القانون وجد ليحترم ويفرض النظام، ومع الانتخابات الحالية والاستعدادات الجارية لمسنا توجهاً حكومياً في تطبيق القانون من خلال المكافحة قبل وقوع الجرم، وذلك ظاهر في القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء في الجلسة الأسبوعية الأخيرة. غير أننا نخشى أن يتجاوز الأمر ذلك في إحياء الحكومة لـ»قانون تنظيم التجمعات» من خلال إصدار مرسوم في هذا الشأن.من القضايا التي تعكر صفو الانتخابات قضيتا الفرعيات وشراء الأصوات، ولهذا نخاطب الجميع من دون استثناء: إحذروا الفرعيات وشراء الأصوات، فهي من السلبيات التي مورست في الانتخابات الماضية... والمال السياسي أكثر فتكاً لو كانوا يعلمون!قد يعتقد البعض أن السبب وراء تجريم الانتخابات الفرعية يعود إلى حرمان البعض من أبناء القبيلة من الفوز نظراً إلى قلة عدد «الفخد»، وهذا تصور خاطئ. إن معظم من ينجح في الانتخابات الفرعية هو ذلك الشخص الذي يحظى بقبول بين أبناء القبيلة، يقدم لهم الخدمات، ويحافظ على التواصل معهم في المناسبات المختلفة، ومفاتيحه الانتخابية نشطة، ولها علاقات مع السواد الأعظم والتي من خلالها يستطيع المرشح حصد الأصوات التي تؤهله للنجاح. بعض نواب مجلس الأمة السابق ليست لهم «فخوذ» كبيرة في العدد، بل نجحوا من خلال خدماتهم وشبكتهم المرتبطة في دواوين الدائرة.في نظرنا فإن الوضع بالنسبة إلى الدوائر الخمس مختلف عن النظام السابق، وقد يفقد عدد من مرشحي القبائل التمثيل في المجلس المقبل، إلا في حالة التركيز على الأسماء اللامعة التي تستطيع حشد عدد كبير من ناخبي وناخبات الدائرة خارج نطاق القبيلة.في الدائرة الأولى والرابعة والخامسة فإن الوضع يعتبر غير واضح وذلك ما لم يستقر ممثلو القبائل إلى خفض عدد المرشحين إلى أربعة فقط يتم التركيز عليهم، شريطة أن يتوافر في المرشحين الأربعة صفة القبول لدى الأقليات أو من خلال تبادل الأصوات بالاتفاق مع المجاميع في الدوائر الأخرى، وها نشدد على اختيار الأكفأ علماً، عملاً، وأخلاقاً. يصعب التكهن مع تحرك وزارة الداخلية في ضبط منظمي الانتخابات الفرعية، ويزداد الأمر صعوبة حينما «يشط» البعض عن رأي الجماعة وتتشتت الأصوات.للقبيلة التي تحمل ثقلاً في دائرة ما الحق في التمثيل النيابي، وهذا أمر معمول به في الدول الأخرى، وكثير من التنظيمات السياسية، ولكن هذا الحق بحاجة إلى مراعاة الجوانب القانونية، وتحديداً بالنسبة إلى قانون «تجريم الانتخابات الفرعية».إن التشاور كمبدأ أمر محمود ولا تؤتي المشاورات ثمارها إلا عندما يجلس المعنيون بالأمر لمناقشة المرشحين وتحديد مناطق القوة والضعف وفرض النجاح لكل مرشح، خصوصاً وأن الدولة عن بكرة أبيها مقبلة على ثورة إصلاحية شاملة ظهرت بوادرها على صدر صفحات الصحف، ونعتقد أن هذا الأمر صعب المنال لتدني مستوى الثقافة الاجتماعية لدى إخواننا وأخواتنا. هل يقبل أبناء القبائل الوضع الراهن ويتعايشون معه ويغيرون من طريقة تفكيرهم لتصبح الشورى السليمة، من دون تحيز لفخذ كبير أو صغيرة، ويصبح الولاء للوطن؟ السؤال المحير: لماذا التركيز على فرعيات القبائل في وقت تجري فيه الفرعيات الخاصة بالتنظيمات السياسية من دون محاسبة؟اننا نبحث عن مرشحين يمثلون الأمة تمثيلاً حراً منسجماً مع المعطيات والتوقعات التي نريدها من المجلس المقبل، إننا نبحث عن قانون افتقدنا هيبته، ونرجو من الجميع الحرص والحذر من الفرعيات وآفة شراء الأصوات... فهل تنسجم القبيلة ومستقبل الدولة أم تأخذنا العاطفة إلى منعطف الفرعيات الذي جهزت له وزارة الداخلية العدة مع الإذن المسبق من النيابة؟اللهم أعنا على أنفسنا وهبنا سبل الصلاح والإصلاح لنجد الكويت متلاحمة بقبائلها، وعائلاتها، وأطيافها وجميع المقيمين فيها، واللهم أبعد عنا شوائب الأنفس، لننعم بمستقبل زاهر... والله المستعان!

تركي العازمي

كاتب ومهندس كويتيterki_alazmi@hotmail.com