هل كُتب علينا أنه كلما عطست الولايات المتحدة الأميركية ان نُصاب بالزكام؟! لقد شاهدنا ملامح أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأميركية نهاية عام 2007 وكنا نتابعها من باب الفضول لكنها فجأة قد تحولت الى تسونامي مدمر اجتاح الأخضر واليابس في بورصات العالم ووصل الى ديارنا ليكشف هشاشة أوضاع قطاعنا الخاص.
بعد ثلاث سنوات عجاف تساقطت فيها مئات الشركات والمؤسسات المالية واعتقدنا بأننا قد تجاوزنا الأزمة إذا بنا نفاجأ بمناقشات الكونغرس الأميركي حول أزمة الدين التي زادت على 14 تريليون دولار، وبدأ العالم يتحدث عن فقاعة أخرى ستنفجر، وإذا ببورصتنا المسكينة تتشح بالأحمر وتهوي الى الأعماق، وعندما سألنا عن السبب قالوا لنا بأن هذا هو ثوب الحزن تلبسه حزنا على الديون الأميركية (للعلم فإن ميزانيتنا لهذا العام والتي لم يسبق لها مثيل تعادل 1.36 بالألف من الديون الأميركية) أي اننا ريشة في مهب الريح ونتأثر ولا نؤثر.
وليت الأمر قد اقتصر على الاقتصاد الأميركي المريض ولكن كما يقول الدكتور (جوزيف ستيغليتز) الحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد فإن «هناك قدرا كبيرا من المخاوف بشأن انتقال العدوى المالية بين أوروبا وأميركا، وفي النهاية لعب سوء الإدارة المالية الأميركية في أميركا دورا بالغ الأهمية في إحداث المشاكل الأوروبية» وقد شاهدنا كيف ساهم عجز اليونان في تدهور الاقتصاد الأوروبي وهكذا تنتقل العدوى بين تلك البلدان وتصلنا في النهاية، فماذا نحن فاعلون؟!
حتى الصين لم تسلم من الانفلونزا الأميركية حيث تملك الصين 1100 مليار دولار من قيمة السندات الأميركية، لذا فقد طالبت بوضع عملة احتياطية جديدة مستقرة وذات مصداقية كبديل للدولار لتعزيز مناعة الاقتصاد العالمي أمام الاختلالات النقدية والمالية الأميركية، وأكدت على انها عازمة على الحد من اعتمادها مستقبلا على الدولار الأميركي وهو ما حذر منه الجنرال الفرنسي ديغول عام 1971 الذي استنكر ان تعيش الولايات المتحدة عالة على العالم بطبع نقود لا تملك واشنطن ما يقابلها من ذهب.
لقد كانت خطوة موفقة من البنك المركزي الكويتي قبل أعوام عندما فك ارتباط الدينار الكويتي بالدولار واعتمد سلة من العملات بدلا منه، ولكن ذلك لا يكفي بل لابد من تدابير أخرى حتى لا نجد أنفسنا في مهب الريح مرة أخرى، ولعل أهمها هو تنويع مصادر استثمار احتياطينا وعدم التركيز على السوق الأميركي الذي يتفنن في تبديد ملياراتنا على مغامرات العم سام لاسيما حروبها الفاشلة التي لا تتوقف، وقد فقدت الصناديق السيادية الكويتية ما يقارب 30 في المئة من قيمتها بسبب ارتباطها بالدولار، كما ان اعتماد أسعار النفط على الدولار يجعل موردنا الوحيد دائم التذبذب.
أنا هنا لا أعطي حلولا وإنما أنبه أصحاب القرار الى ان الواجب هو التحرك السريع لاستعادة استقرار أسواقنا المالية ومتانة اقتصادنا لا أن نبقى رهينة في أيدي الآخرين لاسيما وأن روح المغامرة هي السائدة في هذا العالم الوردي!!


د. وائل الحساوي
wael_al_hasawi@hotmail.com