.
وقد شكلت الجمعيات والمراكز والمؤسسات في جميع الدول والبلدان التي تعنى بالبيئة وتعمل على الحد من تلوثها على اختلاف انواع هذا التلوث سواء أكان ماديا أو معنويا ولعل سمات التلوث المعنوي والذي يتبين خلال انتشار الضوضاء والضجيج نراه منتشرا في ربوع المجتمع.
فنرى اصواتا تكاد ان تزعج القلوب وهي في نبراتها العالية والمفعمة بالتهديد والوعيد فلا يكاد المرء ان يأوي الى فراشه إلا ان يسمع او يشاهد من خلال الفضائيات المنتشرة في ربوع هذه الديرة الحبيبة، اصواتا مرتفعة تهدد بأمور مختلفة، فهذا يريد ان يصدر قانونا وهذا يريد ان يغير قانونا ايضا وذاك يفضي بكلمات صعبة ضد اخيه وذاك يلقي بتهمة لأخيه وهذا يصف اخاه بصفات صعبة وكأن قلوبا كثيرا من الافراد تتنافر فيحس الانسان قبل ان يأوي الى فراشه بتلوث المحيط عن طريق الضوضاء والاصوات المزعجة ويلوح في الافق قول الاديب:
واذا القلوب تنافرت في ودها
مثل الزجاجة كسرها لا يجبر
عزيزي القارئ لعل المشهد السياسي من خلال مجلس الأمة وارتفاع اصوات الاعضاء بعضهم ضد بعض تمثل ظاهرة من ظواهر تلوث البيئة المعنوي وسابقة لم نألفها من قبل وعدم ترك العضو المتكلم بالاسترسال في الحديث والتعبير عن رأيه بهدوء وسكينة واطلاق الصيحات من البعض والتشويش على المتكلم ظاهرة تفضي الى الضوضاء، اما تلاحق الاستجوابات بعضها تلو بعض فهي تتقاطر على قاعة عبدالله السالم كالمطر المفعم بالضوضاء الذي يشكل تلوثا حصريا لهذه القاعة الديموقراطية التي لم تشهد تلوثا معنويا كالتلوث الحادث في هذه الأيام من اطلاق الكلمات والعبارات والتصرفات التي تعتبر سوابق لم يشهدها البرلمان من قبل.
فأين وجود الحيز الذي يفكر فيه لتخطيط مشاريع القوانين والاهتمام بالقضايا الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية والصحية والتنموية اذا انشغل الجميع بوضع مشاريع الخطط التي تعمل على التفرغ والاختلاف والاقصاء؟
فعسى ان يفكر الجميع في خير الامة وتنبري افكار تعمل على تمحيص الخير واصهار الامة في بوتقة واحدة تفكر من اجل اسعاد الوطن وتنصهر في هذه البوتقة جميع الطوائف والقبائل والفرق والاتجاهات والاهداف وتشكل هدفا واحدا هو الكويت وخدمتها ونموها واستقرارها وتقدمها.
وصدق الاديب:
وطريقي ما طريقي
اقصير أم طويل
أأنا قائد دربي
في مسيري أم مقود
أأنا أصعد أم أهبط
فيه أم أغور
أتمنى انني أدري
ولكن لست أدري
 
سلطان حمود المتروك