إن عملية اتخاذ القرار الصائب في الوقت والمكان المناسبين هو ما يوصلنا إلى النتائج المرجوة والتي نريد أن نحققها على أرض الواقع، حتى لا يكون قرارنا هذا ضدنا ويدخلنا في متاهات لا تحمد عقباها، فقرار الاستجواب عندما يتخذه النائب كأداة دستورية فإنه يمارس حقه، ولكن في النهاية يعتبر قرارا يجب أن يتخذ في الزمان والمكان المناسبين، فعامل الوقت المناسب يلعب دورا كبيرا في نجاح أي قرار. ولكن أن يتخذ هذا القرار فقط من اجل ممارسة هذا الحق دون وعي بتبعاته فهو البلاء بعينه.
إن الإعلان اليومي عن نية نواب مجلس الأمة بتقديم حزمة كبيرة من الاستجوابات شملت العديد من الوزراء مؤشر خطر ينذر بتأزم سياسي قادم ويثير علامات استفهام كثيرة؟؟؟ هل النية والقصد هو فقط استمرار مسلسل التأزيم السياسي في البلاد؟ أم هي خطة تستهدف ضرب ديموقراطية الكويت؟ فليس المقصود هو الرئيس وحكومته وإنما الديموقراطية الكويتية هي المستهدفة؟؟ هل هي أجندة داخلية وخاصة جدا وتطبق بسرية وعلى مهل من أجل مصلحة شخصية معينة؟؟ أم إنها أجندات خارجية تريد كل واحدة جذب الكويت إلى دائرتها؟؟ هل هي تصفية حسابات شخصية قديمة على حساب فاتورة رئيس مجلس الوزراء الحالي الشيخ جابر المبارك؟؟ أم هي حركات برلمانية المراد منها بهرجة إعلامية من أجل التربح السياسي والمادي والمحافظة على كرسي البرلمان لسنوات قادمة؟
فالمواقف أثبتت أن أكثر النواب الذين قدموا استجوابات هم أكثر حظا بالأصوات والأوفر حظا في النجاح والفوز بكرسي مجلس الأمة، فلو تتبعنا المجالس البرلمانية السابقة نجد أكثر الوجوه تكرارا هم أكثر الوجوه التي قدمت استجواباتها فهم الباقون وغيرهم زائلون؟؟ حقيقة لا اعلم ما الحكمة والسر من تقديم هذه الاستجوابات والتي وصل عددها خمسة استجوابات لحكومة جديدة برئاستها وعمرها لا يتجاوز الثلاثة أشهر، والمؤسف إنها تأتي على غير رغبة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح حين أصدر مرسوما بتشكيل حكومة جديدة برئاسة سمو الشيخ جابر المبارك الصباح رغبة من سموه بأن تتجاوز الكويت الأزمات السياسية التي عصفت بالبلاد ولتعيش الكويت فترة سياسية مستقرة، لكي تنجز المشاريع المعلقة والتطلع نحو المزيد من التعاون بين المجلس والحكومة، واستكمال لمشاريع التنمية.
ولكن أن يستعجل نواب الأمة باستخدام الحق الدستوري واستكمال مسلسل الاستجوابات الذي أصبح أشبه بالمسلسل «المدبلج» الذي تتكرر أحداثه وحلقاته لا تنتهي، فهو الخطر الذي يهدد أمن واستقرار البلاد. وإن ما نفهمه من التصاريح السياسية الملتهبة والساخنة للنواب بأن مسلسل الاستجوابات الموجهة إلى سمو رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك وحكومته مستمر، ولن ينتهي هو ما يجعلنا نسأل نواب الأمة الأفاضل متى ستنتهي حلقات مسلسل الاستجوابات؟ متى نعيش حالة من الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي بعيدا عن مجريات الأحداث التأزيمية التي تريد أن تدخل الكويت بقصد أو من دون قصد إلى مجريات الأحداث السياسية غير مستقرة بالمنطقة؟ متى سنرى خطط الدولة التنموية على أرض الواقع؟
انها دعوة من القلب لنوابنا الكرام، نتمنى منهم التوقف قليلا مع أنفسهم وإعادة حساباتهم ووضع الكويت نصب أعينهم قبل التقدم بأي استجواب آخر، كثرة الاستجوابات تعني المزيد من التأزيم والتصعيد وتعطيل التنمية وإدخال الكويت في تأزيمات سياسية واحدة تلو الأخرى ونعود مرة أخرى كما كنا قبل في الفترة السابقة فيصدقنا المثل (لا طبنا ولا غدا الشر ). فكل ما نريده هو فقط إعطاء الحكومة الجديد فرصة جديدة ومهلة كبيرة لكي تعمل وتنجز وبعد ذلك لكم ما تشاؤون ونحن معكم.

نجاة الحشاش