إنه سالم بن عبدالله بن عمر رضي الله عنهم أجمعين.
/>كان أشبه لجده في الجهر بكلمة الحق مهما كانت ثقيلة الوطأة شديدة التبعات...
/>من ذلك أنه دخل على الحجاج ذات مرة في حاجة من حوائج المسلمين.
/>فرحب به الحجاج وأدنى مجلسه وبالغ في إكرامه... وفيما هما كذلك؛ إذ أتى الحجاج بطائفة من الرجال؛ شُعث الشعور، غُبر الأجسام، صفر الوجوه، مقرنين في الأصفاد.
/>فالتفت الحجاج إلى سالم وقال: هؤلاء بغاة مفسدون في الأرض، مستبيحون لما حرَّم الله من الدماء.
/>ثم أعطاه سيفه، وأشار الى أولهم وقال: عليك به... فقم إليه واضرب عنقه.
/>فأخذ سالم السيف من يد الحجاج، ومضى الى الرجل وقد شخصت أبصار القوم نحوه تنظر ماذا يفعل؟!
/>فلما وقف على الرجل قال له: امسلم أنت؟
/>فقال: نعم... ولكن ما أنت وهذا السؤال؟ امض لإنفاذ ما أمرت به.
/>فقال له سالم: وهل صليت الصبح؟ فقال الرجل: قلت لك إني مسلم ثم تسألني: إن كنت صليت الصبح! وهل تظن أن هناك مسلماً لا يصلي؟
/>فقال سالم: أسألك أصليت صبح هذا اليوم؟
/>فقال الرجل: هداك الله، قلت لك نعم... وسألتك أن تنفذ ما أمرك به هذا الظالم، وإلا عرضت نفسك لسخطه.
/>فرجع سالم الى الحجاج، ورمى السيف بين يديه وقال: إن الرجل يقر بأنه مسلم، ويقول: إنه صلى صبح هذا اليوم، وقد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله) (رواه مسلم).
/>وإني لا أقتل رجلاً دخل في ذمة الله عز وجل.
/>فقال له الحجاج مغضباً: إننا لا نقتله على ترك صلاة الصبح... وإنما نقتله لأنه ممن أعان على قتل الخليفة عثمان بن عفان.
/>فقال له سالم: إن في الناس من هو أولى مني ومنك بدم عثمان.
/>فسكت الحجاج، ولم يحر جواباً.
/>ثم إن أحد شهود المجلس قدم على المدينة وأخبر عبدَ الله بن عمر بما طلبه الحجاج من ابنه سالم.
/>فلم يتريث حتى يسمع بقية الخبر وإنما بادر محدثه قائلاً: وما صنع سالم بأمر الحجاج؟
/>فقال له: صنع كذا وكذا.
/>فسُرِّي عنه، وقال: «كيس كيس... عاقل عاقل».
/>(من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله).
/>