من الانجازات المهمة للدكتورة موضي الحمود خلال فترة توزيرها هو وضع الضوابط الكافية للقضاء على ظاهرة دكاكين التعليم العالي التي وصلت الى مرحلة وبائية خطيرة من حجم انتشارها ودرجة تدميرها للتعليم، فقد قامت الوزيرة بتشكيل لجنة لاعتماد الجامعات التي يسجل فيها الطلبة الكويتيون في معظم بلدان العالم، وتشكل هذه اللجنة وفودا يجوبون البلدان المختلفة لزيارة تلك الجامعات وتقييمها على الواقع، وعلى اساس هذا التقييم تقوم وزارة التعليم العالي باعتماد القبول والشهادات لكل طالب ينوي الدراسة في تلك الجامعات.
وقد اكتشفت الوفود الزائرة بلاوي كثيرة لتلك الجامعات، فبعضها لا يتعدى كونه غرفة صغيرة لتسجيل الطالب ثم اعطائه الشهادة وبعضها يخصص فصولا خاصة للطلبة الكويتيين تتساهل في تقييمها لهم ومنحهم الشهادات وبعضها لا تعترف بها حتى دولتها التي تنتمي اليها، وبالفعل فقد صدرت قرارات وزارية كثيرة تحظر الدراسة في كثير من الجامعات وتطالب بعض الدارسين بالانتقال الى جامعات اخرى، وثارت ثائرة الكثيرين الذين درسوا في تلك الجامعات او سجلوا للدراسة ورفع بعضهم القضايا في المحاكم، ولكن كان لابد من دفع ذلك الثمن من اجل محو آثار ذلك التزوير المتعمد لأهم ما يملكه البلد ألا وهو التعليم.
ومن خلال مشاركتي في لجنة معادلة الشهادات في التعليم العالي تمر علينا اسماء عشرات الجامعات في كل اجتماع يطلب فيها الطلبة اعتماد القبول او معادلة شهاداتهم من جامعات يدرسون فيها، وتقوم اللجنة بالتدقيق في كل جامعة من خلال ما وضعته لجنة الاعتماد او من خلال المكاتب الثقافية لتصل الى القرار المناسب دون تشديد او تفريط.
انقل عن الأخ الفاضل احمد المليفي وزير التربية وزير التعليم العالي من انه وعد المتضررين من الجامعات غير المعتمدة من التعليم العالي بإعادة النظر في تقييم شهاداتهم، هذا الكلام ارجو ألا يفهم منه تغيير قواعد الاعتماد الاكاديمي للجامعات او التساهل في القبول وإليكم الأسباب:
أولاً: لا توجد هنالك قاعدة واحدة لتقييم الجامعات لكي نتساهل فيها او نخفف القيود فيها ولكنها عملية تقييم مستمرة تهدف الى تصحيح أوضاع خاطئة ظلت عشرات السنوات، وقد تحصل بعض الاخطاء ولكن ذلك لا يلغي صحة المنهج.
ثانياً: لئن كانت معايير التقييم لا تنطبق على عشرات الجامعات على مستوى العالم لكن لا ننسى ان هنالك المئات من الجامعات الاخرى المتميزة التي تفتح أبوابها للراغبين في الدراسة، فلماذا لا نوجه طلبتنا لنهل العلم المفيد منها بدلا من تلك الجامعات المزورة؟!
ولنفترض بأن احدنا أراد ان يبني بيته او يعالج ابنه، فهل نرضى بأن نستعين بخريجي تلك الجامعات؟! واذا كان الجواب بالنفي فكيف نرضى لمجتمعنا بأن يسوده مثل هؤلاء الخريجين ويقودون دفته؟! بل اين غيرتنا على ابنائنا والتي تتطلب توفير افضل التعليم لهم وتحصينهم من المزورين؟!
ثالثا: وزارة التعليم العالي لا ترفض شهادة طالب التحق بجامعة بعد ان حصل على اعتماد القبول من الوزارة او الملحق الثقافي في الدولة التي يدرس فيها حتى وإن سحبت الوزارة اعتمادها لها، ولكن غالبية الحالات المرفوضة هي لطلبة اتجهوا لتلك الجامعات دون التنسيق مع الوزارة، ومن غير المعقول تصحيح أوضاع هؤلاء بعد ان غامروا بالدراسة على مسؤولياتهم.
رابعاً: أحسن تصحيح لذلك المسار المنحرف يستطيع الوزير عمله هو الإسراع في فتح المجال للدراسة في الكويت عن طريق تأسيس جامعات ومعاهد تستوعب آلاف الطلاب والطالبات الذين يجوبون جميع أصقاع الارض للحصول على الشهادات التي تستطيع دولتهم توفيرها بسهولة لهم.


د. وائل الحساوي
wael_al_hasawi@hotmail.com