| ثريا البقصمي |
المرأة الحلم التي تغزل بها جدي، كانت تحمل مواصفات الجمال الكلاسيكي العربي في تلك الأيام، فهي لا بد ان تتمتع بعيون «المها» الواسعة والانف المستقيم كالسيف وفم «البلوطة» الاقرب الى خاتم سليمان، وكلما صغر فمها زاد حسنها «والدنيا دولاب» ولهذا فنظريات الجمال القديمة اندحرت لتستبدل برؤية مغايرة للجمال الانثوي، فصاحبة الفم «البلوطة» هرعت الى اقرب جراح تجميل لينفخ شفتيها بمادة السيليكون فيتحول «خاتم سليمان» الى وسادة «زهرية اللون» تذكرك بشفاه الزنجيات الخلاسيات!
وظاهرة المرأة «السيليكون» التي تطل علينا نماذج منها من الفضائيات اللبنانية، ظاهرة تستحق التوقف وربما التندر، وان كانت تندرج تحت باب الموضة، فالكارثة ان المرأة فقدت خصوصية جمالها، والتشابه الكبير بين «المجنونات» بعمليات السيليكون يمنح احساسا بأن جميعهن اجرين العملية عند جراح واحد.
وفي آخر زيارة لي لمدينة بيروت وخلال حفل افتتاح المهرجان التشكيلي «ارتويل» والجمهور من طبقة «الهاي هاي» كانت وجوه النساء مشدودة كالطبل والعيون متسعة مزروعة بالدهشة، وكأنها مصابة بصاعق كهربائي والصدور منتفخة كبالونات العيد.
احدى البيروتيات همست في اذني هل «زرت شاطئ السيليكون»؟! هناك قوالب تتحرك امامك، المقاييس مطابقة للمواصفات العالمية، ومن كل امرأة عشر نسخ متشابهة والرجال في حيرة من امرهن، فالمرأة الدمية ذات الشفاه الزنجية لم تعد تثيرهم، وهناك توجه جماعي ذكوري للبحث من جديد عن «خاتم سليمان» المفقود.

g_gallery1@hotmail.com