سأل أحدهم ابن عباس رضي الله عنهما: هل للقاتل توبة؟ فقال له: لا، واستدل بقوله تعالى «ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيماً»، وسأله آخر :هل للقاتل توبة؟ فقال: نعم، واستدل بقوله تعالى «إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثماً عظيماً».
وسبب اختلاف إجابة حبر الأمة وترجمان القرآن للسؤال نفسه يرجع إلى حال السائل والمستفتي، فقد قرأ في وجه السائل الأول أمارات وعلامات الغضب، وأنه مستعد لقتل أحدهم، أما السائل الثاني فقد علم من نظرته إليه أنه قد قتل شخصاً وانتهى، ويبدو الندم ظاهراً على محياه.
هكذا تدور الفتوى حسب حال المستفتي، فالقضية ليست حدية، وإنما فيها مراعاة للمصالح والمفاسد المترتبة على تلك الفتوى وذلك الرأي الفقهي، ولذا على أهل الفتوى مراعاة ظروف السائل والمستفتي، وكذلك معرفة الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي قبل الإدلاء برأيهم واجتهادهم.
الفضيحة المليونية إياها، وما صاحبها من زلزال على مستوى الاقتصاد الكويتي ممثلاً في البنوك والبنك المركزي، وما دار خلالها من أحاديث جانبية عن شبهات غسيل أموال هنا وهناك، حدا بالبنوك المحلية لتقديم بلاغات للنيابة بشأن حسابات بعض نواب البرلمان الكويتي حفاظاً على سمعتها محلياً وإقليمياً وعالمياً، ما أفقد الشارع الكويتي ثقته بالسلطة التشريعية والتنفيذية.
تلك الفضيحة المليونية كانت كالقشة التي قصمت ظهر البعير، فسرت إشاعات عن حل قريب لمجلس الأمة، تداولها الناس في الدواوين والمنتديات الإلكترونية، وظهرت خلالها فتوى لأحد المشايخ الفضلاء، الذين أجلهم كثيراً، تبين أن تلك الفضيحة المليونية قد تبرر على أنها (رشوة) أو (هدية)، حسب نية المعطي والآخذ، و(إنما الهدايا بالنيات)، فإن كانت رشوة فهي حرام قطعاً، أما الهدية فيجوز قبولها!
تلك الفتوى مع احترامي الشديد لمصدرها لم تراع الظروف السياسية التي تمر بها البلاد، ولا نية السائل والمستفتي، وكنت أتمنى ألا تصدر في هذا التوقيت بالذات، فأمثال أولئك النواب (القبيضة) ومن دفع لهم سيتشبثون بها ويعولون عليها فعلتهم، ويدعون جواز قبول تلك الهدايا المليونية بحجة (إنما الهدايا بالنيات).
لا أعتقد شخصياً أن هناك ما يثبت وجود شق جنائي في موضوع الفضيحة المليونية، ومن الصعب إثبات ذلك، ولكن يبقى الشق السياسي، والذي يعول عليه الكثير، وهنا يأتي دور الناخب عند حل مجلس الأمة ليقوم بدور القاضي السياسي، وينصب مشانقه السياسية في حق من تقبل تلك (الرشوة) بنية (الهدية).
د.عبداللطيف الصريخ
كاتب كويتي
Twitter : @Dralsuraikh
وسبب اختلاف إجابة حبر الأمة وترجمان القرآن للسؤال نفسه يرجع إلى حال السائل والمستفتي، فقد قرأ في وجه السائل الأول أمارات وعلامات الغضب، وأنه مستعد لقتل أحدهم، أما السائل الثاني فقد علم من نظرته إليه أنه قد قتل شخصاً وانتهى، ويبدو الندم ظاهراً على محياه.
هكذا تدور الفتوى حسب حال المستفتي، فالقضية ليست حدية، وإنما فيها مراعاة للمصالح والمفاسد المترتبة على تلك الفتوى وذلك الرأي الفقهي، ولذا على أهل الفتوى مراعاة ظروف السائل والمستفتي، وكذلك معرفة الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي قبل الإدلاء برأيهم واجتهادهم.
الفضيحة المليونية إياها، وما صاحبها من زلزال على مستوى الاقتصاد الكويتي ممثلاً في البنوك والبنك المركزي، وما دار خلالها من أحاديث جانبية عن شبهات غسيل أموال هنا وهناك، حدا بالبنوك المحلية لتقديم بلاغات للنيابة بشأن حسابات بعض نواب البرلمان الكويتي حفاظاً على سمعتها محلياً وإقليمياً وعالمياً، ما أفقد الشارع الكويتي ثقته بالسلطة التشريعية والتنفيذية.
تلك الفضيحة المليونية كانت كالقشة التي قصمت ظهر البعير، فسرت إشاعات عن حل قريب لمجلس الأمة، تداولها الناس في الدواوين والمنتديات الإلكترونية، وظهرت خلالها فتوى لأحد المشايخ الفضلاء، الذين أجلهم كثيراً، تبين أن تلك الفضيحة المليونية قد تبرر على أنها (رشوة) أو (هدية)، حسب نية المعطي والآخذ، و(إنما الهدايا بالنيات)، فإن كانت رشوة فهي حرام قطعاً، أما الهدية فيجوز قبولها!
تلك الفتوى مع احترامي الشديد لمصدرها لم تراع الظروف السياسية التي تمر بها البلاد، ولا نية السائل والمستفتي، وكنت أتمنى ألا تصدر في هذا التوقيت بالذات، فأمثال أولئك النواب (القبيضة) ومن دفع لهم سيتشبثون بها ويعولون عليها فعلتهم، ويدعون جواز قبول تلك الهدايا المليونية بحجة (إنما الهدايا بالنيات).
لا أعتقد شخصياً أن هناك ما يثبت وجود شق جنائي في موضوع الفضيحة المليونية، ومن الصعب إثبات ذلك، ولكن يبقى الشق السياسي، والذي يعول عليه الكثير، وهنا يأتي دور الناخب عند حل مجلس الأمة ليقوم بدور القاضي السياسي، وينصب مشانقه السياسية في حق من تقبل تلك (الرشوة) بنية (الهدية).
د.عبداللطيف الصريخ
كاتب كويتي
Twitter : @Dralsuraikh