أن تستيقظ من النوم لتجد بأنك قد فقدت كل شيء تمتلكه: الحصانة البرلمانية والراتب الكبير والسيارة والهاتف والسكرتارية وفوق كل ذلك النفوذ الذي كنت من خلاله تهدد أكبر رأس في البلد وترعب الوزراء وتدخل على أكبر مسؤول ووو...لا شك أن هذا الشعور مؤلم لكل عضو مجلس أمة سابق حتى وإن لم يبده أمام الناس، لا سيما وهو يدرك بأن رجوعه الى المجلس القادم غير مضمون وأن عليه انفاق آلاف الدنانير على حملته الانتخابية وإهدار ماء وجهه في ترجي الناس وطلب أصواتهم.أتمنى من النواب السابقين والمرشحين الحاليين أن يتوقفوا طويلاً أمام تلك العبر والدروس قبل أن يستكملوا التجهيز لخوض الانتخابات القادمة، فالخاسرون الوحيدون من حل المجالس المتعاقبة هم هؤلاء الأشخاص أنفسهم، وفوق كل ذلك فإن الناس تلومهم وتتهمهم بجر البلد الى الأزمات، أعلم بأن اللوم لا يقع عليهم وحدهم وأن الحكومة تتحمل جزءاً كبيراً من الوزر وقد تحدثنا عن ذلك كثيراً، ولكني أتعجب من مسارعة عدد كبير من النواب السابقين الى إعلان ترشيح أنفسهم بالرغم من قناعة الناخبين بأنهم يتحملون الوزر الأكبر في تعكير صفو الحياة النيابية ودفع المجلسين الى التصادم، بل الأشد من ذلك هو أنهم سيتكلمون في ندواتهم الانتخابية بكلام طويل عن انجازاتهم العظيمة وسيقّطعون الحكومة السابقة إرباً بسبب فشلها وعجزها وقلة انجازاتها.والنتيجة: لا طبنا ولا غدا الشر.
المداهمات لن تمنع الفرعيةفي اعتقادي أن الحكومة لن تستطيع منع الانتخابات الفرعية حتماً ولو كانت جادة في ذلك، وأن التصريحات الحكومية بمداهمة مقرات الانتخابات الفرعية لن تنفع، فالمنظمون لتلك الانتخابات أذكى من أن يجعلوا انتخاباتهم مكشوفة أو من خلال أوراق، بل لهم طرق خفية للانتخابات، كذلك فإننا نخشى من أن تتمادى وزارة الداخلية في التدخل في خصوصيات الناس بحجة فرض القانون، وأن تقوم بالتجسس على الناس من خلال الهاتف أو بث العيون وغيرها فتفسد أكثر مما تصلح.والحقيقة هي أن المطلوب هو اصلاح جذري في تفكير الناس ونظرتهم الى الأمور وبأن ابن القبيلة وان كان الأفضل في خدمة القبيلة ولكن قد يحجب انتخابه كفاءات وطنية فائدتها للوطن أكبر، وقد تضعف سلطة الدولة على الأمور اذا قويت شوكة القبلية والطائفية والحزبية وتضخمت أكبر من قدر معين، وهذا ما شاهدناه في المجلس السابق حيث عانى الجميع من تلك الروح المريضة وعاش الناس في اضطراب فكري وتنظيمي سببه طغيان الفروع على الاصل واضعاف هيبة القانون.ولنا في سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة حيث استفاد من تقسيم الناس الى قبائل في ضبط الأمور في مجتمع المدينة وفي تقسيم الجيوش، لكنه لم يسمح للعصبية القبلية بأن تتفوق على سلطة الدولة وتلغيها.إن للوطنيين والاسلاميين دورا كبيرا في الحد من تلك الظاهرة لو أرادوا ولكن للاسف ان من يأتي منهم عن طريق القبيلة لا يمكنه أن يتصدى لتلك الظاهرة، لأن مصلحته مقدمة على وطنيته.
د. وائل الحساويwael_al_hasawi@hotmail.com