في هذا البلد لا أعلم في الحقيقة ماذا تريد الحكومة من الشعب، أو بالأحرى لماذا الحكومة حاطة دوبها ودوب الشعب! أسعار السلع والبضائع ترتفع حرارتها يوماً بعد يوم وتلسع الشعب بلا رحمة، والحكومة تتفرج وكأن الشعب لا يعنيها! نواب مجلس الأمة يقدمون مقترح زيادة والحكومة ترفض هذا المقترح، الأيدي العاملة من الشعب تطالب بكوادر مالية مجزية نظير ما تقدمه من أعمال متعبة والحكومة تكنسل هذه الكوادر وتوعد الشعب بزيادة مالية، وبعد انتظار وترقب وتكهنات وقصص كثيرة عن البنك الدولي وتصريحات برلمانية سرمدية أعطونا 120 ديناراً وقالوا تبون ولا بكيفكم!الحكومة في إحد صباحاتها المشرقة، أخذت تتثاءب وتتمغط، ثم التفتت يميناً والتفتت شمالاً، فلم تجد لها شيئاً جديداً يعيّشها مع الشعب في دراما سرمدية وصخب أحداث إلا سالفة إزالة الدواوين! وحجة الحكومة الوحيدة التي تتمسك بها ضد هذه الدواوين أنها تعدٍ على أملاك الدولة، سبحان الله! تعدٍ على أملاك الدولة يا حكومة؟ إذاً كان الأولى أن تلتفتوا في ذلك الصباح المشرق الباسم إلى التعديات الكبيرة على أملاك الدولة في منطقة الشويخ الصناعية، أم أن ملف التعديات في الشويخ الصناعية باب من يفتحه يصبح في غمضة عين شذر مذر أو أن الشويخ الصناعية ليست من ضمن أملاك الدولة يا حكومة؟قديماً قالوا ومازالوا يقولون: «المجالس مدارس»، أي أن مجالس الرجال في السابق واليوم هي المدرسة الشعبية التي تتعلم منها الأجيال ويتعلم منها الفرد كيف تكون الرجولة الحقة، وكيف يتحلى المرء بأجمل الطباع والأخلاق النبيلة، وكيف يكتسب الفرد أفضل الخبرات الاجتماعية، وكيف يُثري موسوعته العلمية الشخصية بالكثير من حكايات الشرف والكرم والعفة والنخوة وتقوى الله والصدق وكل أمر يرفع الرأس عالياً. حكومتنا لا تريد مدارس لأنها لا تريد دواوين! فهل سألت حكومتنا نفسها أين سيذهب الكثيرون من رجال الكويت كهولاً وشباباً وناشئة عندما يتم تنفيذ إزالة تلك الدواوين؟ هل تريدهم أن يجلسوا في مجالس الحريم ليلاً ونهاراً، أم أنها تريدهم أن يتسكعوا في الأسواق والسكك والحدائق مثل أولئك الذين يعيشون في شتات وضياع؟ حكومتنا الرشيدة، نرجوكم ونناشدكم أن تعيدوا النظر مرة ومرتين وثلاث ومليون في أمر إزالة الدواوين، لأن خلف هذه الدواوين تاريخ طويل من الشموخ والفخر والطِيب، وفنجال واحد في ديوانية من هالدواوين مع سالفة طيبة يعدل مليون سوق ومليون شارع ومليون حديقة.

حسين الراوي

alrawie1@hotmail.com