للمرة الأولى نشعر بالفخر بحكومتنا عندما حمّرت عينها على المضربين وقالت لهم: لا مفاوضات مع الإضراب، فاضطروا مرغمين إلى إلغاء إضراباتهم. لقد مللنا حالة الخوف والاضطراب التي عاشتها الحكومة خلال السنوات الماضية والرضوخ لكل من «يخزها»، أو يتكلم عليها بكلمة، وبدلا من ان يرضى الجميع ويقدروا ذلك فإن المطالبات قد زادت والتهديد قد تصاعد الى ان وصلنا الى ما وصلنا اليه من شلل كامل للبلد.
بالطبع فنحن لا ننادي برفض المطالب المشروعة لمن يستحق الزيادة لاسيما وان الحكومة السابقة قد حنثت بوعودها لتلك النقابات وأغدقت الخيرات على غيرها، ولكن لابد من إيقاف ذلك القطار الذي يهوي الى القاع بعدما انكسرت كوابحه وفقد توازنه.
نحن كشعب مستعدون لتحمل نتيجة الإضرابات من نقص في الغذاء وتوقف في رحلات الطيران وغيرها، لقد صبرنا على مرارة غزو الجار وتفجيرات الجار الآخر ولم نخضع لأحد فهل نستسلم اليوم لبعض أبنائنا الذين لم يراعوا أوضاعنا المادية ويدركوا بأن الاستمرار في مثل ذلك الإنفاق دون حساب سيؤدي حتما الى إفلاس خزينة البلد؟
لكن لابد من ان نكمل كلامنا بالقول إننا بحاجة الى تطبيق ذلك الحزم على حكومتنا قبل البقية من قطاعات الشعب، فسلوك الحكومات المتعاقبة في إنفاق الميزانيات لاشك انه مريب ويشجع الآخرين على المخالفة، فهل يعقل ان توزع الحكومة الأعطيات على من هب ودب وتعطي من يستحق ومن لا يستحق، وتوزع الهدايا والمكافآت على الوزراء والنواب بينما تعيش فئة من المواطنين عيش الضنك؟!

القلاف يتعدى الحدود

مشكلة النائب حسين القلاف انه لا يستطيع ان يمسك لسانه ويتكلم في كل شيء دون ان يراعي التوازنات في المجتمع وخصوصيات الناس والقبائل، فتارة يتكلم ويطلق التصريحات باسم سمو أمير البلاد، وتارة يرفض مصافحته، وتارة يريد نتف ريش بعض نواب الأمة ويلتقط ذلك الريش، وتارة يتهجم على معتقلينا في السجون الخارجية ويتهمهم بالإرهاب، وتارة يتعارك بالعصي مع زملائه في مجلس الأمة، وهكذا.
والمشكلة هي ان القلاف لا يشعر بأنه أخطأ في تلك الأمور وان أخطاءه قاتلة، بل يرى بأن ذلك نوع من التسلية الذي يرفه بها عن نفسه ويضحك جماهيره، حتى اذا وقعت الفأس بالرأس اكتفى بكلمة اعتذار.
وليت القلاف وحده الذي يفعل ذلك ولكن كذلك العديد من نوابنا الذين لا يقدرون ثقة الناس بهم ولا مراقبة الجميع لأدائهم، فتجد من يطلق سيل الشتائم تحت قبة البرلمان دون أي رادع، وتجد من يطرح الآراء الشاذة التي لا تنطلي على عاقل وتجد من يهدد باستجواب كل من يتجرأ على تطبيق القانون أو يمتنع عن إنجاز معاملاته، وهكذا.
ما حدث من تعدي القلاف اللفظي على أمير قبيلة العوازم لاشك انه أمر مخزٍ مهما اعتذر عنه ولكن كذلك هجوم أبناء القبيلة على قناة سكوب وتخريبها هو أمر مخزٍ كذلك، وقد بحت أصواتنا ونحن نكرر بأننا دولة قانون وان الحصول على الحقوق لا يتم عن طريق القوة، وتصور بأن كل إنسان قد قرر أخذ ثأره بيده إذاً لانطبق علينا شعر الجاهلية:
ومن لم يذد عن عرضه بسلاحه
يهدم، ومن لا يظلم الناس يُظلم
نقول لحكومتنا: كما فعلتِ مع الإضرابات من حزم فافعلي الشيء نفسه مع قنوات الفتنة التي ما فتئت تحرض فئات الشعب على بعضها البعض وعلى الأفراد الذين يطلقون العنان لألسنتهم ليفترسوا خلق الله، وكذلك مع الذين يصرون على أخذ حقوقهم بأيديهم لعدم ثقتهم بالقانون.

د. وائل الحساوي
wael_al_hasawi@hotmail.com