| مبارك المعوشرجي |
مع الأيام الأولى لي في وظيفة مساعد مدير مدرسة انتشرت على حوائط حمامات المدرسة- أجلكم الله- شتائم من النوع «الواطي» في حقي، فــ«كفخ» دم الشباب في رأسي وطار صوابي وتهددت وتوعدت بالويل والثبور وعظائم الأمور على هذه الفعلة، حتى جاءني ناظر المدرسة ضاحكاً - وهو الخبير في التعامل مع المراهقين - قائلاً: يا أستاذ إنك ستعطي الجاني ما يريده منك بالضبط، الشعور بأنه أغضبك واشتهر فعله في المدرسة، ظاناً بأنه بطل الأسبوع، وأقصى ما تستطيع فعله معه فصله ثلاثة أيام ستكون إجازة بعذر له، وهذه مكافأة لا عقاب لأمثاله، والحل كما تقول عجائزنا: الحقران يقطع المصران.
وأطعت الناظر ولم أحرك ساكناً كأن الموضوع لا يعني لي أي شيء، حتى جاءني من يخبرني بأن أحدهم طمس الشتائم بلون يشابه لون الحائط، وأن من بدأ البذاءة أنهاها.
واليوم لدينا فئة قليلة من المغردين كنوعية كتّاب الشتائم على الحوائط، وهؤلاء إما مجنون يبحث عن الشهرة، أو مختل عقلي يحمل فكراً تافهاً، أو معتقدٍ لفكر بواح يرفضه المجتمع، ولكنهم استطاعوا أن يكونوا حديث الساعة وساسة وقادة رأي بعد أن قبضت عليهم الشرطة ووضعتهم حيث يجب أن يكونوا، فانقسم الشارع إلى مؤيد لهم بحجة حرية الرأي والمعتقد ويطالب بإطلاق سراحهم فوراً، ومعارض يطالب بتطبيق أقصى العقوبات عليهم حماية للدين والأخلاق.
ولعل الفعل المناسب مع هؤلاء تركهم ينعقون دون أي التفات بما يستفرغونه من بذاءة، أو تسليط أشخاص يردون عليهم بأسلوبهم وطريقتهم بما يفند آراءهم ويسفّه أفكارهم، فلا ينشغل البلد بحديث الجهالة والزندقة، وتتفرغ وزارة الداخلية لمهام أخرى أخطر على البلد من هؤلاء المخابيل، تجار المخدرات والأغذية الفاسدة والإقامات وتجار السلع المدعومة والخلايا الإرهابية النائمة والطابور الخامس العميل، أما هؤلاء فـ «الحقران يقطع المصران».

malmoasharji@gmail.com