تعجب كل العجب من صانعي السياسة الخارجية في إيران، حائكي السجاد ذات النفس الطويل الذي لا يتوقف أبداً حتى الانتهاء من السجادة المحاكة. هؤلاء الصناع ينسجون خطوط الخطوات السياسية لمنفذي السياسة الخارجية، خصوصاً اتجاه العراق، وعلى رأسهم الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد تتميز، إن صحت هذه الكلمة، هذه الخطوات بجرأة وتناقض غريب وغير مفهوم لدى العرب.فبما يفسر حائكو السجاد للعرب الصراع المرير مع السياسة الأميركية في المنطقة والتصريحات والمظاهرات المستمرة ضد الوجود الأميركي في الخليج والمنطقة ودعوتها القوية لإنهاء أشكال هذا الوجود كافة، وفي الوقت نفسه يتم عقد محادثات مع الجانب الأميركي لا في طهران ولا في واشنطن أو في مكان أخر، بل في بغداد وهنا الشارع العربي يتساءل: لماذا بغداد الواقعة تحت الاحتلال الأميركي؟ ثم تأتي زيارة أحمدي نجاد لبغداد وهنا أيضاً يتساءل الشارع العربي: لماذا بغداد؟ ألا يعلم الساسة الإيرانيون أن هذه الزيارة تحت ظل الحماية الأميركية؟ قد يقدم الإيرانيون تفسيرات لهذه الخطوة لكن الشيء المؤكد أن هذه الخطوة استفزت الشارع العربي أيما استفزاز وأثارت الحس القومي لديه، وهو ما يجب أن ينتبه له حائكو السجاد. الأمة العربية والإسلامية لا ترى إلا أن هذه السياسات الإيرانية لا تخدم مستقبل الشعب العراقي المسلوب الحرية والسيادة والاستقلال، وأنها اعتراف واقعي بالمشروع الأميركي في العراق، بغض النظر عما يصرح به رسمياً، فمشكلة حائكي السجاد هؤلاء أنهم لا ينظرون إلى ما هو أبعد من محيط السجادة التي يحيكونها. فإذا كان حائكو السجاد يؤمنون ببقاء الأمة الإيرانية وذهاب أنواع الوجود الأجنبي كافة الذي مر على المنطقة كالوجود البرتغالي والبريطاني والسوفياتي وسيذهب من بعدهم الأميركي ألا يعلمون أيضاً أن الأمة العربية باقية أيضاً كبقائهم وبقاء الأمم الأخرى؟ هذه بدهية يجب ألا تغيب عن حائكي السجاد وليتعاملوا بشفافية واضحة وغير متناقضة مع قضايا الأمة الإسلامية،فمصلحتهم الاستراتيجية الكبرى تكمن في التواصل الإيجابي مع العرب كمكون رئيسي من مكونات الأمة الإسلامية ومراعاة حسهم القومي وعدم استثارته للمحافظة على وحدة الأمة الإسلامية، وعدم شقها بسياسات هوجاء متناقضة لا تخدم إلا الاستعمار الأجنبي، فالبقاء للشعوب والأيام دول ودوام الحال من المحال.
سيف الهاجريكاتب وناشط سياسي كويتيbinrashdan@yahoo.com