قبل أشهر قليلة خرج على قومه مهدداً متوعداً: «أيها الجرذان سألاحقكم وأقتلكم في كل مكان وفي كل زنقة زنقة» ثم هو يخرج اليوم من فخبئه الذي حاول الاختفاء فيه كالجرذ بعد ان لاحقه الثوار زنقة زنقة وفي كل مكان.
سبحان الله... الا يتعظ الجبابرة والطواغيت من تلك الدروس والعبر التي يشاهدونها تمر امام اعينهم كل يوم ليدركوا بأن عاقبة الظلم وخيمة وان الله تعالى يمهل للظالم حتى اذا اخذه لم يفلته - كما اخبر سيد البشر صلى الله عليه وسلم!
ان الحديث عن سقوط القذافي كان قبل اشهر قليلة من سابع المستحيلات فقد صاغ المجتمع الليبي بطريقة تمنع شعبه حتى من التفكير في معارضته ناهيك عن التمرد عليه، فالجواسيس الذين سماهم باللجان الشعبية كانوا في كل بيت واسرة يحصون على الناس انفاسهم ويبلغون عن كل حركة، وكان مصير من يتم اتهامه بالشبهة بالشيء القليل هو قتله، وعائلته جميعاً.
بل ارسل القذافي اعوانه الى الخارج لاغتيال المعارضين الليبيين واباد الفا وخمسمئة سجين في ليلة واحدة كانوا جميعهم من العلماء والمفكرين لئلا يخرجوا يوماً ما ليهددوه.
يخبرني احد الدكاترة المصريين انه كان يعمل في ليبيا في الثمانينات في احدى الجامعات في طرابلس، فجاء اعوان القذافي الى الجامعة وامروا الجميع بالاحتشاد في الساحة ثم جاءوا ببعض طلبة الجامعة وعلقوهم على المشانق امام الجميع لكي لا يجرؤ احد حتى على التفكير في شيء، كما اذكر بأن كثيراً من الليبيين الذين كانوا يدرسون معنا في الولايات المتحدة وكان ذنبهم الوحيد انهم كانوا من المصلين، سألنا عنهم بعد التخرج فأخبرنا من كان يعرفهم بأن من رجع منهم الى ليبيا فقد سيق الى المشنقة او تم سجنه سنوات طويلة.
حمدت الله تعالى ان اوقع الثوار الليبيون القصاص العادل بهذا المجرم اللعين مباشرة واراحوا العالم من شرّه، ولو انهم تركوه لطالبت محكمة جنايات الحرب الاوروبية بمحاكمته وبذلك سيظل سنوات طويلة معززاً مكرماً في سجنه يشتم سجناءه كما فعل صدام حسين في العراق، ثم من يدري فقد تحكم عليه المحكمة ببضع سنوات سجن يخرج بعدها ليمارس حياته.
ان من يتأمل الذل الذي احاط بالقذافي وابنائه وقت اعتقالهم، وتوسله للثوار بعدم المساس به «حرام... ما تعرفوا الحرام؟» ان من يتأمل ذلك ليدرك ويستيقين قول الله تعالى: «قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير» فانظر الى تعبير النزع والذل اللذين شاهدناهما في صورة القذافي حين تم القبض عليه، كما شاهدناهما في صدام حسين الذي اختبأ في الحفرة وكثير غيرهم.
كم اتعجب من علي صالح وبشار الاسد الا يشاهدان ما نشاهده ويدركان بأن الدور قادم عليهما لامحالة؟!


د. وائل الحساوي
wael_al_hasawi@hotmail.com