الصياح عجز، ذلك دأبنا منذ قرن أو يزيد، أو الأمم تتكالب علينا؟، هو كذلك، لعجزنا العسكري والاقتصادي والفكري في الآونة الأخيرة، ربما الأول دون الآخرين، فلا يخفى على أي مطلع على قطر من أقطار هذه الأمة الموارد الجسيمة، إنما تقبع الخطيئة في الاستغلال، أما الضعف الفكري فذاك غير متوغل كما أخوه العسكري فينا، نحن نرى كل يوم فرقة من نابغي العلماء ممن أنجبتهم تلك الأمة لايسبق لهم شأو بين أترابهم، إلا أننا لا نرى لهم – كما هو حقيق التوافر في غيرنا – دعماً لأمتهم أمام العالم، أو ما أطلق عليه فتح فكري.أمم هزيلة العود وجدت ضالتها في العقل، لم تَصِح على جَدها، بل عملت على الفتح الفكري بدل العسكري، من أجل ذلك سيطرت على الفكر العالمي، وأخرى فتحت فتحاً مبيناً اقتصادياً، وحربنا وإن كانت في السابق عسكرية إلا أنها أظن - يقيناً أنها انقلبت فكرية أربى من أي مجال سواه، فالعقل لجام المرء أيما أحد يقبض عليه يقبض على مقدرات الإنسان.بلغنا من الآثار أن ستفتح القسطنطينية ثم تليها روما، وقد سبق فتح القسطنطينية فتح روما – عسكرياً إلا أن سياسياً تم فتح روما قبل القسطنطينية بـ 1200 عام، كان ذلك حين وضع تاج ورق الغار الروماني فيليب العربي الغساني الأزدي اليماني عام 244 للميلاد.شب في شهباء دمشق من إحدى قبائل الغساسنة الأزدية التي كانت مستوطنة الشام، وحين ساوى الامبراطور الروماني بين المواطنين الرومان، التحق بالجيش فيليب العربي متخذاً هذا الاسم الروماني له معيناً، وتدرج – بالأساليب المتاحة في ذلك الوقت – حتى بلغ رأس السلطة، وهو الغريب في تلك الأمة... نوعاً ما.مسقط الضوء ليس بلوغ السلطة من قبل غريب، فما أكثر ما هم الذين أفلحوا في ذاك، إنما المقصود أن تلك الشخصية من الجنس عينه الذي نشكو تسلط الأمم وعجزه بينهم، فماكان من فيليب العربي في ذلك الوقت الذي كان العرب فيه أمة مستخدمة - شاء المتفيقون أم أبوا – رغم ذاك بلغ رأس أحد أهم الأقطاب السياسية في ذلك الوقت، ما دام ذاك وقع إذن ليس ممتنعاً، بيد أن فيليب العربي لم يكن يدفعه لدعم أمته شيء كما هي الحال مع من نرجو له البلغة.
* كاتب كويتيAbdullah_e_a_s@hotmail.com