| تحقيق: حسن الهداد وعلي العلاس وباسم عبدالرحمن |
تخوفات وهواجس المواطنين من احتمال قيام الولايات المتحدة الاميركية بتوجيه ضربة عسكرية تجاه مفاعل بوشهر النووي الايراني، تطرح علامات استفهام حول خطط طوارئ الدولة، تجاه اي عارض قد يقع لا قدر الله في المنطقة.
وابدى مسؤولون استعداد كل جهة لأي عوارض بخطة طوارئ تتماشى مع اي احتمالات قد تحدث، معربين عن اهتمام الدولة بتأمين برامج ادارة الازمات، والعمل تحت أي ظروف قهرية، خاصة وان الكويت قد مرت بمحن سابقة، لعل اهمها الغزو العراقي الغاشم.
وأوضحوا ان «اي عمل عسكري تجاه الجار الفارسي لن يؤذي ايران فقط، انما سيتسبب في الضرر لجميع عموم منطقة الخليج»، مؤكدين ان «أي خطة طوارئ سيتم الاعلان عنها للمواطنين والمقيمين في الوقت المناسب، ان دعت الضرورة لذلك».
وطمأنوا المواطنين بان مفاعل بوشهر يبعد عن الكويت مسافة 250 كيلو متراً، وهذه مسافة آمنة جدا عن مخاطر التسرب الاشعاعي، لتبقى المشكلة الوحيدة في التسرب الاشعاعي عن طريق مياه البحر كون الكويت تعتمد بشكل كلي على تحلية مياه الخليج العربي، ولكن يمكن الاستعانة بالاحتياطي الاستراتيجي لمياه الشرب حتى تزول المخاطر الاشعاعية الملوثة من المياه، اما في الجانب الصحي فهناك عدد من النصائح الطبية التي يجب اتباعها بعدم التعرض لفترة طويلة لأي اشعاع والابتعاد عن مصدره والاحتماء بالملاجئ واتباع خطط فرق الطوارئ... مزيد من التفاصيل في سياق التحقيق التالي: في البداية، سألنا وزير الدولة لشؤون التخطيط والتنمية السابق عبدالوهاب الهارون، عن الاستعداد بخطط طوارئ محلية لأي عوارض قد تشهدها المنطقة، خصوصا بعد تواتر الانباء عن امكانية قيام الولايات المتحدة بعمل عسكري تجاه ايران، فأفاد بانه «من الطبيعي ان تهتم الدولة بهذا الامر، ولا شك اننا مررنا بكثير من حالات الازمات في الماضي، وكانت هناك استعدادات على كل مستوى سواء الجانب الامني او الجوانب الصحية والامن الغذائي والاحتياطات المائية والكهربائية».
واكد الهارون ان «الخطط جاهزة لأي طارئ، وبالطبع لا نتمنى حدوث ما نسمع عنه من خلال التصعيد الحالي ضد ايران، لاننا في الكويت سنتأثر بذلك ونرجو ان تحل الامور بالسلم والديبلوماسية».
وعما اذا كانت التوترات السياسية المحلية قد تعطل خطط التنمية افاد الهارون، بان «جميع دول العالم تشهد مماحكات بين المعارضة والادارة الحكومية وحينما يستلم الحكم الاغلبية نجد ان الاقلية تختلق الكثير من المعوقات وتثير قضايا لاسقاط الحكومة والقفز على موقعها، وهو امر مستمر، لكن لم يعطل التنمية ويوقف العجلة، ويعتبر ذلك مجرد عمل سياسي دائم في العمل الديموقراطي لكن خطط التنمية موجودة بدليل موافقة السلطتين التشريعية والتنفيذية عليها وعلى تمويلها سنويا».
من جانبه، قال نائب المدير العام للهيئة العامة للبيئة علي حيدر، ان «الدولة أعدت خطة طوارئ كاملة في حال نشوب حرب بالمنطقة، تحسباً لأي تسرب اشعاعي قد يتسرب لمياه الخليج»، مبيناً ان «الهيئة العامة للبيئة احدى الجهات المشاركة في خطة الطوارئ، وتعتبر جهة مساندة لبقية الأجهزة كوزارة الصحة والدفاع المدني ووزارة الكهرباء والماء، لاسيما ان هيئة البيئة تقوم على استخدام أجهزة خاصة على مستوى الخرائط لكافة مناطق الكويت، لمعرفة نسب الاشعاع واتجاه الرياح وفق نظام (المنمذج) والذي يقوم في عملية المساعدة في انتقال المواطنين والمقيمين من مكان الى مكان أكثر أمناً، وذلك سيتم بناء على قراءات اتجاه الرياح التي تكون محملة بالاشعاع».
وأوضح حيدر، «سيكون هناك خط ساخن مع الدفاع المدني للتواصل مع المواطنين والمقيمين لمساعدتهم من أي مخاطر قد يتعرضون لها»، مضيفاً انه «سيكون هناك تنسيق على مدار الساعة مع وزارة الكهرباء والماء للحد من المخاطر على محطات التقطير، لاسيما ان وزارة الكهرباء تملك خطة لتأمين محطات التقطير من أي مخاطر اشعاعية»، مشيراً الى ان «هناك اجتماعا تنسيقيا سيعقد قريباً بين كافة الجهات لمناقشة والاتفاق على الآلية التي سيتم العمل بها ان احتاج الأمر»، مبيناً ان «أي خطة طوارئ سيتم الاعلان عنها للمواطنين والمقيمين، ولكن كل شيء يتم في الوقت المناسب ان دعت الضرورة».
وبين حيدر ان «الخطورة والمخاوف لن تأتي من مفاعل بوشهر، كونه مولدا للكهرباء، وهذا حسب ما أكدته اخر التصاريح للمعنيين بهذا الأمر، لاسيما في المنظمة الاقليمية للبيئة بمرافقة وفود خليجية، ولكن الخوف يكمن من منطقة أصفهان، لانها تقوم بعمل تركيز الوقود النووي، وفي حال انفجارها قد يصل لنا أشعاع بسبب اتجاه الرياح، وأضرارها ستكون خفيفة بسبب بعدها عن الخليج، ولكن هناك احتياطات تستوجب العمل بشأنها للتصدي لأي خطر اشعاعي قد يخترق حدودنا».
وأشار حيدر، الى ان «هيئة البيئة ستوفر الى الجهات المعنية مختصين فنيين للتعامل مع الأجهزة في كافة الجهات المعنية للعمل على قراءات اشعاعية»، مؤكداً ان « فنيي هيئة البيئة على كفاءة عالية في عملية رصد القراءات الاشعاعية بدقة والعمل على اعداد تقارير سريعة للجهات المعنية لاتخاذ اجراءات سريعة في هذا الشأن».
من جانبه، قال مستشار اللجنة البيئية في مجلس الأمة السابق الخبير البيئي الدكتور شكري الهاشم، ان « شواطئ الكويت بانتظار خطر محتمل مما يسمى بالنظائر المشعة في بحر الكويت، لاسيما ان هذه القضية الان هي قضية عالمية تحتاج الى اجراءات حكومية تقلل من خطورة الوضع»، متسائلاً « اذا الاشعاع النووي وصل لأجواء الكويت من اليابان، فكيف بمحطة بوشهر النووية الايرانية التي لا تبعد عن حدود الكويت الا 120 كيلو مترا تقريباً، خاصة ان الجهات المعنية عاجزة تماماً عن أي كوارث جديدة».
وأوضح الهاشم ان «الأمراض السرطانية بحالة زيادة مستمرة، خاصة ان الدراسات الأخيرة التي اجريت والتي نتجت عنها احصائيات، تؤكد ان نسبة مرض السرطان في الكويت وصل الى رقم مخيف، بنسبة 359 في المئة، وللاسف مازلنا نرى احصائيات لوزارة الصحة غير صحيحة بهدف التستر على قلب المشكلة»، مبيناً ان «الأمراض السرطانية المنتشرة مختلفة، ابرزها سرطان في القولون والجهاز التنفسي وغيرها».
وانتقد الهاشم، «أسلوب المسؤولين في التقليل من خطورة الوضع الاشعاعي الموجود في أجواء الكويت»، متسائلاً « الى متى هذا الاستخفاف بعقول الناس من خلال التقليل من خطورة الوضع رغم ان واقع الأمر عكس ما يصرح به المسؤولون الحكوميون»، متسائلاً «أين خطة الطوارئ التي يتحدثون عنها، ولماذا لا يتم الاعلان عنها ليثق الناس فيها قبل وقوع أي كارثة».
وأشار الهاشم الى ان «الأمر بحاجة الى مصداقية مع الناس في ما يتعلق بخطة الطوارئ والعمل على نشرها في وسائل الاعلام لتثقيف المواطنين والمقيمين بشأنها، لاسيما ان الخطر قد يحدث في أي وقت»، متسائلاً : هل من المعقول ان تقدم خطة الطوارئ في حال حدوث كارثة تسرب اشعاعي من دون أي استعداد مسبق لها من قبل المواطنين والمقيمين».
من جهته، أشار الوكيل المساعد للتخطيط والتدريب في وزارة الكهرباء والماء الدكتور مشعان العتيبي، الى وجود خطة طوارئ لدى الوزارة للتعامل مع جميع الاحتمالات ومن ضمنها التلوث الاشعاعي لمياه البحر في حالة حدوث اي مشاكل طارئة في المنطقة.
وقال العتيبي «يوجد لدى الوزارة خطة بديلة، نفضل عدم الكشف عن نقاطها، يمكن ان تلجأ اليها الوزارة في حال تعرض مياه الشرب المنتجة من عمليات تقطير مياه البحر الى تلوث اشعاعي، فالوزارة وضعت في حسبانها جميع الاحتمالات الطارئة، وكيف تتصرف في حال وقوع تسرب اشعاعي، وايجاد خطط بديلة لتزويد المستهلكين بالمياه لحين زوال مخاطر التلوث الاشعاعي».
وأشار الى ان هناك تعاوناً وتنسيقاً مع وزارة الصحة في مجال رصد الاشعاعات، وعمل التحاليل الدورية لمصادر المياه للتأكد من سلامتها بشكل دائم، على اعتبار ان وزارة الصحة هي الجهة الوحيدة المخولة بفحص المياه والتأكد من سلامتها اشعاعيا.
وقال الدكتور مشعان العتيبي، ان «مفاعل بوشهر يبعد عن الكويت مسافة 250 كيلو متراً، وهذه مسافة آمنة جدا عن مخاطر التسرب الاشعاعي، والمشكلة الوحيدة هي التسرب الاشعاعي عن طريق مياه البحر كون الكويت تعتمد بشكل كلي على تحلية مياه الخليج العربي، وبالامكان الاستعانة بالاحتياطي الاستراتيجي لمياه الشرب حتى تزول المخاطر الاشعاعية الملوثة من المياه، اما الحديث عن وجود مخاطر تعرض لاشعاع قاتل وخطير عن طريق الجو فلا يعدو كونه معلومات مغلوطة يسوقها اما عوام الناس وإما جهات مغرضة لبث الخوف والهلع لدى الرأي العام.
وفي ما يتعلق بعملية تشغيل وتوزيع المياه في حال وقوع الأزمة، قال الوكيل المساعد لقطاعي مشاريع المياه وتشغيل وصيانة المياه المهندس عبدالخالق مراد، ان «الوزارة تمتلك كميات كافية من المياه ضمن المخزون الاستراتيجي، تكفي لمواجهة اي كوارث او طوارئ يمكن ان تعيشها الكويت لمدة شهر ونصف الشهر، فالوزارة لديها استراتيجية جاهزة في كيفية التعامل مع هذه الحالات، وهي ستعتمد على المخزون عند حدوث اي اخطار، والذي يبلغ حاليا 2 مليار و750 مليون غالون امبراطوري.
وأوضح مراد، «من ضمن الخيارات التي يمكن ان تلجأ اليها الوزارة في حال حدوث كوارث خيار تقنين توزيع المياه، بحيث يبرمج توزيعها بطرق تجعل الوزارة تستفيد من هذا العامل (الوقت) لحين اجلاء جميع المواد المشعة».
من جهة ثانية، اكد مدير ادارة الصحة المهنية في وزارة الصحة الدكتور احمد الشطي، بانه توجد كميات ضئيلة من المواد المشعة بصورة طبيعية في الهواء والماء والطعام وحتى في الجسد البشري نفسه وتقاس وحدات الاشعاع في الجسم بوحدة الريم او سيفرات والسيفرت الواحد يساوي 100 ريم وفي تقدير العلماء يتلقى الشخص العادي جرعة مقدارها ثلث ريم سنويا، 80 في المئة منها تأتي من التعرض للمصادر الطبيعية مقابل 20 في المئة من المصادر الصناعية خاصة الاشعة السينية الطبية.
وقال الشطي ان «الاشعاع يمكن ان يؤثر على الجسم بعدة طرق والآثار الصحية السلبية للتعرض قد لا تظهر لسنوات عديدة وتأثيراتها الجانبية بسيطة مثل احمرار الجلد اما تأثيراتها الخطيرة فتصل الى حد الاصابة بالسرطان والوفاة بناء على كمية الاشعاع التي تعرض لها الانسان ونوعه وطريقة التعرض له ومقدار وقت التعرض للاشعاع الذي قد يؤدي للوفاة خلال ايام او شهور».
واضاف الشطي ان «تسرب أو انفجار منشأة نووية قد يؤدي الى اطلاق كم كبير من المادة المشعة والأشخاص الموجودون بالمنشأة على الأرجح سيكونون قد تلوثوا بالمادة المشعة، ومن المحتمل ان تكون قد لحقت بهم اصابات والأشخاص الذين تلقوا جرعة كبيرة قد تنشأ لديهم أمراض اشعاعية حادة، اوالأعراض الفورية مثل الغثيان، القيء، والاسهال كما قد تظهر أعراض أخرى تشمل فقدان الوزن، فقدان الشهية، وأعراض شبيهة بالانفلونزا، والنزيف وكذلك قد يتعرض الأشخاص الموجودون في المنطقة المحيطة للاشعاع أو التلوث.
ولفت الى ان انفجار اي جهاز نووي قد يسبب قدرا كبيرا من الخسائر في الممتلكات وموت الناس أو ان يصابوا بجروح من الانفجار وقد يصيبهم تلوث من المادة المشعة، وتكون لديهم أعراض لأمراض اشعاعية حادة وكذلك في أعقاب الانفجار النووي ينتشر الغبار المتساقط المشع فوق منطقة كبيرة، تبعد عن نقطة الانفجار ما قد يزيد من خطر اصابة الناس بالسرطان على مدار الوقت.
وقال الشطي انه «يمكن الوقاية من الاشعاعات بـ 3 طرق، هي تقليل وقت التعرض للاشعاع وزيادة المسافة بين الشخص ومصدر الاشعاع والوقاية بزيادة الدرع الواقية بين الشخص ومصدر الاشعاع والواقي حاجز يمكن ان يتراوح بين رقة زجاج النوافذ الى سمك عدة اقدام من الاسمنت حيث ان البقاء داخل المبنى او السيارة قد يوفر وقاية ضد بعض انواع الاشعاعات».
واكد انه لا يمكن للبشر رؤية او شم او الشعور بالاشعاع ونصح الناس وقت وقوع الانفجار في حال لم يتعرضوا لاصابات شديدة جراء هذا الانفجار ألا يصابوا بالذعر ويتركوا محيط منطقة الانفجار سيرا على الاقدام لا باستخدام وسائل النقل العامة او الخاصة والدخول في اقرب ملجأ او مبنى للابتعاد عن اي مواد مشعة قد يحملها الغبار وان يبدل الناس ملابسهم في اقرب وقت ممكن ووضع الملابس في حقيبة بلاستيك محكمة الغلق والاستحمام وغسل الجسم بافضل طريقة ممكنة وترقب اي معلومات جديدة عندما تنتهي خدمات الطوارئ من تحديد وتقييم الضرر الناتج عن التلوث الاشعاعي.
ولفت الشطي الى ان يوديد البوتاسيم المعروف باسم «كيه اي» يقي الغدة الدرقية فقط من التعرض للايودين المشع لكنه لن يقي من المواد الاخرى او يحمي اجزاء الجسم من التعرض للاشعاع علاوة على ان هذا العقار يعطى للمرضى قبل التعرض للاشعاع اذا سمع الناس ان هناك سحابة مشعة مثلا سوف تمر بهم او فور التعرض للاشعاع كما ان هذا الدواء يعتبر خطرا على بعض الاشخاص لذلك لا يوصى بتعاطيه ما لم يكن هناك خطر للتعرض للايودين المشع، مبينا ان التعرض للاشعاع يتم التعرف عليه من خلال اختبارات الدم.


حركة المياه واتجاه الرياح

ان حركة مياه الخليج تدور عكس عقارب الساعة اي من جهة ايران الى منطقة الخليج، ولو حدث اي خلل في مفاعل بوشهر وادى الى تسرب نووي فان المياه ستحمل الملوثات النووية الى شواطئ دول الخليج وأول ما سيطول التلوث هو محطات تقطير المياه، كذلك فان اتجاه حركة الرياح هو اما من الشمال الى الجنوب ( ايضا من جهة ايران الى المنطقة ) ستحمل معها الملوثات اولا الى الكويت وشمال السعودية وجنوب العراق، اما اذا كانت من الشرق الى الغرب فستكون الامارات وعمان واليمن اول المتضررين.