من يقرأ عن اليابانيين ويتأمل أحوالهم لا يملك إلا أن يحترمهم ويقدرهم، وإذا أردت وصفهم فلا تدري من أين تبدأ وبأي شيء تنتهي... هل يتحدث المرء عن إتقانهم للأعمال، هل نشير لاحترامهم للأوقات، هل ندلل على تحملهم للمسؤولية، هل نذكر صور التزامهم بالنظام؟ إن الواحد منا عندما يتكلم عن اليابانيين، لا يملك إلا أن يقول إنهم قوم يتحلون بأخلاق الإسلام، وإن كان معظمهم لا يحملون عقيدته.
لقد أثار إعجابي ما تم تداوله عبر وسائل الإعلام والمواقع الالكترونية حول أخلاق اليابانيين بعد الزلزال الذي أصابهم، فمن حيث الهدوء لا ترى مظاهر للأسى أو النواح، فقد سموا على أحزانهم، والناس وقفوا في طوابير محترمة للماء والمشتريات فلا كلمة جافة ولا تصرف جارحا، اشترى الناس فقط ما يحتاجونه للحاضر حتى يستطيع الكل الحصول على شيء، وبرغم هول الزلزال إلا أن اليابانيين تصرفوا بكل نظام فلا فوضى في المحال، ولا تعطيل للطرق، الكبار والصغار الكل يعرف ما الذي ينبغي فعله.
وإن أردت الحديث عن التضحية فيكفي أن تعلم أن خمسين عاملاً ظلوا في المفاعل النووي يضخون ماء البحر فيه حتى لا ينفجر، فكيف يمكن أن يكافأوا؟ ويقال ان المطاعم خفضت أسعارها، وأجهزة الصرف الآلي تُركت في حالها واهتم القوي بالضعيف.
ومن أعجب ما ذكر أنه عندما انقطعت الكهرباء في المحال أعاد الناس ما بأيديهم إلى الرفوف و مشوا بهدوء. إنهم حقاً يستحقون أن يطلق عليهم جمهورية اليابان الإسلامية ولكن بعد أن يقولوا لا إله إلا الله.
وزراؤنا ووزراؤهم
وبمناسبة تشكيل الحكومة الجديدة، والتي، الله أعلم كم ستستمر، مع أن تشكيلتها توحي بقصر عمرها، أود تذكير معالي الوزراء المحترمين، بأن المناصب تكليف لا تشريف، وأن من وجد في نفسه عجزاً عن تولي أمانتها، فليبادر بتقديم استقالته قبل إقالته، وحتى تبرأ ذمته أمام الله تعالى.
وأقول... لا تجعلوا الوزراء اليابانيين أفضل منكم، فهذا وزير الخارجية الياباني يقدم استقالته بسبب قبوله لهدية من أجنبي مقدارها 450 يورو أي ما يعادل 200 دينار تقريباً فلما اعترض عليه قدم استقالته، وهذا وزير الزراعة يقدم استقالته بسبب استيراد أرز ملوث، فماذا نقول حول أزمة اللحوم والأغذية الفاسدة عندنا؟ ووزير العدل يقدم استقالته بسبب زلة لسان أخرت تنفيذ ميزانية إضافية، ولو أردنا أن نحصي زلات اللسان لبعض الوزراء لاحتجنا لمجلدات، ومن أغرب الاستقالات والتي نهديها لوزير التربية الجديد والذي طالب بتأجيل التصويت على إقرار كادر المعلمين لمدة شهر، هي استقالة وزير التربية الياباني والذي قدمها ليس بسبب تستر إحدى الإدارات المدرسية على جرائم أخلاقية مورست ضد المتعلمين، ولا لتدني مستوى التعليم وضعف مخرجاته، وإنما بسبب تصوير إحدى القنوات التلفزيونية لمجموعة من الطلبة في نهاية العام الدراسي وهم يمزقون الكتب، وعندما سألتهم المذيعة عن السبب كان الجواب: ألا يجب أن نعبر عن ابتهاجنا بانتهاء السنة الدراسية المملة؟
هذه الإجابة أثارت ضجة كبيرة عند اليابانيين، واعتبرها بعض الباحثين أنها علامة على بداية النهاية للأمة والحضارة اليابانية، فما كان من وزير التربية إلا أن طالب بعقد جلسة عاجلة للحكومة والبرلمان، وأثناء الجلسة أبرز ورقة كتب فيها طلب استقالته من منصبه، معلناً تحمله نتائج هذه الكارثة قائلاً: لا أستحق أن أكون وزيراً في بلد يمزق فيه الطلاب كتبهم ضاحكين، وينفرون من المدارس إلى الإجازات فرحين.
ونختم بوصية عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما وصلته بعض الشكاوى من الرعية على أحد الولاة، فأرسل له قائلا «قد كثر شاكوك وقل شاكروك، فإما اعتدلت وإما اعتزلت».
عبدالعزيز صباح الفضلي
كاتب كويتي
Alfadli-a@hotmail.com
لقد أثار إعجابي ما تم تداوله عبر وسائل الإعلام والمواقع الالكترونية حول أخلاق اليابانيين بعد الزلزال الذي أصابهم، فمن حيث الهدوء لا ترى مظاهر للأسى أو النواح، فقد سموا على أحزانهم، والناس وقفوا في طوابير محترمة للماء والمشتريات فلا كلمة جافة ولا تصرف جارحا، اشترى الناس فقط ما يحتاجونه للحاضر حتى يستطيع الكل الحصول على شيء، وبرغم هول الزلزال إلا أن اليابانيين تصرفوا بكل نظام فلا فوضى في المحال، ولا تعطيل للطرق، الكبار والصغار الكل يعرف ما الذي ينبغي فعله.
وإن أردت الحديث عن التضحية فيكفي أن تعلم أن خمسين عاملاً ظلوا في المفاعل النووي يضخون ماء البحر فيه حتى لا ينفجر، فكيف يمكن أن يكافأوا؟ ويقال ان المطاعم خفضت أسعارها، وأجهزة الصرف الآلي تُركت في حالها واهتم القوي بالضعيف.
ومن أعجب ما ذكر أنه عندما انقطعت الكهرباء في المحال أعاد الناس ما بأيديهم إلى الرفوف و مشوا بهدوء. إنهم حقاً يستحقون أن يطلق عليهم جمهورية اليابان الإسلامية ولكن بعد أن يقولوا لا إله إلا الله.
وزراؤنا ووزراؤهم
وبمناسبة تشكيل الحكومة الجديدة، والتي، الله أعلم كم ستستمر، مع أن تشكيلتها توحي بقصر عمرها، أود تذكير معالي الوزراء المحترمين، بأن المناصب تكليف لا تشريف، وأن من وجد في نفسه عجزاً عن تولي أمانتها، فليبادر بتقديم استقالته قبل إقالته، وحتى تبرأ ذمته أمام الله تعالى.
وأقول... لا تجعلوا الوزراء اليابانيين أفضل منكم، فهذا وزير الخارجية الياباني يقدم استقالته بسبب قبوله لهدية من أجنبي مقدارها 450 يورو أي ما يعادل 200 دينار تقريباً فلما اعترض عليه قدم استقالته، وهذا وزير الزراعة يقدم استقالته بسبب استيراد أرز ملوث، فماذا نقول حول أزمة اللحوم والأغذية الفاسدة عندنا؟ ووزير العدل يقدم استقالته بسبب زلة لسان أخرت تنفيذ ميزانية إضافية، ولو أردنا أن نحصي زلات اللسان لبعض الوزراء لاحتجنا لمجلدات، ومن أغرب الاستقالات والتي نهديها لوزير التربية الجديد والذي طالب بتأجيل التصويت على إقرار كادر المعلمين لمدة شهر، هي استقالة وزير التربية الياباني والذي قدمها ليس بسبب تستر إحدى الإدارات المدرسية على جرائم أخلاقية مورست ضد المتعلمين، ولا لتدني مستوى التعليم وضعف مخرجاته، وإنما بسبب تصوير إحدى القنوات التلفزيونية لمجموعة من الطلبة في نهاية العام الدراسي وهم يمزقون الكتب، وعندما سألتهم المذيعة عن السبب كان الجواب: ألا يجب أن نعبر عن ابتهاجنا بانتهاء السنة الدراسية المملة؟
هذه الإجابة أثارت ضجة كبيرة عند اليابانيين، واعتبرها بعض الباحثين أنها علامة على بداية النهاية للأمة والحضارة اليابانية، فما كان من وزير التربية إلا أن طالب بعقد جلسة عاجلة للحكومة والبرلمان، وأثناء الجلسة أبرز ورقة كتب فيها طلب استقالته من منصبه، معلناً تحمله نتائج هذه الكارثة قائلاً: لا أستحق أن أكون وزيراً في بلد يمزق فيه الطلاب كتبهم ضاحكين، وينفرون من المدارس إلى الإجازات فرحين.
ونختم بوصية عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما وصلته بعض الشكاوى من الرعية على أحد الولاة، فأرسل له قائلا «قد كثر شاكوك وقل شاكروك، فإما اعتدلت وإما اعتزلت».
عبدالعزيز صباح الفضلي
كاتب كويتي
Alfadli-a@hotmail.com