يحكى ان تنبلين (جمعها تنابلة) استلقيا على أريكة متقابلين، فقال الاول: يا ليت العلماء يخترعون أزرارا نضغط عليها فيأتينا الطعام جاهزا، ثم نضغط عليها فتوصلنا الى المكان الذي نريده، ثم نضغط عليها فتؤدي عنا وظائفنا وهكذا.
فرد عليه التنبل الثاني: ويا ليت يأتينا شخص يقوم بالضغط على الأزرار لكي لا نتعب في الضغط عليها.
مقال الأخ الفاضل سامي النصف في جريدة «الأنباء» الاسبوع الماضي بعنوان «الشعب الكويتي أصله يوناني» قد أصاب كبد الحقيقة وأمعاءها حيث شخّص حقيقة الشعب الكويتي في العديد من تصرفاته التي لا يضاهيها شعب آخر ومنها:
لديه مزارع لا زرع فيها وقسائم صناعية لا صناعة فيها واسطبلات لا خيل فيها وجواخير لا مواشي فيها، وحتى مدارس وجامعات لا علم بين جدرانها.
يعجب بما عند الآخرين حتى لو كانت صحراء قاحلة ويشتكي مما عنده حتى لو كانت جنات عدن.
يحسده العالم على أوضاعه المعيشية والحريات التي يتمتع بها إلا انه يتصرف وكأنه الأتعس في الكون.
يقترض بملء إرادته من البنوك والشركات ثم يلوم الحكومة والبنوك والشركات على ما قام به، وينسى ان يلوم نفسه.
لا يفرق بين مسؤول يوفر على المال العام مليارا، ومسؤول يكلف المال العام مليارا، فكله عند الكويتيين بصل.
كلما طال أمد ممارسته للديموقراطية... زاد ضيقا بالرأي الآخر.
ذكرت جزءا مما ذكره أبو عبد اللطيف عن بلدنا العجيب ثم تشبيهه لنا بالشعب اليوناني الذي أثبت سفهه الشديد في صرف موارده المالية، وليسمح لي أبو عبد اللطيف أن أخالفه الرأي فنحن أشبه «بالتنبلين» اللذين ذكرتهما وليس باليونان، ودعني أضيف الى ما ذكره من غرائب:
منذ أول خطة للتنمية وحكومتنا تنادي بتنويع مصادر الدخل وحتى اليوم لا صوت يعلو فوق صوت النفط ولا مصدر يستحق ان نعير له بالاً غير صديقنا: الذهب الأسود.
المفكرون والمخططون الذين حذروا من أزمة اقتصادية مقبلة لا محالة ولا تحتاج الا الى حسبة بسيطة لإثباتها هم من حاربهم الشعب وأسقطهم في الانتخابات ورفع فوق رأسه الذين يعدونه بالخير الكثير ويصرون على تبديد الثورة وصرف كل ما في الجيب ولا خوف مما يأتي في الغيب.
يتسابق المسؤولون في الدولة وجميع قطاعات الشعب على العلاج في الخارج - على حساب الحكومة - ثم يشتكون من عدم كفاية الميزانية لتطوير العلاج الصحي وبناء المستشفيات.
أقل فترات الزحام المروري هي في ساعات الدوام الرسمي وأكثرها زحاما هي فترة تواجد الموظفين - المفروضة - في الدوام وبعد العصر وبالليل.
تزيد «طبيات» الموظفين على أيام دوامهم ويطالبون بإعفائهم من البصمة التي تقيد حياتهم وتقلل متعتهم وتحيل نهارهم ليلا.
يشتكون من ضيق العيش ثم لا تكاد تجد لك مكانا في المطار حتى خلال الويك إند.
العطل الرسمية كثيرة ومحددة سلفا لكنها تصل الى ثلاثة أضعاف بحسب مزاج الموظفين والطلبة ثم لا محاسبة.
عندهم مجلس أمة عجيب غريب يتحول المعارض فيه الى موال والعكس ما بين يوم وليلة، ويجيد كل واحد منهم دوره الجديد بجدارة، ويتقاتلون في ما بينهم ثم تجدهم يضحكون ويتغشمرون على طاولة غداء واحدة، بينما الشعب يمزق شعر رأسه من هول ما يرى.


د. وائل الحساوي
wael_al_hasawi@hotmail.com