كان لا بد من الصراحة والشجاعة والامانة من جانبنا ومن الجانب الاخر، نرجو ان يقابل ذلك بالقبول والفهم والتقدير بان ذلك يأتي من منطلق واحد، وهو الحرص على مصلحة الوطن، وبيننا قاسم واحد وهو حب هذا الوطن على ان يجمعنا ايضا ادب الاختلاف والتناصح.ولذلك قررنا بلا تردد او مواربة ان هناك من عدل الدستور بالواقع او عطلة قبل ان يعدل او يعطل قانونا ورسميا...وجاء ذلك بمناسبة اللغط السياسي الكبير الذي يثور من وقت لاخر ويتزايد مع بداية الموسم مع كل انعقاد لمجلس الامة.وفي اجواء ساخنة كهذه التي تمر بنا، الا يجدر بالناس والضالعين في السياسة ان يعلموا حقيقة امرهم وصحة ما يجري حولهم؟ واذا كنا تعرضنا في موضع سابق إلى قانون المحكمة الدستورية ورأي من آراء الفقهاء الدستوريين فيه. للدلالة على ما نذهب اليه من تعديل واقعي فعلي للدستور، فاليوم نتابع في عرض المادة الدستورية التي وضعت لانشاء مجلس للدولة مع بداية وضع الدستور اي عام 1962 قبل 45 عاما، إذ تنص المادة: «يجوز بقانون انشاء مجلس دولة يختص بوظائف القضاء الاداري والافتاء والصياغة المنصوص عليها في المادتين السابقتين».وكان الغرض منها ان تقوم الدولة على اركان متكاملة وانها ولا شك تكون بحاجة اليه مع مرور الايام والا لن تكون دولة مكتملة.واذا كان الدستور قد تركها للمشرع العادي اي مجالس الامة المتعاقبة فكم مجلسا مر بنا وكم انتخابات اجريت، وكم حكومة شكلت ولم يقم احد من اولئك بتقديم هذا المشرع او هذا القانون رغم ما نص عليه الدستور.فهل ذلك لعدم حاجة رغم مرور هذا الزمان كله واتساع الدولة واعمالها وازدياد شعبها وتوسع حاجاته وتضاعف عدد الموظفين والعاملين بالدولة اصبح الناس يشكون من سوء الادارة وعدم التزام القانون؟اشتكى المسؤولون كبيرهم وصغيرهم مما يسمى بالفساد واصبح لدينا حكومات ووزراء او رؤساء وزراء يتصفون بالاصلاحيين ويركن عليهم الشعب ويعول عليهم الناس في تدارك هذا الفساد واصلاح ما يمكن اصلاحه.فكيف يكون ذلك ونحن لدينا مثل هذه المادة في الدستور، وكأنها غير موجودة، اما إذا قيل ان المشرع اوجد محكمة ادارية، فهذا لا يكفي ولا يحقق المطلوب، وليس هو ما عناه المشرع الدستوري، مدركين ان اعمال واختصاص مجلس الدولة المطلوب اكبر بكثير وارقى واسمى من النطاق الضيق المحدود، والذي وضعت فيه المحكمة الادارية وان كانت ملاذا للشاكين والمتضررين من اعمال الدولة والمتعاقدين معها، وقد تجلى ذلك في قضايا واحكام كثيرة الا انها ليست المعنية بالنص الدستوري.ويؤكد وجودها او عدمه ان المادة 171 من الدستور حقيقة معطلة، وتكاد تكون ملغية حتى الان، وهذا بحد ذاته تعديل للدستور وارادة المشرع الدستوري، واوضاع يستفيد منها المسؤولون في السلطة واصحاب القرار بالدولة بلا رقيب او حسيب. وبالنهاية نكون امام دستور معدل من حيث يدري احد الناس او لا يدري...
مبارك المطوع
محام كويتي وامين اللجنة الاسلامية العالمية لحقوق الانسان