| الدكتور عبدالرؤوف الكمالي * |
ما أجمل حياة الإنسان حين يكون لها معنى واضح، وهدف نبيل يقصده وينشده! وما أشقى حياة هي بخلاف ذلك! فإنما يشعر المرء بسعادة في دنياه، حين يحقق هدفه ومبتغاه، وبمدى** سموِّ الهدف الذي يحققه، تعلو سعادته وتزداد، فمَن كان يعالج الناس من أمراضهم مثلا، ويساعدهم في التداوي، فإنه يشعر بالراحة والسعادة، وكذلك من يعلم الناس ويدرسهم، ولا سيما إن رأى ثمرة ذلك في نجاح طلابه وتميزهم ونفعهم لمجتمعهم، وهكذا من يقضي حوائج الفقراء والمساكين والأيتام.
وأما الهدف الأسمى، والمقصد الأعلى، الذي تتحقق لصاحبه سعادة ليس بعدها سعادة، وراحة ليس بعدها راحة، فإنما هو في عبادة الله تعالى، والدعوة إلى دينه سبحانه، قال الله عز وجل: (ومَن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين).
إياك - أيها العاقل - أن يغرك الشيطان بوساوسه وإغراءاته؛ فقد حذَّرنا الله تعالى من الشيطان الذي أقسم بعزة الله جل جلاله على أن يغوي بني آدم أجمعين، ليكثر من شركائه في نار جهنم، قال تعالى: «إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير».
أول ما يخطر ببال الإنسان، أن يقوم بعبادة شرعية - ولا سيما النافلة منها - يبدأ الشيطان بتثبيطه، وإشعاره بالملل، وأن لا لذة فيما يريد أن يقوم به، وهذا ما يشعر به كثير من الناس حين يريدون أن يبدأوا - مثلا - بقراءة كتاب الله عز وجل، ولهذا أُمرنا بالاستعاذة عند ذلك، قال تعالى: «فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم. إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون، إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون».
أخي القارئ العزيز: اجعل لنفسك برنامجا إيمانيا عباديا مميزا، فبعد محافظتك على الفرائض - التي أهمها الصلوات الخمس في أوقاتها - حافظ على السنن والرواتب التي تتبع الفرائض إما قبلها وإما بعدها، وهي اثنتا عشرة ركعة: ركعتان قبل صلاة الفجر، وأربع ركعات قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد صلاة المغرب، وركعتان بعد العشاء. قال صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم اثنتي عشرة ركعة تطوعا غير فريضة، إلا بنى الله له بيتا في الجنة» رواه مسلم، وجاء تحديدها - كما ذكرته - في حديث آخر.
وإن زدت على هذه الاثنتي عشرة ركعة سُننا أخرى، فهو نور على نور، وهي: أربع بعد صلاة الظهر (بدلاً من ركعتين فقط)، وأربع قبل صلاة العصر، وركعتان قبل صلاة المغرب، وركعتان قبل صلاة العشاء، وتسمى هذه السنن عند العلماء بالسنن غير المؤكدة.
ثم لا تترك صلاة الوتر، وهي ركعة، ويبدأ وقتها من بعد صلاة العشاء إلى أذان الفجر الثاني.
وليكن لك ورد يومي من قراءة كتاب الله عز وجل، أقله جزء (والقرآن ثلاثون جزءا)، فتختم في الشهر الواحد ختمة واحدة على أقل تقدير، ولك بكل حرف منه عشر حسنات، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «اقرأوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه...» رواه مسلم.
وصلى الله على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

أستاذ الفقه في كلية التربية الأساسية