من القصص التي جرت مجرى المثل ما ذكر عن السلطان الذي كان له بغلة يركب عليها مقطوع ذيلها، فكلما مر بها السلطان في الشوارع ضحك عليها الناس، فأفتى هؤلاء الفقهاء بأنه ما دام السلطان معظم ولا يجوز التكلم عليه، لذا فان الضحك على بغلته هو أشد إثما من الضحك على السلطان.
وقد جرى ذلك المثل على لسان جميع المتحمسين والثائرين على الاوضاع العامة والمحرضين للناس على الخروج على النظام العام.
من الامور المؤكدة اليوم ان الساحة السياسية ستشهد المزيد من التسخين من اجل الوصول إلى النتيجة النهائية التي تنشدها المعارضة وهي اسقاط رئيس الوزراء، فهنالك استجوابان على الاقل سيتم تقديمهما له وهنالك تجمعات وندوات واعتصامات سيقوم بها النواب من اجل الضغط في اتجاه اسقاط الشيخ ناصر المحمد، وهنالك تعهد من كتلة الاصلاح والتنمية بالاستقالة في حال لم يحقق الاستجواب المطلوب منه.
أما الأمر الآخر الذي سيسير بالتوازي مع التصعيد السياسي ضد الحكومة فهو ازدياد مطالبات النقابات والروابط للعاملين في الحكومة والضغط من اجل تحقيق مطالبهم عن طريق الاضراب او الاعتصام وتعطيل العمل، ويجري خلال تلك الفترة مشاورات مكثفة للسلطة لكيفية التعامل مع تلك الاوضاع غير المستقرة، ولا نعلم ماذا ستقرر بالنسبة للمجلس والحكومة.
اما بالنسبة لمجلس الامة فان حسبة النواب للحصول على التأييد الكافي لطرح الثقة بالشيخ ناصر المحمد مرتبطة بسهل ممتنع الا وهو دعم التكتل الوطني بأعضائه الخمسة والذي عودنا على اللعب على جميع الحبال، ولا استبعد ان تعده الحكومة بالمزيد من المناصب المهمة تعويضا له عن الايداعات المليونية التي اغدقتها على زملائه من القبيضة، لذا فان هذا التكتل سيكون محور التنافس ما بين نواب المعارضة والحكومة وسترتفع اسهمه بشكل كبير.
أما سلاح المعارضة الذي تراهن عليه للفوز بالسباق فهو تجييش الشارع والزيادة في رفع الصوت ونخوة الناخبين لكي يضغطوا على نوابهم للوقوف معهم.
نحن لا نمانع من استخدام الادوات الدستورية لاسقاط الحكومة ولكن الا يحق لنا ان نتساءل ما هي الفائدة المرجوة من نقل هذا الصراع إلى الشارع وهل سيعود على الكويت بالخير ام ان المستفيدين من هذا الصراع اطراف اخرى خفية؟! وهل اصبح اسقاط رئيس الحكومة عنوانا لنجاح الثورة والوصول إلى الحكم الراشد؟! وهل لو سقط ناصر المحمد سنضمن اختيار من هو افضل منه ام ان المهم هو ذبح القرابين وهدم المعبد؟!
قد يقول قائل بان المعارضة قد جربت جميع الطرق للاصلاح ولكن ما من مجيب، فأقول: وكم من هؤلاء النواب او قادة الرأي جرب زيارة امير البلاد لشرح الوضع وحثه على التغيير للأفضل؟!
وكم من هؤلاء قد بحث في الطرق الدستورية وتفعيل القوانين التي تفرض الاصلاحات؟ ان ما يراه الطرف الآخر امامه هو غضب وانفعال وتهديد بالاستجواب على كل شيء وشتائم وهو ما يدفعه للرد بطرقه الشرعية الممكنة بل وغير الشرعية.
لو لم يكن لتلك الحرب تبعات على المجتمع وعلى استقرار البلد لقلنا: دعهم يتصارعون، ولكن الواقع هو انها اشبه بالحروب الميدانية التي تدمر نفسيات الناس ومعنوياتهم تثخن جراحاتهم وتسبب التنافر بينهم وتعطل قطار التنمية في البلد وتبدد الاموال، بل والاشد من كل ذلك هو انها تورث العداوات والبغضاء بينهم التي قد لا تلتئم مهما تغيرت الامور، والتي تسير بنا في نفق مظلم لا ندري ما هي نهايته!! لقد تكلم العلماء وشددوا على بيان اداب التعامل مع الحاكم وطاعة اولي الامر والتي يحفظها الجميع لا سيما نواب المعارضة، لكن عندما نأتي إلى الواقع نجد بانهم يدوسونها تحت أرجلهم، ويستبيحون في مهرجاناتهم الخطابية كل محظور ويشتمون الجميع ويسقطون هيبة الحكم ويأكلون لحم الجميع تحت مسمى الاصلاح، وكلما طلب منهم العقلاء التمهل والتبصر قالوا لهم: أنتم من ضمن المرتشين والقبيضة، أو قالوا لهم: أنتم من «فقهاء ذيل بغلة السلطان».
د. وائل الحساوي
wael_al_hasawi@hotmail.com
وقد جرى ذلك المثل على لسان جميع المتحمسين والثائرين على الاوضاع العامة والمحرضين للناس على الخروج على النظام العام.
من الامور المؤكدة اليوم ان الساحة السياسية ستشهد المزيد من التسخين من اجل الوصول إلى النتيجة النهائية التي تنشدها المعارضة وهي اسقاط رئيس الوزراء، فهنالك استجوابان على الاقل سيتم تقديمهما له وهنالك تجمعات وندوات واعتصامات سيقوم بها النواب من اجل الضغط في اتجاه اسقاط الشيخ ناصر المحمد، وهنالك تعهد من كتلة الاصلاح والتنمية بالاستقالة في حال لم يحقق الاستجواب المطلوب منه.
أما الأمر الآخر الذي سيسير بالتوازي مع التصعيد السياسي ضد الحكومة فهو ازدياد مطالبات النقابات والروابط للعاملين في الحكومة والضغط من اجل تحقيق مطالبهم عن طريق الاضراب او الاعتصام وتعطيل العمل، ويجري خلال تلك الفترة مشاورات مكثفة للسلطة لكيفية التعامل مع تلك الاوضاع غير المستقرة، ولا نعلم ماذا ستقرر بالنسبة للمجلس والحكومة.
اما بالنسبة لمجلس الامة فان حسبة النواب للحصول على التأييد الكافي لطرح الثقة بالشيخ ناصر المحمد مرتبطة بسهل ممتنع الا وهو دعم التكتل الوطني بأعضائه الخمسة والذي عودنا على اللعب على جميع الحبال، ولا استبعد ان تعده الحكومة بالمزيد من المناصب المهمة تعويضا له عن الايداعات المليونية التي اغدقتها على زملائه من القبيضة، لذا فان هذا التكتل سيكون محور التنافس ما بين نواب المعارضة والحكومة وسترتفع اسهمه بشكل كبير.
أما سلاح المعارضة الذي تراهن عليه للفوز بالسباق فهو تجييش الشارع والزيادة في رفع الصوت ونخوة الناخبين لكي يضغطوا على نوابهم للوقوف معهم.
نحن لا نمانع من استخدام الادوات الدستورية لاسقاط الحكومة ولكن الا يحق لنا ان نتساءل ما هي الفائدة المرجوة من نقل هذا الصراع إلى الشارع وهل سيعود على الكويت بالخير ام ان المستفيدين من هذا الصراع اطراف اخرى خفية؟! وهل اصبح اسقاط رئيس الحكومة عنوانا لنجاح الثورة والوصول إلى الحكم الراشد؟! وهل لو سقط ناصر المحمد سنضمن اختيار من هو افضل منه ام ان المهم هو ذبح القرابين وهدم المعبد؟!
قد يقول قائل بان المعارضة قد جربت جميع الطرق للاصلاح ولكن ما من مجيب، فأقول: وكم من هؤلاء النواب او قادة الرأي جرب زيارة امير البلاد لشرح الوضع وحثه على التغيير للأفضل؟!
وكم من هؤلاء قد بحث في الطرق الدستورية وتفعيل القوانين التي تفرض الاصلاحات؟ ان ما يراه الطرف الآخر امامه هو غضب وانفعال وتهديد بالاستجواب على كل شيء وشتائم وهو ما يدفعه للرد بطرقه الشرعية الممكنة بل وغير الشرعية.
لو لم يكن لتلك الحرب تبعات على المجتمع وعلى استقرار البلد لقلنا: دعهم يتصارعون، ولكن الواقع هو انها اشبه بالحروب الميدانية التي تدمر نفسيات الناس ومعنوياتهم تثخن جراحاتهم وتسبب التنافر بينهم وتعطل قطار التنمية في البلد وتبدد الاموال، بل والاشد من كل ذلك هو انها تورث العداوات والبغضاء بينهم التي قد لا تلتئم مهما تغيرت الامور، والتي تسير بنا في نفق مظلم لا ندري ما هي نهايته!! لقد تكلم العلماء وشددوا على بيان اداب التعامل مع الحاكم وطاعة اولي الامر والتي يحفظها الجميع لا سيما نواب المعارضة، لكن عندما نأتي إلى الواقع نجد بانهم يدوسونها تحت أرجلهم، ويستبيحون في مهرجاناتهم الخطابية كل محظور ويشتمون الجميع ويسقطون هيبة الحكم ويأكلون لحم الجميع تحت مسمى الاصلاح، وكلما طلب منهم العقلاء التمهل والتبصر قالوا لهم: أنتم من ضمن المرتشين والقبيضة، أو قالوا لهم: أنتم من «فقهاء ذيل بغلة السلطان».
د. وائل الحساوي
wael_al_hasawi@hotmail.com