خرج من تقاطع فرعي الى الشارع العامر مسرعا، وكاد يصطدم بالسيارة الآتية التي فوجئ قائدها بهذا الصاروخ المندفع الذي انطلق أمامه، فما كان من سائق السيارة إلا ان استخدم آلة التنبيه (الهرن)، لكن قائد السيارة المخالفة اعتبرها إهانة له فأشار بإشارة قذرة وبدأ «بالتحلطم».
ظاهرة العنف الاجتماعي قد تحولت الى ظاهرة منتشرة في مجتمعنا الى درجة غير مسبوقة، في شوارعنا التي أصبح كسر القانون هو الاساس فيها، وفي الوزارات التي أصبح الموظفون يتعرضون فيها للاهانات من المراجعين طوال اليوم، وفي المستشفيات التي وصل الامر فيها مرارا الى ضرب الاطباء واهانتهم، الى المدارس التي يتفنن الطلبة فيها في اهانة المدرسين وفي انشاء المعارك الضارية بينهم، أما الرياضة والروح الرياضية فقد تحولت الى ساحات للقتال الضاري ولا يقتصر ذلك العنف الاجتماعي على عامة الشعب لكنه صعد الى علية القوم، فالتجار يتصارعون على الصفقات واستحواذ الشركات وينشرون خلافاتهم على صفحات الجرائد، والمسؤولون الحكوميون يتصارعون على المناصب وعلى فرض النفوذ، والنقابات تتصارع مع بعضها البعض ومع المسؤولين، ونواب مجلس الامة يتصارعون مع أنفسهم إذا لم يجدوا من يتصارعون معه، وهكذا.
أما وسائل الاعلام التي شبت عن طوقها واصبحت البعبع الذي يخيف أكبر الرؤوس وتحرك الامور في البلد من خلال مدح من تريد وذم من تريد دون ضوابط أو معايير، ويا ويل أم من يتحدى ذلك الحاكم الجديد أو ينتقده، فهو سيجد نفسه ببساطة عدوا للشعب وخائنا ومرتشيا، وقد شهدنا ولادة عديد من الصحف اليومية والقنوات التي اصبح اكثرها أبواقا لدول أو أحزاب أو طوائف، وزادت معها جرعة العنف اللفظي والجرأة علي الثوابت وتمزيق الآخر عن طريق التحريض والاستهزاء والاتهام بالشبهات دون أدلة.
من أول وأخطر نتائج ذلك المد المتصاعد من العنف في الكويت هو تخويف كل من يتصدى للشأن العام سواء أكان وزيرا أو موظفا كبيرا أو مديرا، فهو عرضة للنقد غير الموضوعي والاتهام غير المبرر بل وتشويه السمعة ولاسيما إذا تصدى لمافيا الفساد، لذلك وجدنا كثيرا من الكفاءات ينسحب من ميدان القيادة ويترك المجال لمن هم أقل منهم اخلاصا وكفاءة، ولسان حالهم يقول: «لماذا أخرج بالشينة وغيري يخرج بطلا؟!».
إن المسألة ليست تطبيق قوانين وتنظيم عمل فقط، بل هي مسألة اخلاقية، فهنالك من يعمل على تدمير أخلاق المجتمع بجميع الوسائل لكي يسيطر عليه ويسخّره لخدمته، وهنالك من يتلذذ بإفساد أخلاق الناس وفي تنفيرهم من الخير ومن أهل الصلاح - وهو أمر مُشاهد - ومن الناس من يعمل بأجندات خارجية لتدمير المجتمع وهكذا إن الحل يكمن في أن نضع نصب أعيننا وجهدنا ترسيخ القيم الاخلاقية في المجتمع وتوجيه النشء لكي لا ينحرفوا، وان نربيهم على الفضائل والقيم العالية، وبموازاة ذلك لابد من صياغة مناهج التربية والتعليم بحيث تخرّج لنا الانسان الصالح الذي يراقب الله تعالى في جميع اعماله وسكناته.
د. وائل الحساوي
wael_al_hasawi@hotmail.com
ظاهرة العنف الاجتماعي قد تحولت الى ظاهرة منتشرة في مجتمعنا الى درجة غير مسبوقة، في شوارعنا التي أصبح كسر القانون هو الاساس فيها، وفي الوزارات التي أصبح الموظفون يتعرضون فيها للاهانات من المراجعين طوال اليوم، وفي المستشفيات التي وصل الامر فيها مرارا الى ضرب الاطباء واهانتهم، الى المدارس التي يتفنن الطلبة فيها في اهانة المدرسين وفي انشاء المعارك الضارية بينهم، أما الرياضة والروح الرياضية فقد تحولت الى ساحات للقتال الضاري ولا يقتصر ذلك العنف الاجتماعي على عامة الشعب لكنه صعد الى علية القوم، فالتجار يتصارعون على الصفقات واستحواذ الشركات وينشرون خلافاتهم على صفحات الجرائد، والمسؤولون الحكوميون يتصارعون على المناصب وعلى فرض النفوذ، والنقابات تتصارع مع بعضها البعض ومع المسؤولين، ونواب مجلس الامة يتصارعون مع أنفسهم إذا لم يجدوا من يتصارعون معه، وهكذا.
أما وسائل الاعلام التي شبت عن طوقها واصبحت البعبع الذي يخيف أكبر الرؤوس وتحرك الامور في البلد من خلال مدح من تريد وذم من تريد دون ضوابط أو معايير، ويا ويل أم من يتحدى ذلك الحاكم الجديد أو ينتقده، فهو سيجد نفسه ببساطة عدوا للشعب وخائنا ومرتشيا، وقد شهدنا ولادة عديد من الصحف اليومية والقنوات التي اصبح اكثرها أبواقا لدول أو أحزاب أو طوائف، وزادت معها جرعة العنف اللفظي والجرأة علي الثوابت وتمزيق الآخر عن طريق التحريض والاستهزاء والاتهام بالشبهات دون أدلة.
من أول وأخطر نتائج ذلك المد المتصاعد من العنف في الكويت هو تخويف كل من يتصدى للشأن العام سواء أكان وزيرا أو موظفا كبيرا أو مديرا، فهو عرضة للنقد غير الموضوعي والاتهام غير المبرر بل وتشويه السمعة ولاسيما إذا تصدى لمافيا الفساد، لذلك وجدنا كثيرا من الكفاءات ينسحب من ميدان القيادة ويترك المجال لمن هم أقل منهم اخلاصا وكفاءة، ولسان حالهم يقول: «لماذا أخرج بالشينة وغيري يخرج بطلا؟!».
إن المسألة ليست تطبيق قوانين وتنظيم عمل فقط، بل هي مسألة اخلاقية، فهنالك من يعمل على تدمير أخلاق المجتمع بجميع الوسائل لكي يسيطر عليه ويسخّره لخدمته، وهنالك من يتلذذ بإفساد أخلاق الناس وفي تنفيرهم من الخير ومن أهل الصلاح - وهو أمر مُشاهد - ومن الناس من يعمل بأجندات خارجية لتدمير المجتمع وهكذا إن الحل يكمن في أن نضع نصب أعيننا وجهدنا ترسيخ القيم الاخلاقية في المجتمع وتوجيه النشء لكي لا ينحرفوا، وان نربيهم على الفضائل والقيم العالية، وبموازاة ذلك لابد من صياغة مناهج التربية والتعليم بحيث تخرّج لنا الانسان الصالح الذي يراقب الله تعالى في جميع اعماله وسكناته.
د. وائل الحساوي
wael_al_hasawi@hotmail.com