| مها بدر الدين |
يبدو أن فصول مسرحية النظام السوري التهكمية التي تعرض يومياً على جميع مسارح المدن السورية لم تنته بالأحداث الدامية التي تعيشها سورية على مدار الساعة، فقد تفتق ذهن النظام المنفصل تماماً عن الواقع السوري على صياغة فصل هزلي جديد في محاولة لإلهاء الشعب السوري والمجتمع الدولي بفكرة الاستفتاء على دستور جديد للبلاد نسج على وقع آلة النظام العسكرية وكتب بقلمه المغمس بدماء الآلاف من الشهداء والمعتقلين والمفقودين في جو أقل مايمكن أن يوصف بأنه استبدادي وقمعي.
وقد وقع النظام السوري في أخطاء سياسية وقانونية جسيمة عند إعلانه عن طرح دستوره الجديد للاستفتاء الشعبي، فلم يفطن وهو في عجالة من أمره أن الثورة السورية عندما قامت قد أسقطت شرعيته وأحقيته في حكم سورية بعد أن رفض أكثر من ثلثي السوريين على الأقل بقاء هذا النظام سيفاً مصلتاً على رقابهم بعد عمر من التصلف السياسي والتعنت الدكتاتوري امتد لأكثر من أربعين سنة احتكرت خلالها البلاد لصالح الفئة الباغية، وأن عدم شرعيته التي جاءت عندما نادى السواد الأعظم من الشعب السوري المنتهكة كرامته والمسلوبة حريته بإسقاط النظام ورأسه ومحاسبته وأذنابه على جرائمه المرتكبة بحق الشعب السوري، لا تسمح له بأن يفرض دستوره المفصَل والمخيّط والمطرّز على مقاس بشار الأسد ومزاج أخيه ماهر وذوق آصف شوكت وباستحسان بقية العائلة والدائرة القريبة من المتزلفين والمتسلقين والمتزحلقين وماسحي الجوخ والأحذية.
فلم يراع هذا النظام غير الشرعي الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، واستفحل به التكبر وحب الذات للدرجة التي لم يعد يرى فيها تلك المجازر التي يرتكبها قاصداً متعمداً إبادة الشعب الثائر والقضاء على إرادة الجماهير السورية التي أجمعت على التخلص من العهد القديم المستبد لتبدأ عهداً جديداً، ملؤه الحرية والديموقراطية والكرامة، وخرج على السوريين بلا استحياء بعد ما يقارب السنة من نزيف الدم السوري بمسودة دستور جديد لإصلاح ما أفسده سابقه مستهتراً بمشاعر الملايين من السوريين الذين فقدوا أحبتهم وبيوتهم وأموالهم، مطالباً إياهم بالتوجه للإدلاء بنعمهم المعتادة على أشلاء جثامين شهدائهم وصراخات معتقليهم وغموض مصير مفقوديهم.
والقارئ للدستور الجديد لا يجد فيه اختلافاً كبيراً عن سابقه فهو باستثناء إلغاء المادة الثامنة سيئة الذكرالخاصة بهيمنة حزب البعث على مقومات الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في البلاد واستبدالها بمجموعة من المواد التي تعتبر تعجيزية أمام تأسيس الأحزاب وأحقية الترشح للرئاسة، فإنه يعتبر دستوراً تكريسياً لمفهوم القائد الأوحد والحاكم المستبد المطلق، فرئيس الجمهورية هوالقائد الأعلى للجيش وللقوات المسلحة ورئيس مجلس القضاء الأعلى وله بناء للدستور صلاحيات مطلقة منها تسمية رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابه، ووضع السياسة العامة للبلاد، وإصدار القوانين والاعتراض عليها، وإعلان حالة الطوارئ، وتعيين الموظفين المدنيين والعسكريين، وإبرام الاتفاقيات والمعاهدات، وتولي سلطة التشريع خارج دورات انعقاد مجلس الشعب، ولم يبقَ إلا أن ينادى بالحاكم بأمر الله على الأرض.
ولم يغفل خياطو الدستور وسفهاء النظام أن يحصنوا الرئيس من مغبة أفعاله غير المسؤولة فكانت المادة (117) من أكثر المواد استفزازاً واستخفافاً بعقول أبناء الشعب السوري حيث نصت صراحة على أن «رئيس الجمهورية غير مسؤول عن الأعمال التي يقوم بها في مباشرة مهامه إلا في حالة الخيانة العظمى ويكون طلب اتهامه بقرار من مجلس الشعب بتصويت علني وبأغلبية ثلثي أعضاء المجلس بجلسة خاصة سرية، وذلك بناء على اقتراح ثلث أعضاء المجلس على الأقل وتجرى محاكمته أمام المحكمة الدستورية العليا» علماً أن تسمية أعضاء هذه المحكمة السبعة يكون من اختصاص السيد الرئيس، وطبعاً المقصود بالسيد الرئيس في الدستور هو بشار الأسد الذي سيتمتع بموجبه بحكم سورية لمدة أربع عشرة سنة أخرى قد تستمر أكثر في حال عدم وجود مرشح آخر أمامه بناء على مواده ذات الرائحة النتنة لا تجعل هذا الدستور مرجعاً قيماً لأي نظام استبدادي فحسب بل يعتبر منهلاً مهماً لكل من يريد أن يؤبد حكمه ويستعبد شعبه وينصب نفسه ظالماً أبدياً للجنس البشري.
هذه المادة هي التي يستند عليها بشار الأسد في إبادته للشعب السوري وإطلاق آلاته العسكرية لتعيث فساداً وخراباً وقتلاً وتنكيلاً حيث مرت، واستناداً «إلها» يعمل مطمئن البال لعدم محاسبته على ما يقوم به من مجازر دموية بحق الشعب الأعزل، وما تكرارها في الدستور الجديد سوى تأكيد على نهج هذا النظام الدموي ونيته المستمرة في المضي قدما في سياسة القمع والتنكيل بحق الأحرار من الشعب السوري.
لقد تمادى النظام السوري في غيه واستهتاره بعقلية الشعب السوري وعزيمته، ولو صحت الأقوال حول قيام أجهزة الأمن السورية بمصادرة البطاقات الشخصية من المواطنين لإجبارهم على التوجه للاستفتاء والتوقيع بنعم على ورقة الاستفتاء فإنه يكون قد رسم نهايته بيديه خصوصا أن الشارع السوري اليوم لا يرضخ سوى لقانونه الثوري مستنداً على حقه بتقرير مصيره وممارسة كرامته والتمتع بحريته، ولا دستور اليوم يعلو فوق دستور الثورة.
يبدو أن فصول مسرحية النظام السوري التهكمية التي تعرض يومياً على جميع مسارح المدن السورية لم تنته بالأحداث الدامية التي تعيشها سورية على مدار الساعة، فقد تفتق ذهن النظام المنفصل تماماً عن الواقع السوري على صياغة فصل هزلي جديد في محاولة لإلهاء الشعب السوري والمجتمع الدولي بفكرة الاستفتاء على دستور جديد للبلاد نسج على وقع آلة النظام العسكرية وكتب بقلمه المغمس بدماء الآلاف من الشهداء والمعتقلين والمفقودين في جو أقل مايمكن أن يوصف بأنه استبدادي وقمعي.
وقد وقع النظام السوري في أخطاء سياسية وقانونية جسيمة عند إعلانه عن طرح دستوره الجديد للاستفتاء الشعبي، فلم يفطن وهو في عجالة من أمره أن الثورة السورية عندما قامت قد أسقطت شرعيته وأحقيته في حكم سورية بعد أن رفض أكثر من ثلثي السوريين على الأقل بقاء هذا النظام سيفاً مصلتاً على رقابهم بعد عمر من التصلف السياسي والتعنت الدكتاتوري امتد لأكثر من أربعين سنة احتكرت خلالها البلاد لصالح الفئة الباغية، وأن عدم شرعيته التي جاءت عندما نادى السواد الأعظم من الشعب السوري المنتهكة كرامته والمسلوبة حريته بإسقاط النظام ورأسه ومحاسبته وأذنابه على جرائمه المرتكبة بحق الشعب السوري، لا تسمح له بأن يفرض دستوره المفصَل والمخيّط والمطرّز على مقاس بشار الأسد ومزاج أخيه ماهر وذوق آصف شوكت وباستحسان بقية العائلة والدائرة القريبة من المتزلفين والمتسلقين والمتزحلقين وماسحي الجوخ والأحذية.
فلم يراع هذا النظام غير الشرعي الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، واستفحل به التكبر وحب الذات للدرجة التي لم يعد يرى فيها تلك المجازر التي يرتكبها قاصداً متعمداً إبادة الشعب الثائر والقضاء على إرادة الجماهير السورية التي أجمعت على التخلص من العهد القديم المستبد لتبدأ عهداً جديداً، ملؤه الحرية والديموقراطية والكرامة، وخرج على السوريين بلا استحياء بعد ما يقارب السنة من نزيف الدم السوري بمسودة دستور جديد لإصلاح ما أفسده سابقه مستهتراً بمشاعر الملايين من السوريين الذين فقدوا أحبتهم وبيوتهم وأموالهم، مطالباً إياهم بالتوجه للإدلاء بنعمهم المعتادة على أشلاء جثامين شهدائهم وصراخات معتقليهم وغموض مصير مفقوديهم.
والقارئ للدستور الجديد لا يجد فيه اختلافاً كبيراً عن سابقه فهو باستثناء إلغاء المادة الثامنة سيئة الذكرالخاصة بهيمنة حزب البعث على مقومات الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في البلاد واستبدالها بمجموعة من المواد التي تعتبر تعجيزية أمام تأسيس الأحزاب وأحقية الترشح للرئاسة، فإنه يعتبر دستوراً تكريسياً لمفهوم القائد الأوحد والحاكم المستبد المطلق، فرئيس الجمهورية هوالقائد الأعلى للجيش وللقوات المسلحة ورئيس مجلس القضاء الأعلى وله بناء للدستور صلاحيات مطلقة منها تسمية رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابه، ووضع السياسة العامة للبلاد، وإصدار القوانين والاعتراض عليها، وإعلان حالة الطوارئ، وتعيين الموظفين المدنيين والعسكريين، وإبرام الاتفاقيات والمعاهدات، وتولي سلطة التشريع خارج دورات انعقاد مجلس الشعب، ولم يبقَ إلا أن ينادى بالحاكم بأمر الله على الأرض.
ولم يغفل خياطو الدستور وسفهاء النظام أن يحصنوا الرئيس من مغبة أفعاله غير المسؤولة فكانت المادة (117) من أكثر المواد استفزازاً واستخفافاً بعقول أبناء الشعب السوري حيث نصت صراحة على أن «رئيس الجمهورية غير مسؤول عن الأعمال التي يقوم بها في مباشرة مهامه إلا في حالة الخيانة العظمى ويكون طلب اتهامه بقرار من مجلس الشعب بتصويت علني وبأغلبية ثلثي أعضاء المجلس بجلسة خاصة سرية، وذلك بناء على اقتراح ثلث أعضاء المجلس على الأقل وتجرى محاكمته أمام المحكمة الدستورية العليا» علماً أن تسمية أعضاء هذه المحكمة السبعة يكون من اختصاص السيد الرئيس، وطبعاً المقصود بالسيد الرئيس في الدستور هو بشار الأسد الذي سيتمتع بموجبه بحكم سورية لمدة أربع عشرة سنة أخرى قد تستمر أكثر في حال عدم وجود مرشح آخر أمامه بناء على مواده ذات الرائحة النتنة لا تجعل هذا الدستور مرجعاً قيماً لأي نظام استبدادي فحسب بل يعتبر منهلاً مهماً لكل من يريد أن يؤبد حكمه ويستعبد شعبه وينصب نفسه ظالماً أبدياً للجنس البشري.
هذه المادة هي التي يستند عليها بشار الأسد في إبادته للشعب السوري وإطلاق آلاته العسكرية لتعيث فساداً وخراباً وقتلاً وتنكيلاً حيث مرت، واستناداً «إلها» يعمل مطمئن البال لعدم محاسبته على ما يقوم به من مجازر دموية بحق الشعب الأعزل، وما تكرارها في الدستور الجديد سوى تأكيد على نهج هذا النظام الدموي ونيته المستمرة في المضي قدما في سياسة القمع والتنكيل بحق الأحرار من الشعب السوري.
لقد تمادى النظام السوري في غيه واستهتاره بعقلية الشعب السوري وعزيمته، ولو صحت الأقوال حول قيام أجهزة الأمن السورية بمصادرة البطاقات الشخصية من المواطنين لإجبارهم على التوجه للاستفتاء والتوقيع بنعم على ورقة الاستفتاء فإنه يكون قد رسم نهايته بيديه خصوصا أن الشارع السوري اليوم لا يرضخ سوى لقانونه الثوري مستنداً على حقه بتقرير مصيره وممارسة كرامته والتمتع بحريته، ولا دستور اليوم يعلو فوق دستور الثورة.