تفاجأت وأنا أتصفح جداول الناخبين، التي نشرت في الصحف قبل أيام، بذلك التفاوت الكبير في أعداد الناخبين بين مناطق الكويت، فمنطقة داخلية صغيرة مثل كيفان يبلغ عدد الناخبين فيها نحو 6750 ناخباً، ومنطقة الروضة 8000 ناخب تقريبا، في حين أن منطقة كبيرة مثل العدان يبلغ عدد الناخبين فيها 493 فقط، ومنطقة الزهراء 88 ناخباً، والشهداء 59 ناخباً!هذه الأرقام للأسف تعكس مشكلة وخللا واضحا في التوزيعة السكانية، سببها امتناع عدد كبير من المواطنين من نقل عناوينهم وبطاقاتهم المدنية إلى مناطقهم الجديدة بعد انتقالهم إليها، وإصرارهم على إبقائها على عناوينهم السابقة في المناطق الداخلية أو النموذجية، التي كانوا يقطنونها في يوم من الأيام مع آبائهم أو أجدادهم أو أحد أقاربهم أو كانوا يستأجرون فيها.إن مثل هذه الظاهرة قد أحدثت فجوة كبيرة في الخدمات التي يفترض بالمناطق النموذجية أن تقدمها لسكانها الحقيقيين، فبدلا من أن يخدم مستوصف المنطقة عددا معقولا من المواطنين فإنه سيخدم أضعاف هذا العدد ممن لا ينتمون إلى المنطقة، وكذلك الحال بالنسبة للمستشفيات والمدارس وباقي الخدمات التعليمية والتموينية والتعاونية. ومثال بسيط على ذلك: لو فرضنا أن إحدى الجمعيات التعاونية لديها بند للخدمات الاجتماعية قدره 200 ألف دينار سنويا تدعم به منطقتها، سواء لرحلات العمرة أو باصات التوصيل للمدارس أو الهدايا الرمضانية أو الأنشطة الترفيهية والصيفية أو غيرها، فهل نتوقع أن تكون جودة ونوعية تلك الخدمات في حال تم صرفها على احتياجات أبناء المنطقة الحقيقيين نفس ما لو تم صرفها على أضعاف هذا العدد ممن يملكون بطاقات مدنية على نفس المنطقة؟لا أظن أن الحل هو إلزام المواطنين بتغيير بطاقاتهم المدنية إلى عنوان سكنهم الحقيقي، في الوضع الحالي، فليس من المعقول أن نطلب من المواطن أن يحرم نفسه من مركز صحي متكامل يقدم خدمات طبية راقية ليذهب ويراجع في بيت مؤجر تم تحويله إلى مستوصف في منطقته الجديدة، ولا نريد منه أن ينقل أبناءه من مدرسة مجهزة بأحدث الوسائل التعليمية إلى مدرسة تفتقر إلى أبسط التجهيزات، ولن نلزمه كذلك أن يترك متابعاته الطبية في مستشفى نموذجي ليتابع في مستشفى متهالك ينام في الغرفة العمومية الواحدة فيه سبعة مرضى.إن الحل الأساسي لهذه الظاهرة هو تطوير الخدمات التي تقدمها الدولة في المناطق الخارجية والجديدة لتضاهي وتنافس تلك التي تقدمها المناطق الداخلية، ومتى ما حصل ذلك نستطيع حينها أن نطلب من المواطن بل نلزمه أن يقوم بتغيير بطاقته المدنية إلى عنوان سكنه الحقيقي.
د. المنذر الحساوي
كاتب كويتيalmonther@hotmail.com