| القاهرة - «الراي» |
شيعت مصر، أمس، بابا الأقباط الأرثوذكس وبطريرك الكنيسة القبطية البابا شنودة الثالث، بعد طقوس جنائزية مهيبة، بحضور وفود كنسية من كنائس المهجر الأرثوذكسية، ورؤساء ومندوبي كنائس الشرق والغرب والشمال والجنوب، إضافة إلى وفود رسمية وقناصل وسفراء الدول وبمشاركة قيادات في الحكومة المصرية، وأعضاء المجلس العسكري الحاكم الانتقالي وقيادات دينية إسلامية مصرية وعربية، حضروا إلى مقر الكاتدرائية المرقسية في العباسية قرب وسط القاهرة، في جنازة شهدها الآلاف قبل دفنه في دير الأنبا بيشوي في وادي النطرون، (90 كيلو شمال غربي القاهرة)، حسب وصيته حيث نقل جثمانه إلى هناك على متن طائرة عسكرية.
وأقام القساوسة والكهنة والمطارنة والأساقفة القداس الإلهي على روح البابا صباحا في مقر الكاتدرائية المرقسية، قبل فتح بابها لتوافد المدعوين لحضور القداس الرسمي في التاسعة وحتى الواحدة ظهرا، وسط إجراءات أمنية مشددة وعدلت وزارة الداخلية خطتها المرورية لشوارع العاصمة، نظرا لازدحام الشوارع المحيطة والمؤدية إلى الكاتدرائية المرقسية، ما أدى الى شلل تام في شوارع وسط المدينة والمناطق المحيطة.
وتوافد الآلاف على الكنيسة رغم التحذيرات من الازدحام ومن تأكيدات الكنيسة على قصرها حضور قداس الجنازة على المدعوين، ووفقا للدعوات المختومة من المقر البابوي، فيما انتظر آلاف آخرين حول أبواب دير الأنبا بيشوي في وادي النطرون لوصول جثمان البابا. وخوفا من مغبة الازدحام الشديد أغلق رهبانه الأبواب أمام المتوافدين إلى حين الانتهاء من كامل التجهيزات، وانتظارا للجثمان، الذي وصل بعد الثانية ظهرا، بتوقيت القاهرة.
وبدأ قداس الجنازة في الكاتدرائية المرقسية، بالصلاة، ثم تلا أسقف سمالوط الأنبا بفنوتيوس وصية البابا لشعب الكنيسة حيث طلب منهم «غفران» أي اساءة قد يكون فعلها أو تسبب فيها، «وأن يحبوا بعضهم وأن يقدموا الخير للجميع»، فيما قال الأنبا باخوميوس إن «البابا لم يمت لأن أعماله حية وباقية إلى آخر الأيام».
وذكر البابا شنودة في وصيته: «يا جميع البنين اسمعوا وصاياي فأنا أسألكم احفظوا الأمانة التي للثالوث القدوس وأحبوا بعضكم البعض ولا تدعوا العالم يجركم وأطلب منكم أن تتعبوا في الصلاة وأن تحفظوا ألسنتكم من الوقيعة وأن تحفظوا أجسادكم طاهرة للرب وألا تتركوا مصابيحكم تنطفئ البتة ولتحفظوا الناموس ولتكن مخافة الله فيكم».
وأضاف: «الله يشهد أنني لم أنني أخف شيئا عنكم من كلام الله، ولم أنم قط، ولا توجد ملامة بيني وبين واحد فيكم فإذا حفظتم ما أوصيتكم به فإنكم تدوسون على رأس التنين وتأكلوا من خيرات الأرض ولا يعوزكم شيء من خيرات السماء»، ثم تلا الأنبا بوفنوتيوس، مطالبة البابا الراحل شعبه، بالصلاة لأجله، وألا يؤاخذه لما سلف منه من الزلل.
وتسبب الاحتشاد خارج الكاتدرائية المرقسية، إلى كسر إحدى البوابات، حيث زلف المحتشدون إلى ساحة الكاتدرائية، إلا أن فرق الكشافة الكنسية، منعتهم من الانتشار، بعدما ناشدتهم الهدوء، إجلالا للمناسبة والظرف، قبل أن يخرج سكرتير البابا الأنبا أرميا، لتوزيع دعوات للدخول على العديد من الموجودين في الساحة.
وحضر قداس الصلاة، أعضاء المجلس العسكري برئاسة المشير حسن طنطاوي ورئيس الوزراء الدكتور كمال الجنزوري، وكل وزراء حكومته، وشيخ الأزهر أحمد الطيب، ومرشد «الإخوان المسلمين»، ومفتي الجمهورية علي جمعة، والمرشحون المحتملون للرئاسة.
ونقل الجثمان عقب القداس، في سيارات الجيش إلى قاعدة ألماظة الجوية، ومنها على متن الطائرة العسكرية، إلى دير السريان ومنه إلى دير الأنبا بيشوي، حيث جرت مراسم الدفن.
وكان وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم عقد، ليل اول من امس، اجتماعا استمر ساعتين مع قيادات الوزارة، للاطلاع على خطة تأمين، الصلاة والجنازة. وقال مصدر أمني إن الخطة احتوت على إجراءات أمنية غير مسبوقة، وأن الوزارة اتخذت التدابير والاستعدادات اللازمة».
وتواجدت سيارات الإسعاف بكثافة، حول الكاتدرائية والشوارع المؤدية لها، فيما ذكرت وزارة الصحة إن «عددا كبيرا من سيارات الإسعاف المجهزة بالأطقم الطبية تمركزت حول دير الأنبا بيشوي، تحسبا للطوارئ وسط الازدحام الشديد».
ورغم اعتذار دير الأنبا بيشوي عن عدم استقبال الزيارات الى حين الانتهاء من مراسم الدفن، لكنه لم يمنع توافد الآلاف، رغبة في المشاركة في الدفن، ما أثار مخاوف من تكرار سقوط قتلى، كما في اليوم الأول الذي فتحت فيه الكنيسة، عرض جثمان البابا أمام الراغبين في إلقاء نظرة الوداع عليه.
وعزف وفد من الكنيسه السريانية، في القداس، ألحانا جنازية خاصة بالسريان، على جثمان البابا، قبل اللقاء، فيما ألقى البطريرك مار أغناطيوس زكا الأول خطبة على الحضور نعى فيها الراحل.
وأرسل رئيس «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين» يوسف القرضاوي، برقية عزاء إلى الكنيسة اكد فيها إنه باسمه وباسم «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين» «نتقدم بخالص عزائنا في وفاة رجل الأرثوذكس الأول، ورجل الكنيسة الجاد، ورجل مصر الوطني، الكاتب والشاعر والواعظ».


هيغ يعتبر شنودة «نموذجاً للوحدة الوطنية»

لندن - يو بي اي - أشاد وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ بالبابا شنودة الثالث، ووصفه برمز التسامح والنموذج للوحدة الوطنية والمصالحة في مصر.
وقال هيغ في بيان، أمس، «أحزنني سماع نبأ وفاة قداسة البابا شنودة الثالث، وستتذكره الحكومة البريطانية وشعبها دائماً كرجل ذي حكمة واسعة، ومنادٍ بالحوار والتسامح، ونموذج للوحدة الوطنية والمصالحة».
واضاف: «نتوجه بأحر التعازي والمواساة لكل من فُجع بوفاته في مصر، وكل من يواصل العمل لأجل أن يكون لكافة الأديان حق العبادة بسلام ووفاق».


رسائل عبر الـ«فيسبوك»: اعتذار
باسم كل المسلمين لإخوتنا المسيحيين

القاهرة - من وفاء وصفي:
عقب الانتهاء من صلاة الجنازة على البابا شنودة الثالث، تدفقت الآلاف من كلمات الوداع على صفحات موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» من معظم المستخدمين، وكان أبرز الأقوال: «اعتذارا باسم كل المسلمين لاخوتنا المسيحيين... باسم كل المسلمين، نوجه اعتذارا مع أحر التعازي لرحيل قداسة البابا شنودة الثالث، ذلك الرجل العظيم الذي هو رمز لكل المصريين، المسلمين والمسيحيين، فليثبتكم الله.. ونتقدم باعتذار الى كل المسيحيين عن كل ما بدر من بعض الجهلاء، سواء كان بالكلمات أو المواقف أو بالمشاعر».
وكُتب أيضا اعتذار خاص عما بدر عن الداعية وجدي غنيم، جاء فيه: «نحن نتبرأ تماما من فعلته تلك التي لا تمثلنا ولا تعبر عنا ولا عن مشاعرنا تجاه اخوتنا. أرجو أن تتقبلوا اعتذارنا، وشكرا... مسيحي مسلم كلنا واحد.. كلنا مصريون».
من جانب آخر، نظم شباب الأقباط في المحافظات مسيرات وداع للبابا شنودة، وذلك لكل من لم يستطع الذهاب لالقاء نظرة وداع عليه.


«الإدارية العليا» تؤجل الحكم
في قرار شنودة بعزل بباوي

القاهرة - من وفاء النشار:
أرجأت المحكمة الإدارية العليا في مصر النطق بالحكم في الطعن الذي أقامه بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية البابا شنودة الثالث الراحل، على حكم القضاء الإداري بإلغاء قرار المجمع المقدس بعزل القس جورج بباوي من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية إلى السابع من مايو المقبل.
وكان البابا شنودة الثالث أكد في طعنه، «أن ما يصدر من الكنيسة القبطية هو قرارات دينية لا يجوز للمحاكم أن تنظر فيها».
في الوقت نفسه، أيّدت هيئة المفوضين في المحكمة الإدارية العليا، حكم القضاء الإداري بإلغاء قرار المجمع المقدس الذي كان يترأسه شنودة بعزل بباوي، وأعلنت في تقريرها، أن «المجمع المقدس أصدر قراره بعزل بباوي لنشره مطبوعات وتسجيلات صوتية تخالف تعليم الكنيسة، فضلا عن انضمامه إلى الكنيسة الروسية، ثم الى الكنيسة الإكلينتكية، إلا أن الأوراق خلت بما يفيد قيام المجمع المقدس بمواجهة بباوي بتلك الاتهامات، أو التحقيق معه، ما ترتب عليه تفويت الفرصة عليه للدفاع عن نفسه وفي شكل قانوني، وهذا يشكل إخلالا بحقه الدستوري وإهدارا لقواعد العدالة في إصدار القرارات الجزئية، ما يستوجب معه إصدار حكم قضائي».