لحياة الإنسان آلاف النوافذ، كل يوم وليلة يفتح نافذة فثمة ضوء وراءها ليبصر ويتعرف عما خلفها، ففتحت نافذتي يوم الاثنين الماضي فإذا بي أرى وراءها دعوة من المحامية الفاضلة نجلاء النقي لديوانها للمشاركة في برنامج «تو الليل» من خلال نقل مباشر من منزلها، لأتعرف على السيدة نجلاء النقي عن قرب فوجدتها إنسانة رائعة راقية رفيعة الخلق وشهادتي مجروحة فيها، كل الشكر والتقدير عزيزتي نجلاء على الدعوة وحسن الاستقبال، وجمال المعاملة مع الآخرين، فكنتِ خير مثال لمن يتقبل الآخرين، وإن اختلف معهم قلبا وقالبا.
تعودت منذ زمن على تدوين الحِكم والزبد والخبرات وجميل الفوائد، للاستفادة بما تم جمعه من درر وجواهر التي هي كالألوان المشرقة تُهندس ذاتي وتُرسم بها أبدع وأجمل وأبهى صورة للحاضر والمستقبل، ما لفت نظري وتم تسجيله كخبرةٍ اكتسبتها من حضوري للديوان، تنوع الحضور فكان منهم الأكاديميون، والإعلاميون، والمتخصصون، والفنانون، والمثقفون، وغيرهم، وأكثر شخصيتين لفتا انتباهي وإن اختلفت معهما بالتوجه والفكر، الأستاذة الفاضلة الإعلامية أمل عبدالله والممثلة الفاضلة زهرة الخرجي، برقي تعاملهما مع الآخرين وتقبلهما لجميع التوجهات والأفكار والآراء، فلقد طبّقا القاعدة الفكرية بسمو أخلاقهما، وهي: قبولي للأشخاص بذاتهم، والإنصات والاستماع لآرائهم، لا يعني بالضرورة أنني أؤمن أو أتبنى أفكارهم. فكانت نفحاتهم تلفح ذهني وتزيدني يقينا بصحة المدرسة الفكرية التي أنتمي إليها، ذات القواعد والأصول الراسخة الوطيدة التي لا تتغير بتغير الأزمان والأشخاص.
مثلما رأيت هؤلاء الأشخاص المتألقين في الديوان من بين الآخرين، رأيت النقيض وهم من يتهمون غيرهم بتحجر العقول وتشددها وتخلفها، فوجدت عقولهم من فولاذ، يحكمون على الأشخاص من أشكالهم لمجرد أن المظهر لم يعجبهم، ويرفضون بشدة كل من يخالفهم الفكر والرأي، وتناسوا زمن تقبل الرأي والرأي الآخر، إلى أن وقعوا بالرجعية والجاهلية بالهمز واللمز والاستهزاء والسخرية بغيرهم، محاولة منهم استفزاز الغير ليتم التصادم والتجاذب، انتصارا لنفوسهم العليلة.
لقد بلغنا قاموس البحر، ولكننا! لم نر مثل تلك العقول المتصلبة، التي تنظر للأشكال، لا بما تحمله الأذهان، وتنقد مظهر الأشخاص، لا بما يتبنون من أفكار ومفاهيم وقناعات، فنحمد الله أن آتانا عقولا متفتحة، وسعة أفق فسيحة، وآذانا منصتة صاغية، ونفوسا زكية متزكية، وأذهانا جلية، وألسنةً مُفوّهة فصيحة، ذات سحر وبيان، لتنثر من جمان الفكر في كل زمان ومكان، فنحن نتاج رجل عظيم ربانا فأحسن التربية، وامرأة أعظم أرضعتنا الحكمة والثبات على القيم والأخلاقيات منذ ولادتنا.
فنحن أرقى وأسمى من أن ننصاع لسلوكياتهم اللا مسؤولة، ومعاييرهم ذات المواصفات والمقاييس الرثة، لا يوجد لديهم إخراج فكري أو قيمي، يستندون عليه أو ينطلقون منه، لم يجتهدوا بتنوير عقولهم بمبادئ الحكمة، بل أطلقوا زمام عقولهم لتصول وتجول استصغارا بالآخرين من دون ضوابط وقيود، فصاروا ينظرون للإنسان بنظرة دونية سطحية تنعكس على أشخاصهم ونفسياتهم، وعدم تمكنهم من منهجهم أدى إلى أن سلكوا طريقا خاليا من الآداب الفطرية والنفسية، ففقدوا الثقة بأنفسهم وأصبحوا يظنون ويشككون بأن كل ما يقال يعنيهم ويتقصدهم.
وحتى لا أطيل عليك عزيزي القارئ لقد كان سبب الدعوة للمشاركة في الحديث عن حقوق المرأة الكويتية المتزوجة من أجنبي، والكويتي المتزوج من أجنبية، وبترشيح من صديقتي المميزة سميرة القناعي، تم قبول الدعوة بكوننا ناشطين بحقوق الإنسان، نكتفي بهذا القدر وللحديث بقية...


منى فهد العبدالرزاق الوهيب
m.alwohaib@gmail.com
twitter: @mona_alwohaib