ليس أصعب على الانسان من ان يمر يوميا على عمال يشتغلون وسط حرارة شمس ملتهبة لأكثر من عشر ساعات يوميا في ظل ظروف قاسية، فليس هنالك ما يغطي رؤوسهم ولا يحمي أجسامهم، وتراهم يطفئون لهيب الشمس المخترقة لأجسادهم بعشرات الليترات من الماء الذي يشربونه او يسكبونه على رؤوسهم.
وليت أعمالهم كانت سهلة ميسرة، ولكنها من أصعب الاعمال في تكسير الصخور ونقل الرمل وحفر المجاري والبنيان وغيرها.
بالنسبة لهم فقد تعودوا على هذا الامر وأصبح جزءا من حياتهم، كما انه العمل الوحيد المتوافر لهم بعدما تغربوا عن بلدانهم آلاف الكيلومترات ليكسبوا لقمة العيش لعائلاتهم، لكن ماذا عنا نحن البشر الذين نرى أمامنا حلقات التعذيب اليومي دون ان نحرك ساكنا؟! قد يقول قائل ان هذا هو عقد العمل الذي وافقوا عليه مع أرباب العمل، وآخر يقول: لا تخربوهم علينا، خلوهم ساكتين وراضين باللي نشغّلهم!!
المشكلة هي اننا وضعنا قوانين للعمل وقلنا لجماعة حقوق الانسان اننا محترمون ولا نرضى بالظلم، وكلما نشرت منظمات حقوق الانسان بيانا عن تجارة البشر في الكويت، تنادى لها أقطاب الحكومة للدفاع عن السجل الكويتي الناصع لحقوق الانسان!!
على سبيل المثال فإن هنالك قانونا يمنع العمال من العمل في أماكن مكشوفة اذا زادت الحرارة على 50 درجة مئوية، ولكن كم هي المرات التي نشاهد أولئك العمال يعملون في أماكن مكشوفة تحت درجات حرارة اكثر من تلك الدرجة؟!
هذه واحدة، اما الثانية فهي التساؤل عن سبب تحديد 50 درجة وكأنما درجات الحرارة الأقل لا مشكلة فيها، وهل يستطيع أحدنا الوقوف - فقط - في الشمس تحت درجة حرارة 45 أو 40 درجة؟!
أما الثالثة فهي التساؤل عن سبب عدم تخصيص أوقات المساء للعمل وهو لا يكلف شيئا اكثر من إنارة أماكن العمل أو وضع المظلات الواقية الموقتة او التبريد الصناعي للمكان؟!
ان الانسان العامل لا يعني في قواميسنا اكثر من كونه اداة لتأدية العمل مثله مثل الآلات والاجهزة، وكثّر خيرنا ان عطفنا عليه وشغلناه!!
لقد شاهدنا كيف بادرت بعض الدول لمنع استقدام الخادمات الى الكويت بسبب سوء المعاملة لهن من كثير من المواطنين ما أوقعنا في حيرة واضطراب، فلماذا لا نبادر الى تحسين مستوى معيشة الخدم والعمال ونعطيهم حقوقهم من باب الواجب الديني قبل ان يكون من باب القوانين؟! وأين ذهب قانون إلغاء الكفيل الذي وعد به وزير الشؤون قبل اكثر من سنتين، وقد طبقته بعض دول الخليج؟! ولماذا لا نضع حدا أدنى للأجور وساعات محددة للعمل اذا كنا جادين في تحسين مستوى العمالة؟! وماذا عن الجهات التي تحرم العمال أجورهم؟
هذه كلها أسئلة تحتاج الى أجوبة، ولا أدري ان كانت الحكومة او عامة الشعب يستطيع الاجابة عنها!!


د. وائل الحساوي
wael_al_hasawi@hotmail.com