لو أردنا القياس بمسطرة المحقق في وزارة الداخلية لما حدث في مجلس الأمة يوم الأسبوع الماضي فان نتيجة التحقيق واضحة وهي تعمد نائب استفزاز زملائه وشتمهم في كل مناسبة واستخدام عصاه لتهديدهم إلى أن استطاع دفع مجموعة منهم الى انفلات أعصابهم والتوجه إليه لضربه.
وفي تصوري بان ذلك لم يأت مصادفة ولكنه أمر مدبر كما كان أحد «الجهلة» يفعل سابقا لاستفزاز نواب الشعب لكي يبادروا إلى ضربه وبالتالي يحقق أهدافه في إسقاط هيبة هؤلاء وتصويرهم بصورة المتشنجين الغاضبين المتعصبين.
وبحسب هذا الجانب من المشهد فإن استجابة بعض النواب لهذا الاستفزاز والانسياق الى ايقاف ذلك النائب بالقوة هو خطأ لا يقل قسوة عن الخطأ الأول.
أما إذا انتقلنا من مسطرة المحقق لبحث الاسباب الحقيقية لما حدث فان الجواب هو الشحن المتواصل على جميع المستويات في المجتمع وامتلاء النفوس بمشاعر الكراهية التي حولت الى برميل للبارود المتفجر الذي ينتظر شرارة واحدة للانفجار:
> عندما تتوجه مجموعة من الاطفال او الشباب اليافع الى مدرسة او مسجد ليكتبوا عليها عبارات مشينة بحق غالبية افراد المجتمع دون النظر الى تأثير اعمالهم على نسيج المجتمع أو حتى عليهم فان ذلك لم يكن ليتم لولا الشحن المتواصل من جهات لهؤلاء الشباب وغسل عقولهم بالأفكار المنحرفة.
> وعندما يتعارك شباب في المسجد مع إمام المسجد لرفضه الصلاة على من يعتبره غالبية المصلين قد انحرف عن جادة الحق وجاء بأعمال جرّت الخزي والعار على الأمة الإسلامية فإن ذلك لم يأت من فراغ وإنما من شحن متواصل لتمجيد شخصيات كان يجب التنفير منها.
> وعندما يتشدق نواب ومشايخ للدين بأشخاص ارتكبوا جرائم بحق وطنهم وشيوخهم وزعزعوا امن البلاد ويعتبرونهم وطنيين او يؤبنونهم فان ذلك يدل على انحراف حقيقي لمفهوم الوطنية وعندما تتفنن فضائيات وصحف بالشتم المتواصل والاستهزاء من شخصيات لها اعتبارها في المجتمع فان هذا انحراف والامثلة اكثر من ان تعد وتحصى.
لا يوجد مجتمع مسلم اليوم ليس فيه تعدد مذهبي او طائفي، والواجب هو ايجاد صيغة للتعايش بين افراده ونبذ الافكار التي تعمل على استئصال فئة من المجتمع وتسعى من اجل ذلك، حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي اقام دولة الاسلام في المدينة المنورة لم يسع لاستئصال اليهود والنصارى منها، بل وقّع معهم وثيقة تبين الحقوق والواجبات لجميع الاطراف وأسس التعايش السلمي بينهم والتعاون من اجل مصلحة الجميع في تحقيق الامن والاستقرار.
وفي الكويت كان التعايش بين الطوائف المختلفة سمة للمجتمع الكويتي الى ان دخلت علينا الافكار الاستئصالية من الخارج وزينت لفئات متحمسة من الشباب المتأثر بالافكار المنحرفة بان استئصال المخالفين هو الطريقة الوحيدة للعيش في ذلك المجتمع.
وقد ساهم عاملان مهمان في تنامي تلك الظاهرة وانتشارها الأول: هو تراخي المسؤولين وغضهم الطرف عن تلك الممارسات الشاذة واحيانا تشجيعها لتحقيق مصالح شخصية من ورائها.
الثاني: الدور السيئ لبعض السياسيين في تأجيج الاوضاع من اجل تحقيق مكاسب سياسية رخيصة على حساب المجتمع، لقد استمتعنا بالاصطفاف والتفرج والتشجيع لذلك التراشق اللفظي الى ان تحول الى تراشق جسدي، ومن يدري فقد يتحول الى اجساد مفخخة ما لم يتدخل العقلاء لوأده في مهده.
جراحات السنان لها التئام
ولا يلتئم ما اجترح اللسان
د. وائل الحساوي
wael_al_hasawi@hotmail.com
وفي تصوري بان ذلك لم يأت مصادفة ولكنه أمر مدبر كما كان أحد «الجهلة» يفعل سابقا لاستفزاز نواب الشعب لكي يبادروا إلى ضربه وبالتالي يحقق أهدافه في إسقاط هيبة هؤلاء وتصويرهم بصورة المتشنجين الغاضبين المتعصبين.
وبحسب هذا الجانب من المشهد فإن استجابة بعض النواب لهذا الاستفزاز والانسياق الى ايقاف ذلك النائب بالقوة هو خطأ لا يقل قسوة عن الخطأ الأول.
أما إذا انتقلنا من مسطرة المحقق لبحث الاسباب الحقيقية لما حدث فان الجواب هو الشحن المتواصل على جميع المستويات في المجتمع وامتلاء النفوس بمشاعر الكراهية التي حولت الى برميل للبارود المتفجر الذي ينتظر شرارة واحدة للانفجار:
> عندما تتوجه مجموعة من الاطفال او الشباب اليافع الى مدرسة او مسجد ليكتبوا عليها عبارات مشينة بحق غالبية افراد المجتمع دون النظر الى تأثير اعمالهم على نسيج المجتمع أو حتى عليهم فان ذلك لم يكن ليتم لولا الشحن المتواصل من جهات لهؤلاء الشباب وغسل عقولهم بالأفكار المنحرفة.
> وعندما يتعارك شباب في المسجد مع إمام المسجد لرفضه الصلاة على من يعتبره غالبية المصلين قد انحرف عن جادة الحق وجاء بأعمال جرّت الخزي والعار على الأمة الإسلامية فإن ذلك لم يأت من فراغ وإنما من شحن متواصل لتمجيد شخصيات كان يجب التنفير منها.
> وعندما يتشدق نواب ومشايخ للدين بأشخاص ارتكبوا جرائم بحق وطنهم وشيوخهم وزعزعوا امن البلاد ويعتبرونهم وطنيين او يؤبنونهم فان ذلك يدل على انحراف حقيقي لمفهوم الوطنية وعندما تتفنن فضائيات وصحف بالشتم المتواصل والاستهزاء من شخصيات لها اعتبارها في المجتمع فان هذا انحراف والامثلة اكثر من ان تعد وتحصى.
لا يوجد مجتمع مسلم اليوم ليس فيه تعدد مذهبي او طائفي، والواجب هو ايجاد صيغة للتعايش بين افراده ونبذ الافكار التي تعمل على استئصال فئة من المجتمع وتسعى من اجل ذلك، حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي اقام دولة الاسلام في المدينة المنورة لم يسع لاستئصال اليهود والنصارى منها، بل وقّع معهم وثيقة تبين الحقوق والواجبات لجميع الاطراف وأسس التعايش السلمي بينهم والتعاون من اجل مصلحة الجميع في تحقيق الامن والاستقرار.
وفي الكويت كان التعايش بين الطوائف المختلفة سمة للمجتمع الكويتي الى ان دخلت علينا الافكار الاستئصالية من الخارج وزينت لفئات متحمسة من الشباب المتأثر بالافكار المنحرفة بان استئصال المخالفين هو الطريقة الوحيدة للعيش في ذلك المجتمع.
وقد ساهم عاملان مهمان في تنامي تلك الظاهرة وانتشارها الأول: هو تراخي المسؤولين وغضهم الطرف عن تلك الممارسات الشاذة واحيانا تشجيعها لتحقيق مصالح شخصية من ورائها.
الثاني: الدور السيئ لبعض السياسيين في تأجيج الاوضاع من اجل تحقيق مكاسب سياسية رخيصة على حساب المجتمع، لقد استمتعنا بالاصطفاف والتفرج والتشجيع لذلك التراشق اللفظي الى ان تحول الى تراشق جسدي، ومن يدري فقد يتحول الى اجساد مفخخة ما لم يتدخل العقلاء لوأده في مهده.
جراحات السنان لها التئام
ولا يلتئم ما اجترح اللسان
د. وائل الحساوي
wael_al_hasawi@hotmail.com