|كتب مدحت علام|
الشاعر الكبير وديع سعادة ... يراهن دائما على الكلمة، في مواجهة الغياب، ويقف بقصائده شامخا متعاليا على الصمت بالكلام، وعلى القبح بالجمال... وعلى المأساة بالشعر.
انه الشاعر الجميل الذي حلّ ضيفا على مهرجان القرين الثقافي الـ 18، كي يُحي امسية شعرية دافئة مساء اول من امس في مسرح مكتبة الكويت الوطنية.
تلك الامسية ادارتها الزميلة افراح الهندال، بكلماتها المتصلة بالشعر في سياقه الحسي، وبالتالي قدم الناقد السعودي محمد العباس رؤيته حول الشاعر وديع سعادة في كلمات قليلة موجزة، غير انها لخصت مساحة واسعة من الحب، والألق، والصبابة، لتلك الكلمة التي تخرج من مداد قلم سعادة، ليقول: «آخر ما وصلني من وديع سعادة تلك النظرة التي نسيها وراء الباب»، واضاف: «انه شاعر الغياب... وليس احد اكثر حضورا من هذا الشاعر»... واردف: «بالتأكيد ما انتجه سعادة خلال سيرته يعد ميثاقا سرديا بكل ما يعنيه من تمسرح للواقع... فلغته لا تختلف عما يقوله ويحسه ويعنيه»، وأوضح ان تأثيره الكبير موجود على الساحة، ولكن حضوره الاعلامي قليل، وقال: «الشاعرية الموجودة في منجزه هي عبارة عن هدم العام وبناء الخاص... والذات الصامتة المذابة في الكلام ... انه يخاطب الحجر، واللحم المحروق»، واستطرد: «انه شاعر لا يعرف عدد مريديه»، وان «نصه مفرود على السجادة الحسية».
وبالتالي انشد الشاعر وديع سعادة في اجواء شعرية، لا تنفصل أبدا على الخيال... الذي يستدعي الواقع، ثم يهذبه وينظمه، ليجعل منه ايقونة حسية متنامية في مشاعرها، واخلاصها للكلمة... ومن ثم قرأ الشاعر قصائد من مجموعات شعرية مطبوعة، واخرى من مجموعتين تحت الطبع، ومن القصائد المنشورة انشد «استعادة شخص ذائب»، و«المتعبون» و«شجرة» و«غريق» و«الذي» و«الوصول» و«مثل ظنون» و«ذاكرة طير»، و«حالات الآخر» ... تلك القصائد التي اضاف اليها سعادة بأدائه المتقن والهادئ الكثير من الجمال والتوهج ليقول في قصيدة:
نظر إلى الفضاء واستل ذاكرة طير
ووضعها على رأسه
جاب بلدانا وقارات
حقولا وتلالا ووديانا وغابات
ووضع بيضه في أمكنة كثيرة
حط فيها لحظة
وما عاد
وكان كل مساء
يؤوى إلى بيته وينام في سريره
ويبقى هو
يطير في الفضاء
في حين كانت المتعة عظيمة... بينما سعادة ينشد قصائده الجديدة، التي لم تنشر بعد من ديوان «من اخذ النظرة التي تركتها امام الباب؟»، ليقرأ قصيدة «كي يقول»، بكل ما تحمله من فلسفة تبحث عن المعني المخبأ خلف عتمة الواقع ليقول:
مئات الصفحات كي يعتذر من صرصار
وطأة ذات يوم بقدمه
كي يقول للعريشة امام بابه شكرا
وشكرا للكلب الذي كان
يلوح له بذنبه
مئات الصفحات
مئات الصفحات
يقول يقول كلمة
ولا يقولها
وجاءت قصيدة «دلّ النقطة إلى الطريق»، كي تبوح بمدلولات انسانية مفعمة بالتوهج والحضور:
«خذها رجاء وارمها في النهر/ هذه النقطة التي ضيعت طريقها/ وحطت على كتفي» في حين بدا نص «الذي عبر اسمه» مكثفا وفي الوقت نفسه محيرا، بينما استلهم الشاعر في نص «في مكانه» رؤى دلالية منحوتة من حجر الفلسفة، ثم «غرق» ذلك النص قليل الكلمات واسع المعنى:
دلق ماء
ماء كثيرا
وغرق في الماء
ظن روحه قماشة
وأراد ان يغسلها.
ووصل الشاعر في انشادة إلى قصيدة «لا ترم شيئا في القمامة»... ليعرج إلى مجموعته الشعرية الثانية غير المطبوعة وعنوانها «قل للعابر ان يعود... نسي هنا ظله» ليقرأ قصيدة «الظل» مقتحما بها جدار الحلم، مفجرا الكلمة بكل مدلولاتها وايحاءاتها، ثم «الذي غرق»:
الذي غرق في الماء صار سحابة
ثم نزل قطرة قطرة
والسابحون في البحر يسبحون فيه.
و«انظر إلى الجبل» قصيدة محيرة، غير انها تحكي سيرة الحياة، في سياق شعري متواز مع الخيال: «انظر إلى الجبل حيث يستلقي خروف خرج اليوم من عينك ونام هناك».
ويتبدى الاحساس متوهجا في قصيدة «النسائم التي مرت»:
امكنة كثيرة في رئتيه
وناس كثيرون
دخلوا مع الهواء ثم غابوا
وما تنفسه
كان غيابهم.
وحينما وصل الشاعر إلى قصيدة «الطريق»، واراد ان يختم بها الامسية طالبه الحضور بالمزيد والمتابعة... فامتثل لنداء الشعر الذي حرك حواسهم ومشاعرهم، واسترسل مرة اخرى في قراءة قصائدة اخرى.
اليوم
في السابعة والنصف من مساء اليوم يقام الحفل الختامي لمهرجان القرين الثقافي الـ18 على مسرح الدسمة وافتتاح مسرحية «عبر و11 ستمبر».
الشاعر الكبير وديع سعادة ... يراهن دائما على الكلمة، في مواجهة الغياب، ويقف بقصائده شامخا متعاليا على الصمت بالكلام، وعلى القبح بالجمال... وعلى المأساة بالشعر.
انه الشاعر الجميل الذي حلّ ضيفا على مهرجان القرين الثقافي الـ 18، كي يُحي امسية شعرية دافئة مساء اول من امس في مسرح مكتبة الكويت الوطنية.
تلك الامسية ادارتها الزميلة افراح الهندال، بكلماتها المتصلة بالشعر في سياقه الحسي، وبالتالي قدم الناقد السعودي محمد العباس رؤيته حول الشاعر وديع سعادة في كلمات قليلة موجزة، غير انها لخصت مساحة واسعة من الحب، والألق، والصبابة، لتلك الكلمة التي تخرج من مداد قلم سعادة، ليقول: «آخر ما وصلني من وديع سعادة تلك النظرة التي نسيها وراء الباب»، واضاف: «انه شاعر الغياب... وليس احد اكثر حضورا من هذا الشاعر»... واردف: «بالتأكيد ما انتجه سعادة خلال سيرته يعد ميثاقا سرديا بكل ما يعنيه من تمسرح للواقع... فلغته لا تختلف عما يقوله ويحسه ويعنيه»، وأوضح ان تأثيره الكبير موجود على الساحة، ولكن حضوره الاعلامي قليل، وقال: «الشاعرية الموجودة في منجزه هي عبارة عن هدم العام وبناء الخاص... والذات الصامتة المذابة في الكلام ... انه يخاطب الحجر، واللحم المحروق»، واستطرد: «انه شاعر لا يعرف عدد مريديه»، وان «نصه مفرود على السجادة الحسية».
وبالتالي انشد الشاعر وديع سعادة في اجواء شعرية، لا تنفصل أبدا على الخيال... الذي يستدعي الواقع، ثم يهذبه وينظمه، ليجعل منه ايقونة حسية متنامية في مشاعرها، واخلاصها للكلمة... ومن ثم قرأ الشاعر قصائد من مجموعات شعرية مطبوعة، واخرى من مجموعتين تحت الطبع، ومن القصائد المنشورة انشد «استعادة شخص ذائب»، و«المتعبون» و«شجرة» و«غريق» و«الذي» و«الوصول» و«مثل ظنون» و«ذاكرة طير»، و«حالات الآخر» ... تلك القصائد التي اضاف اليها سعادة بأدائه المتقن والهادئ الكثير من الجمال والتوهج ليقول في قصيدة:
نظر إلى الفضاء واستل ذاكرة طير
ووضعها على رأسه
جاب بلدانا وقارات
حقولا وتلالا ووديانا وغابات
ووضع بيضه في أمكنة كثيرة
حط فيها لحظة
وما عاد
وكان كل مساء
يؤوى إلى بيته وينام في سريره
ويبقى هو
يطير في الفضاء
في حين كانت المتعة عظيمة... بينما سعادة ينشد قصائده الجديدة، التي لم تنشر بعد من ديوان «من اخذ النظرة التي تركتها امام الباب؟»، ليقرأ قصيدة «كي يقول»، بكل ما تحمله من فلسفة تبحث عن المعني المخبأ خلف عتمة الواقع ليقول:
مئات الصفحات كي يعتذر من صرصار
وطأة ذات يوم بقدمه
كي يقول للعريشة امام بابه شكرا
وشكرا للكلب الذي كان
يلوح له بذنبه
مئات الصفحات
مئات الصفحات
يقول يقول كلمة
ولا يقولها
وجاءت قصيدة «دلّ النقطة إلى الطريق»، كي تبوح بمدلولات انسانية مفعمة بالتوهج والحضور:
«خذها رجاء وارمها في النهر/ هذه النقطة التي ضيعت طريقها/ وحطت على كتفي» في حين بدا نص «الذي عبر اسمه» مكثفا وفي الوقت نفسه محيرا، بينما استلهم الشاعر في نص «في مكانه» رؤى دلالية منحوتة من حجر الفلسفة، ثم «غرق» ذلك النص قليل الكلمات واسع المعنى:
دلق ماء
ماء كثيرا
وغرق في الماء
ظن روحه قماشة
وأراد ان يغسلها.
ووصل الشاعر في انشادة إلى قصيدة «لا ترم شيئا في القمامة»... ليعرج إلى مجموعته الشعرية الثانية غير المطبوعة وعنوانها «قل للعابر ان يعود... نسي هنا ظله» ليقرأ قصيدة «الظل» مقتحما بها جدار الحلم، مفجرا الكلمة بكل مدلولاتها وايحاءاتها، ثم «الذي غرق»:
الذي غرق في الماء صار سحابة
ثم نزل قطرة قطرة
والسابحون في البحر يسبحون فيه.
و«انظر إلى الجبل» قصيدة محيرة، غير انها تحكي سيرة الحياة، في سياق شعري متواز مع الخيال: «انظر إلى الجبل حيث يستلقي خروف خرج اليوم من عينك ونام هناك».
ويتبدى الاحساس متوهجا في قصيدة «النسائم التي مرت»:
امكنة كثيرة في رئتيه
وناس كثيرون
دخلوا مع الهواء ثم غابوا
وما تنفسه
كان غيابهم.
وحينما وصل الشاعر إلى قصيدة «الطريق»، واراد ان يختم بها الامسية طالبه الحضور بالمزيد والمتابعة... فامتثل لنداء الشعر الذي حرك حواسهم ومشاعرهم، واسترسل مرة اخرى في قراءة قصائدة اخرى.
اليوم
في السابعة والنصف من مساء اليوم يقام الحفل الختامي لمهرجان القرين الثقافي الـ18 على مسرح الدسمة وافتتاح مسرحية «عبر و11 ستمبر».